توقفت في آخر مقالين لي هنا عند العجز والشيخوخة، وأعلنت استنكاري لقول الشاعر إن «الشيب وقار»، فلو كان كذلك لما كانت جميع نساء الأرض و87% من رجالها يعملون على قمع الشيب وإخفائه باستخدام الأصباغ مع أن معظمها سام جدا، واليوم أزف البشرى بأن المستقبل القريب قد يشهد تأخير السن التي تظهر فيها أعراض العجز والشيخوخة، فقد اكتشف باحثون في جامعة يشيفا في نيويورك منطقة في المخ في حجم حبة اللوز تسمى هايبوثلاماس Hypothalamus تقوم مقام ما يسمى بالساعة الدماغية، وجاء في تقرير نشرته مجلة نيتشر Nature العلمية المحكمة، أن الهايبوثلاماس يطلق بروتين إن إف - كيه بي NF-KB الذي يتولى الغدر والفتك بالأنسجة لتبدأ التجاعيد وآلام المفاصل، وقام العلماء بإبطاء نشاط الهايبوثلاماس في الفئران فتأخرت الشيخوخة عندها وطال عمرها بنسبة 20% مقارنة بالفئران التي ظل ذلك البتاع يشتغل في دماغها على كيفه ومزاجه، ويقول بروفسر دونغشنغ كاي إن إبطاء نشاط الهايبو- زفت هذا عند الانسان سيؤدي على الأرجح إلى تأخر عوامل التعرية التي تعتبر بشائر (وإن شئت قل نُذُر) العجز والشيخوخة. قبل أيام قليلة قرأت حكاية العراقي الذي تزوج في نفس اليوم ونفس القاعة مع اثنين من أحفاده، فاستنتجت أن صاحبنا هذا لا يملك أساسا هايبوثلاماس في دماغه أو أنه كان يملكه، ولكنه تعطل بسبب الطاخ طراخ الذي ظل العراق مسرحا له منذ مطلع ثمانينيات القرن الماضي، ثم البوم بوووم الذي بدأ مع الغزو الأمريكي لبلاده في عام 2003 ويقال إن الأمريكيين استخدموا اليورانيوم المستنفد ضد من وقفوا في وجههم، ثم حقبة نوري المالكي التي شهدت استخدام جميع أنواع البيف باف ضد بني البشر والحجر والشجر والبقر كما فعل من قبل التتر. وبما أنني أتمنى لنفسي طول العمر من دون المرور بمرحلة العجز، فإنني أقترح على الباحثين الأمريكان هؤلاء أن يستأصلوا من دماغي الهايبوثلاماس من لغاليغه.. ما يلزمنيش.. فمن مهامه الأساسية إنتاج هورمونات النمو والتناسل والأيض Metabolism (التفاعلات الكيميائية داخل الخلايا في الكائنات الحية).. وأنا لا أريد النمو لأنني «شبعت نمواً»، وخلصت من موضوع التناسل وعندي ولله الحمد 4 عيال في كامل صحتهم، ولست من صنف ذلك العراقي الذي يتزوج يوم زواج أحفاده أو عياله، ولا حاجة بي إلى أيض أو بيض، لأن الهايبو بتاع هذا قام بواجبه في هذه المجالات على أكمل وجه وأشكره وأحمد الله على ذلك، وأريد أن أتخلص منه بشكل خاص لأنني لا أرغب في «النمو».. أنمو أروح وين؟ كل ما أريده وأتمناه هو أن أتفادى العجز والكعكعة وآآآخ.. آآآي.. أففف مع كل حركة والتفاتة، لأنني مثل صديقي غازي القصيبي رحمه الله: أخاف المنية لكنني/ أخاف الحياة مع العجز أكثر. وأنا شديد التفاؤل بأن عملية إبطاء عمل الخلية التي تتسبب في العجز والشيخوخة في البشر ستنجح معي ومع من هم على شاكلتي، لأنها نجحت مع الفئران. فهناك قواسم مشتركة كثيرة بين الفئران وكل من يعيش فيما يسمى بالعالم العربي: الإحساس الدائم بالخطر والتعرض المتواصل للمطاردة والضرب والقتل، والعيش معظم الوقت في جحور وأكل النفايات.. ومع هذا نظل نتناسل ونتكاثر.. وكما انتصر جرذان ليبيا على السبع الغضنفر معمر فسيأتي يوم نخرج فيه من جحورنا ونعيش طلقاء.. بس فكونا في الهايبوثلاماس من باب اللعب على المضمون. جعفر عباس [email protected]