*حين كنا نكتب عن قضية صاحبة ال(مس كول) مع الجزار تبرعت حكومتنا ب(20) ألف رأس من الخراف لحكومة (أخوها في الله) مرسي .. *وال(مس كول) من اللحمة - للذين لا يعلمون - هو ما دون ربع الكيلو .. *أي ما نمكن أن نطلق عليه (شمومة) لا ترقى لمستوى (الدواقة).. *وحين كنا نكتب عن احتجاجات معلمي الولايات مطالبةً بمتأخرات أجورهم تفضلت حكومتنا بمبلغ (10) ملايين دولار ل(اخوانهم في الله) جماعة حماس.. *وحين تكتب الآن موظفة ببنك الدم عن حالات أطفال (توجع القلب) ترسل حكومتنا (5) ألف زجاجة دم إلى غزة من جملة مساعدات طبية بملون دولار.. *ونحو مائة مريض - حسب الموظفة المذكورة - أُرجئت عملياتهم الجراحية بسبب نقص الدم هذا.. *وما بين هذا وذاك وتلك قصص (أليمة) لتبرعات تدفع بها حكومتنا نحو الخارج بعيداً عن الذين هم أحق بها في الداخل.. *بالله عليكم هل (عمركم) سمعتم بحكومة ينطبق عليها المثل القائل (أقرع ونزهي) أكثر من حكومتنا هذه ؟!.. *وفي مثل آخر - وكررناه حتى مللنا - (الزيت لو ما كفى أهل البيت يحرم على الجيران).. *وإن قالوا أنهم (بتوع تأصيل) - قادة حكومتنا - ولا تعنيهم أمثالنا الشعبية هذه في شيء نعطيهم من (التأصيل).. *ففي الحديث النبوي - رداً على أبي طلحة - (الأقربون أولى بالمعروف).. *ورب العزة نفسه - لمزيد من التأصيل - يقول في كتابه الكريم (قل ما أنفقتم من خير فللوالدين والأقربين).. *اللهم إلا إن كانت الإنقاذ ترى أن أفراد شعبها ليسوا من (الأقربين) وإنما هم ضيوف ثقلاء عليها.. *يعني لا البؤساء من أهل دارفور ولا جبال النوبة ولا النيل الأزرق ولا الشمال النوبي يستحقون التوجيه النبوي هذا .. *فقط سكان غزة و(اللي مش عاجبو من السودانيين أبواب السودان العربي المسلم تفوت جمل).. *وقد (فوتت) الجنوبين من قبل كيما تبقى (هُوية) البلاد غير ذات (دغمسة).. *قسماً بالله حار كاتب هذه السطور- ومثله كثيرون - في فهم عقلية جماعة الإنقاذ.. *وربما لن تزول الحيرة هذه إلا عبر تفسير نفساني علمي مثل الذي فسر به إريك فروم ظاهرة الاستكانة للطغاة لدى بعض الشعوب.. *فقد فسر عالم النفس الشهير - فروم - ظاهرة الخنوع هذه ب(الخوف من الحرية) قائلاً أنها من صفات (العبيد).. *يعني العبد الحقيقي هو الذي يعاني (رهاب الحرية) وليس كما يظن - وهماً - (مرضى) الاستعلاء العرقي.. *والغريبة أن النوع الثاني هذا من المرض هو الذي يمارسه تجاهنا بعض - ولا أقول كل - الذين تُغدق الإنقاذ عليهم من (حر مالنا) .. *تغدق عليهم باعتبارهم - ربما - أقرب إليها (عرقاً) من بني جنسها الذين هم أحوج إلى التبرعات هذه منهم.. *وهنا قد تكمن العلة (النفسية) لظاهرة كرم حكومتنا المبالغ فيه تجاه (الخارج) .. *أما تجاه (الداخل) فليس هناك سوى التهميش والتجويع والإفقار.. *و(حيرتونا بالجد) يا أهل الإنقاذ !!! بالمنطق - صلاح الدين عووضة صحيفة الأهرام اليوم