المريخ يتعادل أمام موهانجا سلبيا    رئيس الوزراء يهنئ المنتخب الوطني بفوزه على غينيا الاستوائية في بطولة الأمم الإفريقية    السودان..مسيرات في الشمالية والسلطات تكشف تفاصيل المداهمة    المذيعة والصحفية ملاذ ناجي تتلقى التهانئ والتبريكات من نجوم السوشيال ميديا بمناسبة عقد قرانها    شاهد بالصورة.. إعلامي مصري معروف يتغزل في تفاعل فتاة سودانية عقب نهاية مباراة صقور الجديان وغينيا: (الله على الجمال بكاء مشجعة سودانية بعد فوز المنتخب السوداني)    رونالدو يرفض الاعتزال قبل الوصول لهذا الرقم    افتتاح مركز ترخيص الركشات والتكاتك بقسم شرطة مرور الخرطوم جنوب    السودان..وزير الشؤون الدينية والأوقاف يصدر قرارات    5 أطعمة تخفف أعراض البرد في الشتاء    رياض محرز يقود الجزائر لتخطي بوركينا فاسو والتأهل لثمن نهائي أمم أفريقيا 2025    الحقيقة.. كرة القدم تجرّنا جرّاً    وصول محترفي سيد الأتيام والطاقم الفني المعاون إلى ودمدني إيذانا بمرحلة الحسم    القاهرة تحذر من بناء سدود جديدة على النيل: سنرد    ماذا يريد البرهان؟    رئيس الاتحاد السوداني ينعي الناظر طه فكي شيخ    فوز منتخبنا يعيد الثقة المفقودة في "كان المغرب 2025"    شاهد بالصور.. الرابر "سولجا" يقتحم مران المنتخب الوطني بالمغرب    رفيدة ياسين تكتب: دروس عام اختصر عمراً    شاهد بالفيديو.. تحسن أم استقرار أم تدهور؟ خبيرة التاروت المصرية بسنت يوسف تكشف عن مستقبل السودان في العام 2026    السودان يهزم غينيا الاستوائية وينعش حظوظه في التأهل    عثمان ميرغني يكتب: مفاجأة.. أرض الصومال..    الجامعة العربية: اعتراف إسرائيل ب"إقليم أرض الصومال" غير قانوني    الجزيرة .. ضبط 2460 رأس بنقو بقيمة 120 مليون جنيهاً    بنك السودان يدشن نظام الصادر والوارد الإلكتروني عبر منصة بلدنا في خطوة نحو التحول الرقمي    زيادة جديدة في الدولار الجمركي بالسودان    الصادق الرزيقي يكتب: البرهان وحديث انقرة    الوطن بين احداثيات عركي (بخاف) و(اضحكي)    السودان يعرب عن قلقه البالغ إزاء التطورات والإجراءات الاحادية التي قام بها المجلس الإنتقالي الجنوبي في محافظتي المهرة وحضرموت في اليمن    لميس الحديدي في منشورها الأول بعد الطلاق من عمرو أديب    شرطة ولاية القضارف تضع حدًا للنشاط الإجرامي لعصابة نهب بالمشروعات الزراعية    استخدام وسائل التواصل الاجتماعي وراء تزايد تشتت انتباه المراهقين    مشروبات تخفف الإمساك وتسهل حركة الأمعاء    منى أبو زيد يكتب: جرائم الظل في السودان والسلاح الحاسم في المعركة    «صقر» يقود رجلين إلى المحكمة    شرطة محلية بحري تنجح في فك طلاسم إختطاف طالب جامعي وتوقف (4) متهمين متورطين في البلاغ خلال 72ساعة    بالفيديو.. بعد هروب ومطاردة ليلاً.. شاهد لحظة قبض الشرطة السودانية على أكبر مروج لمخدر "الآيس" بأم درمان بعد كمين ناجح    كيف واجه القطاع المصرفي في السودان تحديات الحرب خلال 2025    إبراهيم شقلاوي يكتب: وحدة السدود تعيد الدولة إلى سؤال التنمية المؤجَّل    وحدة السدود تعيد الدولة إلى سؤال التنمية المؤجَّل    تراجع أسعار الذهب عقب موجة ارتفاع قياسية    وزير الداخلية التركي يكشف تفاصيل اختفاء طائرة رئيس أركان الجيش الليبي    شرطة ولاية نهر النيل تضبط كمية من المخدرات في عمليتين نوعيتين    الكابلي ووردي.. نفس الزول!!    استقالة مدير بنك شهير في السودان بعد أيام من تعيينه    كيف تكيف مستهلكو القهوة بالعالم مع موجة الغلاء؟    اكتشاف هجوم احتيالي يخترق حسابك على "واتسآب" دون أن تشعر    قبور مرعبة وخطيرة!    عزمي عبد الرازق يكتب: عودة لنظام (ACD).. محاولة اختراق السودان مستمرة!    مسيّرتان انتحاريتان للميليشيا في الخرطوم والقبض على المتّهمين    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (حديث نفس...)    الصحة الاتحادية تُشدد الرقابة بمطار بورتسودان لمواجهة خطر ماربورغ القادم من إثيوبيا    مقترح برلماني بريطاني: توفير مسار آمن لدخول السودانيين إلى بريطانيا بسهولة    الشتاء واكتئاب حواء الموسمي    عثمان ميرغني يكتب: تصريحات ترامب المفاجئة ..    "كرتي والكلاب".. ومأساة شعب!    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عقدة اللون الأبيض في (السودان)!
نشر في النيلين يوم 28 - 10 - 2015

في طريقي إلى الخرطوم من كوبر مررت على عدد من محال التجميل أو قل الكوافير التي تجمع كلها على تعميق عقدة النقص والهزيمة النفسية لدى الإنسان السوداني وبتركيز أكبر على المرأة السودانية التي ترسخت في نفوس معظم بنات جنسها خاصة في المدن أن لونهن الذي خلقن به منقصة وعيب خلقي ينبغي أن يتخلصن منه بكريمات التجميل التي لو رصد ما يصرف عليها لربما تجاوز المليارات من الدولارات ..عقدة لا أراها في الأمريكان السود رجالاً ونساءً ولا في الدول الأفريقية ولا في كل العالم، أما هنا في بلاد تمتشق اللون الأسود (السودان) للتعبير عن اسمها فحدث ولا حرج!.
واجهات محال الكوافير كلها تقريباً تُجمع على وضع صور لنساء أجنبيات بيض البشرة بل أن الأسواق وبيوت الأزياء والمحال التجارية وصوالين الحلاقة كلها تركز على وضع صور نساء أو رجال بيض الوجوه والبشرة كرمز للجمال يسعى من نصبوها أمام محالهم – دروا أو لم يدروا – على ترسيخ مفهوم أن اللون الأسود عار وعيب خلقي ينبغي التخلص منه.
الأدهى والأمر أن الصحافة السودانية والقنوات الفضائية جميعها باتت جزءاً من ناشري ثقافة ترسيخ عقدة اللون الأبيض، فلا توجد مذيعة سوداء أو سمراء سواء بلونها الطبيعي أو المصنوع بالحقن أو الكريمات، وبات التصدي لتلك العقدة التي فشت وعمت حتى استسلم لها المجتمع وجعلها سلوكاً عاماً ينبغي أن يقتفي ضربا من المستحيلات.
صحافتنا مفتونة بصور المغنيات والممثلات اللبنانيات والمصريات والأمريكيات البيض والشقراوات، والأدهى والأمر أن الصفحات الفنية تمتلئ بأخبار أولئك الفنانات، وأصبحت قصة الفنانة المصرية (زينة) وصورتها بزيها الفاضح وطليقها أحمد عز مقرراً ثابتاً لا يكاد يغيب من صحافتنا (السياسية)!، في يوم من الأيام وما إذا كان الطفل الذي أنجبته تلك المرأة هو ابن طليقها كما تدعي أم أنه ابن رجل آخر كما يزعم هو، وتتابع صحافتنا بشغف بالغ تطورات القضية في مراحل التقاضي المختلفة وكأن زينة هذه خديجة بنت خويلد أو عائشة بنت أبي بكر أو مهيرة بت عبود أو رابحة الكنانية أو بنونة بت المك نمر أو امرأة من اللائي حفرن سيرتهن في وجدان هذا الشعب الأبي الكريم .
لطالما سألت الصحف التي تتبارى في ترسيخ عقدة النقص لدى إنسان السودان ..هل حدث أن نشرت إحدى الصحف العربية في مصر أو لبنان مثلا خبراً أو صورة لمحمد وردي أو عثمان حسين أو ندى القلعة أو صلاح بن البادية مثلا أو غيرهم؟
كل المجتمع بمؤسساته الثقافية والإعلامية والتجارية يتبارى في منافسة أو مسابقة حرة لهدم اعتزاز السوداني بلونه، وعندما كتبت سلسلة مقالات بعنوان (ديل أهلي) كنت أحاول أن أسهم في بناء مشاعر العزة في الإنسان السوداني ذلك أن الإنسان الذليل المنكسر لا يكون قائداً وزعيماً ولن يحدث نهضة أو يضع لنفسه أو أمته مكاناً تحت الشمس، وقد هزتني بحق الصورة المشرفة التي رسمها السودانيون بين الشعوب الأخرى في مواطن كثيرة لفتت الانتباه إلى تفرده في عالم القيم والأخلاق.
من كتبوا منبهرين بتفرد إنسان السودان عقب حادث مشعر منى خلال الحج الأخير لم يثنهم اللون الأسود الذي يحمله أبناء السودان عن الإشادة والانبهار بتلك الأخلاق الرفيعة التي فرضت نفسها على الناس أجمعين، وما كان اللون معياراً لتقديم الناس عند الله رب العالمين أو إدخالهم الجنة أو استنقاذهم من النار يوم الحساب، فلماذا نعمد إلى ترسيخ عقدة الدونية لدى أبناء شعبنا؟.
في أيام سيادة الإسلام على العالم ما كان الشاعر الكبير ابن زيدون يتغزل في شقراوات رعاياهم من الإسبانيات والأوربيات إنما كان يشبب بولادة بنت المستكفي وكان رمز الجمال ومقاييسه مجسدة في اللون الحنطي والشعر الأسود وكانت مقاييس الجمال عربية، وهكذا هي الدنيا ترفع من ارتفعت دولته وأمته حضارياً وتخفض من انخفض وانحطت مكانته ببن الأمم ومن سوء حظنا أننا ولدنا والمسلمون في العالم والسودان خاصة يقبع في القاع.
دعوت شابا فلسطينيا زائرا في فندق كورنثيا في أفطار رمضاني قبل سنوات ففاجأني بسؤال ..لماذا كل النساء ألوانهن فاتحة بينما الرجال معظمهم سمر الألوان ؟ لم أخدعه حين أجبت بأن النساء يستخدمن كريم تفتيح البشرة!.
أعجب أن ميثاق الشرف الصحفي مثلا يتغافل عن هذه الأمور القيمية بالرغم من أنها مرتبطة بالتربية الوطنية وكذلك الحال بالنسبة لبرامج الفضائيات وبالمناهج التعليمية التي لا تأبه كثيراً لقضية زرع الشعور بالعزة لدى المواطنين ومكافحة كل ما يخدش الكرامة ويكرس عقدة النقص لدى إنسان السودان.
أذكر انه قبل نحو عشرين عاما ، وكنت حينها أدير التلفزيون القومي جاءني الأخ مدني محمد عمر الذي كان وقتها على رأس إدارة الإنتاج التجاري لينبهني إلى إعلان تلفزيوني يتحدث عن كريم (تبييض) البشرة فأوقفناه تماما إلى أن عدل ولكن كانت العبارة البديلة (تفتيح) ولا أظن إننا فعلنا شيئا ذا بال رغم أن العبارة الجديدة أفضل من سابقتها!.
الحديث ذو شجون ويحتاج إلى تداول وإلى انتباه من كل أجهزة الدولة والمجتمع، فهلا التفتنا إليه باعتباره قضية وطنية تستحق النظر؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.