تحرك صيني ومصري لمواجهة إسرائيل بالصومال    تمديد فتح معبر أدري على الحدود السودانية التشادية أمام المعونات الإنسانية    قرارات لجنة الاستئنافات برئاسة عبد الرحمن صالح في طلب فحص القوز ابو حمد وإستئناف الصفاء الابيض    هلال كريمة يفتتح تجاربه بالفوز على أمل الدويم    رئيس القوز ابوحمد : نرفض الظلم المقنّن ولن نتراجع عن حقنا    دليل الرجل الذكي في نفي تهمة العمالة    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (اللغم يتكتك)    شاهد بالفيديو.. ناشط المليشيا الشهير عبد المنعم الربيع يفجرها داوية: (خالد سلك هو من أشعل الحرب بين الجيش والدعم السريع وليهو حق ياسر العطا يسميكم "أم كعوكات")    سلفاكير يؤكد على أهمية استمرار تدفق النفط من حقل هجليج    إنشاء مسالخ ومجازر حديثة لإنتاج وتصنيع اللحوم بين مصر والسودان وزيادة التبادل التجاري بين البلدين    رحيل ضابط بالجيش السوداني في القاهرة    مجلس الوزراء يجيز بالإجماع الموازنة الطارئة للدولة للعام المالي 2026    شاهد بالصورة والفيديو.. مطربة سودانية تشعل حفل غنائي بوصلة رقص فاضحة بمؤخرتها وتصرخ: "بنحب الركوب العالي" والجمهور: (النظام العام ما بنفع مع القونات جيبوا ليهم القوات الخاصة)    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناوات الوطن العربي من "اليمن وسوريا ولبنان وتونس" يتنافسن على ترديد الأغنية السودانية الترند "بقى ليك بمبي" وساخرون: (شكله متحور جديد زي الليلة بالليل نمشي شارع النيل)    محافظ بنك السودان المركزي : انتقال الجهاز المصرفي من مرحلة الصمود الي التعافي والاستقرار    شاهد بالصورة.. ظهرت بفستان فاضح.. مودل سودانية تشعل مواقع التواصل بإطلالة مثيرة للجدل    الخارجية الإماراتية: نرفض الزج باسم الإمارات في التوتر الحاصل بين الأطراف اليمنية    نجم برشلونة يتصدر قائمة الأغلى في العالم 2025    القوات الجوية السعودية تستهدف شحنة أسلحة إماراتية في ميناء المكلا كانت متجهة للانفصاليين    لماذا تجد صعوبة في ترك السرير عند الاستيقاظ؟    بعد تأهل صقور الجديان للدور الستة عشر في البطولة الافريقية إبياه: تحررنا من كل الضغوط    والي ولاية غرب كردفان ومدير شرطة الولاية يشهدان تخريج دورة حرب المدن لمنسوبي الشرطة بالولاية    عبده فايد يكتب: تطور تاريخي..السعودية تقصف شحنات أسلحة إماراتية علنًا..    إنشاء مطار جديد في الخرطوم    التحالف: نفذنا ضربة جوية استهدفت دعما عسكريا خارجيا بميناء المكلا    الفنّانُ الحق هو القادر على التعبيرِ عن ذاتِه بما لا يخرج عن حدود خالقه    الخرطوم .. افتتاح مكتب ترخيص الركشات    السودان..مسيرات في الشمالية والسلطات تكشف تفاصيل المداهمة    رئيس الوزراء يهنئ المنتخب الوطني بفوزه على غينيا الاستوائية في بطولة الأمم الإفريقية    رونالدو يرفض الاعتزال قبل الوصول لهذا الرقم    5 أطعمة تخفف أعراض البرد في الشتاء    الحقيقة.. كرة القدم تجرّنا جرّاً    رئيس الاتحاد السوداني ينعي الناظر طه فكي شيخ    الجامعة العربية: اعتراف إسرائيل ب"إقليم أرض الصومال" غير قانوني    الجزيرة .. ضبط 2460 رأس بنقو بقيمة 120 مليون جنيهاً    الوطن بين احداثيات عركي (بخاف) و(اضحكي)    السودان يعرب عن قلقه البالغ إزاء التطورات والإجراءات الاحادية التي قام بها المجلس الإنتقالي الجنوبي في محافظتي المهرة وحضرموت في اليمن    لميس الحديدي في منشورها الأول بعد الطلاق من عمرو أديب    شرطة ولاية القضارف تضع حدًا للنشاط الإجرامي لعصابة نهب بالمشروعات الزراعية    مشروبات تخفف الإمساك وتسهل حركة الأمعاء    منى أبو زيد يكتب: جرائم الظل في السودان والسلاح الحاسم في المعركة    شرطة محلية بحري تنجح في فك طلاسم إختطاف طالب جامعي وتوقف (4) متهمين متورطين في البلاغ خلال 72ساعة    «صقر» يقود رجلين إلى المحكمة    كيف واجه القطاع المصرفي في السودان تحديات الحرب خلال 2025    إبراهيم شقلاوي يكتب: وحدة السدود تعيد الدولة إلى سؤال التنمية المؤجَّل    شرطة ولاية نهر النيل تضبط كمية من المخدرات في عمليتين نوعيتين    استقالة مدير بنك شهير في السودان بعد أيام من تعيينه    كيف تكيف مستهلكو القهوة بالعالم مع موجة الغلاء؟    قبور مرعبة وخطيرة!    عزمي عبد الرازق يكتب: عودة لنظام (ACD).. محاولة اختراق السودان مستمرة!    مسيّرتان انتحاريتان للميليشيا في الخرطوم والقبض على المتّهمين    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (حديث نفس...)    الصحة الاتحادية تُشدد الرقابة بمطار بورتسودان لمواجهة خطر ماربورغ القادم من إثيوبيا    الشتاء واكتئاب حواء الموسمي    "كرتي والكلاب".. ومأساة شعب!    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من معالم منهج السلف الصالح .. الحكمة في الدعوة إلى الله
نشر في النيلين يوم 14 - 08 - 2016


الحكمة في الدعوة إلى الله من أهم الصفات التي يجب على الداعية أن يتحلى بها، فإن الناس يتفاوتون وإن المواقف لتتباين، والداعية يتعامل مع أشخاص أحوالهم مختلفة ومتفاوتة .. فوجب عليه حتى يحقق مقاصد وأهداف الدعوة إلى الله تعالى أن يكون حكيماً، ونحمد الله تعالى أن بلادنا سعدت وتسعد بانتشار كبير للدعوة إلى الله تعالى في المدن والقرى وفي البوادي وفي الأسواق وغيرها بتفاني الدعاة إلى الله تعالى على بصيرة، فتعلّم الناس أصول دينهم ومبادئه وتعلموا العبادات الواجبة والمستحبة، واجتنبوا طرق الضلال والانحراف بعد ما تم تبصيرهم بالحق بأدلته، إنهم الدعاة الذين ساروا على هدي النبي محمد عليه الصلاة والسلام وساروا على طريق السلف الصالح أصحاب القرون الثلاثة المفضلة .. وتحلّوا بالحكمة في دعوتهم . ولهم ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم القدوة الحسنة، فقد كان النبي عليه الصلاة والسلام حكيماً وهو عليه الصلاة والسلام إمام الحكماء، والحكمة لا بد منها في الدعوة إلى الله وفي سائر أمر الإنسان، قال الله تعالى :(ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن) . وتعرف الحكمة بأنها وضع الشيء في موضعه، فهي فعل ما ينبغي في الوقت الذي ينبغي بالطريقة التي تنبغي . وقد كان عليه الصلاة والسلام أحكم الناس وحكمته عرفت عنه قبل البعثة، ومن شواهد ذلك قصة بناء الكعبة في الجاهلية واختلافهم في وضع الحجر الأسود، فقد حكموه ورضوا بحكمه فحكم في الأمر بالحكمة وعالجه علاج الحكماء، فأمر بوضعه في ثوب ثم ليمسك كل من يمثل قبيلة من طرف فحملوه جميعاً حتى وضعه عليه الصلاة والسلام بيده الشريفة في موضعه . فكم من شخص حقق خيراً كثيراً بحكمته، وكم من إنسان أضاع خيراً كثيراً بسبب فقد الحكمة، وكم من الناس من أضروا بأنفسهم وأهلهم ومجتمعاتهم بسبب فقد الحكمة (يؤتي الحكمة من يشاء ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيراً كثيراً) ومن الأمثلة على حكمته : أنه عليه الصلاة والسلام قال لعائشة : (لولا أن قومك حديثو عهد بجاهلية لهدمت الكعبة ولبنيتها على قواعد إبراهيم ولجعلت لها بابين باب يدخل منه الناس وباب يخرجون منه) . هذا هو البناء الصحيح الذي بني عليه إبراهيم عليه السلام الكعبة، وهو أمر أحب إليه عليه الصلاة والسلام وأراد أن يفعله ولكنه لم يفعله مراعاة لأن أهل قريش والمسلمين حديثاً سيقولون : إن محمداً أراد أن يتشرف بذلك بسبب قرب عهدهم بالإسلام. ومن الحكمة أيضاً أنه كان يتعامل مع المدعوين على حسب أحوالهم . فقد هجر الثلاثة الذين خلفوا (كعب بن مالك ومرارة بن الربيع وهلال بن امية) وهم من الصحابة الكرام رضي الله عنهم، وفوائد ذلك كثيرة جاءت في الحديث. وفي المقابل فإنه ترك المنافقين وقَبل أعذارهم الظاهرة أما الثلاثة المؤمنون فوبخهم وعاتبهم وهجرهم بل أمرهم أن يفارقوا زوجاتهم ومنع الناس من أن يكلموهم حتى نزلت توبة الله أرحم الراحمين عليهم . وأثر هذا الفعل من النبي صلى عليه وسلم والصحابة على الثلاثة تحققت به مصالح كثيرة، فكان مقتضى الحكمة، ودروسه كثيرة . ولما وجد عليه الصلاة والسلام رجلاً يلبس خاتماً من ذهب أخذه ورماه في الأرض وداسه بقدمه صلى الله عليه وسلم وقال:( يعمد أحدكم إلى جمرة من نار فيجعلها في يده ..) وقد رأى أن هذا الشخص يناسبه هذا الأسلوب ويتحمله وهو علاج له . ولذلك قيل لهذا الرجل خذه وانتفع به أي الخاتم فقال:( والله ما آخذ شيئاً وضعه النبي صلى الله عليه وسلم تحت قدمه)5 . وفي المقابل نرى في قصة الرجل الذي بال في المسجد وأراد الصحابة أن يضربوه فأمرهم بأن يدعوه ويريقوا على بوله ماءً، ثم وضح وبين له الحكم الشرعي بأن هذا مكان صلاة وتسبيح فتعجَّب الصحابة . إن هذا الرجل كان سيتضرر إذا قطع بوله وربما يتحول إلى مكان آخر فتتحول النجاسة إلى مكان آخر، وهو ليس له معرفة بالحكم في ذلك . وقد عدّد بعض أهل العلم مظاهر حكمة النبي عليه الصلاة والسلام في هذا الحديث فذكروا عدة مظاهر، وكان لأثر ذلك أنه قال :(اللهم ارحمني ومحمداً ولا ترحم معنا أحداً) . وحكمة النبي صلى الله عليه وسلم نماذجها كثيرة جداً جمعت في مؤلفات، والناس عموماً والدعاة إلى الله خصوصاً بحاجة إلى أن يقفوا عليها، ويستنيروا بها في طريقهم في الدعوة إلى الله تعالى . ومن حكمة النبي عليه الصلاة والسلام أنه كان يراعي مشاعر وأحوال المدعوين وهذا جانب مهم للداعية: مراعاة نفسياتهم وذلك يترتب على التعرف على المدعوين، فكان عليه الصلاة والسلام يعلم أحوال من يدعوهم وبناء على ذلك يراعي نفسياتهم، فالغاية العظمى والمبدأ الأساسي للدعوة إلى الله هو الهداية وأن يسلك المدعو الطريق المستقيم، هذا المقصد هو أعظم مقاصد وغايات الدعوة إلى الله . فطالما هذا هو المقصد الأكبر في الدعوة كان على الداعية أن يبحث عن هداة من يدعوهم إلى الله ويستغل الوسائل والأساليب الشرعية التي يتحقق بها ذلك بتوفيق الله تعالى. ومن مظاهر ذلك أيضاً أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطى بعد حنين رجلاً غنماً بين جبلين ولم يكن مسلماً؟ لعلمه عليه الصلاة والسلام أن هذا التصرف يجدي معه بتوفيق الله تعالى وبالفعل فإن الرجل قد ذهب إلى قومه وقال :(يا قوم اسلموا فإن محمداً يعطي عطاء من لا يخشى الفقر) ، فكان هذا الأثر المبارك من ثمار الحكمة النبوية التي يجب على الدعاة إلى الله أن يتعلموها ويجمعوا نماذجها وأمثلتها حتى تكون دعوتهم نافعة يبارك الله تعالى فيها. وفي مقابل المثال السابق فإنه عليه الصلاة والسلام لما خلص من حنين وقسم الغنائم لم يعط الأنصار منها ووزعها على أقوام دخلوا الإسلام حديثاً فوجد الأنصار في أنفسهم ما وجدوا وقال بعضهم: خص قومه بذلك، فصارحهم عليه الصلاة والسلام وقال :(لو لا الهجرة لكنت امرءاً من الأنصار ولو سلك الناس وادياً وشعباً لسلكت وادي الأنصار وشعبها…ثم قال لهم أما ترضون أن يرجع الناس بالشاة والبعير وترجعون برسول الله تحوزونه إلى رحالكم؟! …) الحديث، وهو حديث طويل فيه فوائد عظيمة، فإن النبي صلى الله عليه وسلم وكل الأنصار إلى إيمانهم الذي عرفه عنهم وبين لهم أنه تألف أولئك بشيء من حطام الدنيا . فهو يعلم أن الأنصار ذوو إيمان وذوو نصرة، فكان فعله عليه الصلاة والسلام من مقتضى الحكمة التي بنيت على معرفة بمن أعطاهم وبمن لم يعطهم، فينبغي معرفة حال المدعو ومن يقدم له النصح والإرشاد. ولو تأملنا هذه الصراحة نفسها في مخاطبة النبي للأنصار وقولهم له لوجدنا أنها من الحكمة، فإن كثيرين يضمرون في أنفسهم أموراً عظيمة وتترتب عليها آثار خطيرة، وكان يمكنهم علاج الأمور بالصراحة والوضوح مع إخوانهم أو الآخرين، ولكنهم يؤثرون عدم الصراحة وكما يقال في عاميتنا (يدمدمون الأمور) حتى إذا جاء وقت علاجها استعصى الأمر على حكماء الزمان، ولا يخفى أن طبيعة المجتمع الذي تكثر فيه المجاملات، ويبني كثير من أفراده مواقفهم على العاطفة كحال مجتمعنا، فإنه تكثر فيه مظاهر ترك الوضوح والصراحة فيكثر الأثر السيئ من ترك ذلك. *ومن هذه النماذج وغيرها يتضح أن الحكمة تكون في الإعطاء وتكون مع آخرين بالمنع، كما أن الحكمة تكون في اللين والرفق وإن الله يعطي على الرفق ما لا يعطي على غيره كما جاء في الحديث، وقد تكون في غير الرفق من الشدة والغلظة عند من يكون ذلك هو الأجدى والأنفع معه من المدعوين لأجل هدايته، ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيراً كثيراً ..ونأسف أن بعض الناس قد نصّبوا أنفسهم دعاة إلى الله إلا أنهم يفتقدون الحكمة وهذا صنف قليل من الظلم أن يعمّم على بقية الدعاة الذين يقومون بواجب عظيم في توعية المجتمع وهدايته ومدافعة الباطل بأنواعه، ونصيحة لهذا الصنف أن يعتنوا بالتحقق بالحكمة وحمل النفس عليها والاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم وأتباعه ممن ساروا على سبيله، أسأل الله الهداية للجميع ..

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.