شائعات عديدة سيطرت على المشهد طيلة الأسبوع الماضي متزامنة مع التظاهرات والاحتجاجات التي عمت مدن سودانية، بسبب انعدام الخبز والوقود والمواصلات والسيولة النقدية والدواء وتزايد أسعار السلع الضرورية وانعدامها أو ندرتها، لتثير تلك الشائعات مخاوفاً وهلعاًَ غير محدود في الأوساط الاجتماعية، في ظل غياب معلومات رسمية موثوقة ليزداد المشهد غموضاً. تفسير الشائعات بحسب خبراء علم النفس السياسي، فإن الشائعات تكثر عادة عندما يكون هناك شعور بعدم الاستقرار، أو أنها تحدث بغرض أو أجندة، لدى وقوع بعض الأحداث لصالح جهات بعينها تطلقها لخدمة بعض أهدافها. وبرزت الشائعات بشكل دولي وتم التوسع في استخدامها إبان الحرب العالمية الثانية من قبل وزير الإعلام الألماني جوبلز، ووقتها تم اعتمادها كواحدة من وسائل الحرب المشروعة وتصنف بحسب العلوم المتخصصة في هذا المجال بحسب متابعات (السوداني) إلى دعاية سوداء وهي التي تركز على سلبيات الطرف الآخر وإبراز مساوئه، وأخرى رمادية تلك التي تعتمد على بعض الحقائق بإضافة بعض التفسيرات والتأويلات والأكاذيب، وأخيراً البيضاء التي تعتمد على إبراز محاسن طرف من الأطراف وإيجابياته بهدف تلميعه. تشكيل رأي الخبير المختص في مجال الشائعات بدر الدين ميرغني يذهب في حديثه ل(السوداني) أمس، أن المصدر في الشائعة يكون إما معلوماً يسعى لتحقيق أهداف خاصة يود تحقيقها أو غير معلوم. مشيراً إلى أن الشائعات دائماً تنمو وتتكاثف في ظل الأزمات أو النزاعات؛ حيث تطلق الشائعات جزافاً خاصة عبر مواقع (السوشيال ميديا)، منوهاً إلى أنها في هذه الحالة تهدف لخلق رأي عام حول قضية معينة أو تشكيل رأي عام. مؤكداً أنه حال لم يكن هناك إعلام قوي يكون مثل هذا النوع من الشائعات واسع الانتشار بالتالي فإن المقابل للشائعات وجود إعلام إيجابي عبر مؤسسات الدولة الإعلامية الرسمية، لدحض الشائعات وعكس الحقائق بشفافية. أبرز الشائعات أبرز الشائعات التي اكتنفت البلاد الأيام الماضية، تلك التي سخر منها رئيس الجمهورية بنفسه لدى مخاطبته جماهير ولاية الجزيرة أمس وتتحدث عن إلقاء القبض عليه وسجنه، وقال: أنا الآن موجود وسطكم، متوعداً بملاحقة مطلقي الشائعات. الرئيس البشير كان هدفاً لشائعة أخرى متزامنة مع احتجاجات مدينة عطبرة؛ حيث سرت شائعة ليلتها بمغادرة رئيس الجمهورية إلى خارج البلاد، واتضح فيما بعد أنها شائعة حيث ظهر الرئيس البشير في صلاة الجمعة بمجمع النور الإسلامي، كما شهد عقد قران (6) زيجات، وغادر بعدها لمناسبة اجتماعية أخرى، وكان وكيلاً في عقد القران وظهر الرئيس البشير في فيديو مصور داخل المناسبة أثناء إجراء مراسم العقد. شائعة ثالثة لم تخرج عن حيز الرئاسة ولكنها استهدفت هذه المرة النائب الأول الفريق أول بكري حسن صالح، وتحدثت عن إصابته، وهو ما نفاه مساعد رئيس الجمهورية نائب رئيس المؤتمر الوطني د. فيصل حسن إبراهيم، مؤكداً في تصريحات أن الرئيس مصاب وبكري في المستشفى تلك أمانيهم. في وقت ظل يباشر فيه النائب الأول مهامه السيادية على نحو معتاد وقد أظهرت صور بثها إعلام القصر الجمهوري اجتماعاً مع والي غرب كردفان عجب الفيا، حيث جرى اللقاء بمكتب النائب الأول للوقوف على الأوضاع الأمنية والخدمية بالولاية. أخطر الشائعات التي مست عصب الاستقرار في البلاد، دارت حول خلافات حادة بين مدير جهاز الأمن والمخابرات الفريق أول صلاح قوش وقادة القوات المسلحة، وبحسب الشائعة فإن الخلاف كان حول عدد سنوات الفترة الانتقالية. خطورة الشائعة تمثل أنها تزامنت مع حدثين مهمين في المؤسسة الأمنية والعسكرية بالبلاد، الأول انعقاد اجتماع اللجنة الأمنية التي تضم الجيش والأمن والشرطة والدعم السريع، وأكد فيها المجتمعون العمل الموحد لمواجهة المخاطر التي تحيط بالبلاد. أما الحدث الثاني فكان اجتماع هيئة أركان الجيش وكبار القادة، وبحسب خبر رسمي للقوات المسلحة، فإنه تم تنوير موسع لقادة الجيش بتطورات الأحداث الأخيرة بالبلاد، ليكون بيان الجيش التفافه حول قيادته. بجانب شائعة خامسة تحدثت عن هبوط طائرات قطرية وتركية لنقل أبناء وأسر كبار المسؤولين بالحكومة والمؤتمر الوطني إلى تركيا وماليزيا بعد سقوط الحكومة على يد الثوار. أما الشائعة السادسة فدارت حول اقتراب قوات مني أركو مناوي من مدينة أم درمان. أما أطرف الشائعات فكانت السابعة، وسرت عقب تسريب خطاب معنوان باسم رئاسة الجمهورية يتحدث عن توزيع السلاح وحوافز لقوات الأمن، بيد أن الخطاب لم يكتسب مصداقية لجهة أنه مذيل بتوقيع ب. أحمد علي الإمام الذي كان يشغل منصب مستشار رئيس الجمهورية لشؤون التأصيل في وقت سابق، ليسارع نائب رئيس الحركة الشعبية قطاع الشمال ياسر عرمان لنفي صحة الخطاب، وقال في مداخلات بمواقع أخرى إن الخطاب غير صحيح لأن أحمد علي الإمام توفي منذ عام 2012م وعدها عرمان محاولات مضادة لضرب مصداقية الناشطين. كذلك كان من أبرز الشائعات التي تم تداولها الأسبوع الماضي وعلى نطاق واسع تلك المصحوبة بأعداد قتلى وجرحى في أماكن تبين أنها لم تكن بها أي تظاهرات أو أنشطة تخريبية.