قلت: يا صديقي، إن حكومة حمدوك "تحتضر" وحاضنتها السياسية "قحت" كذلك! قال: لييه كده! ما يكون حكمك ده نتاج " احباط " فقد كنت ترى في حمدوك يوم أن جاء فرصة . قلت ضاحكا: أبدا لست محبطا ..هذا واقع يراه من يراقب ويتابع .. حمدوك وحاضنته ضاعوا عن الطريق بسبب قلة الوعي بضرورات تحكم ظروف الأنتقال السياسي وأضيف ليك من شعر تقديراتي السياسية بيت .. قال: هات ما عندك. قلت: وضع د. حمدوك ليس بأفضل من وضع الرئيس البشير في آخريات أيام حكمه./ قال مندهشا: كيف يعني؟! قلت: 1/ البشير كانت حاضنته السياسية منقسمة وكذلك حمدوك .. 2/ البشير كان "مخنوق" اقتصاديا، و"عاجز" عن اجتراح حلول صعبة بسبب الخوف من سخط الشارع .. وكذلك حمدوك. 3/ البشير لم يكن على اتفاق مع داعميه الإقليميين .. وكذلك حمدوك … ومشكلة البشير مع الخليج كان بسبب حاضنته السياسية (الإسلاميين) … وكذلك حمدوك ولكن بسبب حاضنته (اليسارية)! قال: هناك فرق مهم، وهو أن البشير كان يحاصره الشارع. قلت: وكذلك سيفعل الشارع مع حمدوك إن زاد عليه ضغط المعاش .. وعمليا نستطيع أن نقول إن شعبية حمدوك قد تراجعت .. وتذكر، وأرجو ألا تنسى، أن شعبية البشير تآكلت بسبب السياسات والأوضاع الاقتصادية … وبالتالي الشارع ليس شيكا على بياض للسياسى .. ولا يمكن وضعه في ثلاجة … خاصة في مثل ظروفنا وأوضاعنا الصعبة. قال: رغم هذه الأسباب هل نستطيع أن تقول إن حكومته تحتضر .. وقحت كذلك؟ قلت: لا تغرنك المظاهر والأسافير .. من يتابع المشهد يدرك أنها النهايات .. لم تحسن قحت استغلال الفرصة التاريخية الاستثنائية بعد حداشر أبريل .. ربما السقوط السريع للبشير أربكهم، ثم الطمع في التكويش ومحاولة هرس خصومهم التاريخيين وخيانة شعار الشارع الشهير (حرية سلام وعدالة). ثم يا صديقي، قحت جسم يصلح للمعارضة وليس للحكم .. مهلهل، ومنقسم، ويغلي بالخلاف.. وعمليا ينتظر إعلان الوفاة .. ومعظمهم يخشى على نفسه من صندوق الانتخابات لذا يصعب عليهم مساندة سياسات حمدوك الاقتصادية المستجيبة لروشتة الصناديق الدولية. قال: وحمدوك،؟ قلت: الرجل مظلوم .. لم يقل إنه غاندي أو مهاتير ..فجأة وجد حاضنته السياسية بغرض التكسب السياسي تصنع منه المخلص والمنقذ والأسطورة، ويتم مداعبة الشباب بهذه الصورة المبهرة والتي لا علاقة لها بالحقيقة. د. حمدوك موظف أممي نعم .. بيتكلم إنجليزي كويس نعم .. لكنه رجل بلا خبرة لإدارة بلد مأزومة ومنقسمة وغير صبورة. والرجل وقع كذلك تحت سيطرة "شلة" ضيقة سيطرت على مكتبه ومنافذ سمعه وبصره .. وتسنده حاضنة سياسية مترددة ومنقسمة ..مع تجربة محدودة لا تصلح إلا في أوضاع مستقرة وغرف باردة .. ولهذا لن ينجح الرجل مع الأسف في صناعة اختراق حقيقي يخرجنا من عنق زجاجة الراهن، ولا في اجتراح طريق نحو المستقبل. قال: طيب والحل؟! قلت: لو متفقين على التشخيص والتوصيف للحالة نمشي بعدها للحل .. لكن ولأن حديث الحل من وجهة نظري يطول ويأتي تحت عنوان (العودة لمنصة التأسيس) دعنا نعود إليه مرة أخرى بمشيئة الله.