يتساءل الناس هذه الايام عن كثرة الموت، وسائل التواصل الاجتماعي تحتشد بالوفيات، الموت يحصد ارواح السودانيين ويصبح مثلما قال نزار ( في فنجان قهوتنا وفي ازهار شرفتنا وفي ورق الجرائد في الحروف الابجدية)، كثرت التساؤلات عن الأسباب الحقيقية لتزايد أعداد الموتى في بلادي، نعم هو حق على الجميع (وما كان لنفس ان تموت الا باذن الله كتابا مؤجلا ومن يرد ثواب الدنيا نؤته منها ومن يرد ثواب الاخرة نؤته منها وسنجزي الشاكرين)، نسأل الله الرحمة للمتوفين والسلامة للاحياء، ولكن التوقف على أسباب الوفاة أمر مطلوب حتي نعقلها جيدا قبل ان نتوكل علي الله. ربما يقول قائل إن (الكورونا) سبب اساسي في كثرة الوفيات فقد تنوعت أعراضها وتعددت مفاجاتها في موجتها الثانية علي نحو متوقع جراء كثير من التحذيرات التي صنفتها كقاتل اول ، ولكن هل كل الوفيات في الآونة الأخيرة ناتجة عن( وباء كورونا). قرات قبل اشهر احصائية لوزارة الصحة بولاية الخرطوم تقول ان مرتادي المستشفيات جراء الاصابة بكورونا لا يتجاوز ال 10% . نعم 90% يرتادون المستشفيات لأسباب اخري منها الأمراض المزمنة الضغط والسكري والسرطانات وما تجره من مضاعفات ترتبط بالجلطات والذبحات والسكتات الدماغية والفشل الكلوي. الاحصائية التي ذكرت كانت في موجة الكورونا الاولي، الان الجهات الصحية المختصة عاجزة عن تحديد أسباب تنامي أعداد الوفيات جراء كورونا وبسبب الامراض الاخري، الوضع جد خطير بيد أننا لا نستشعر ان الأجسام المسؤولة عن صحة المواطن تولي اهتمام للأمر المحير والخطير. (كرونا) اللعين غير مسؤول عن كل من يرحلون هذه الايام هنالك امراض اخري تحصد ارواح الناس ظلت بعيدة عن قفص الاتهام، والسبب انه لا احد اهتم في أمر الناس الذين يحصدهم الموت بلا رحمة.. السرادق منصوبة الان للعزاءات وبمجرد أن تسأل عن الأسباب يأتيك الرد حاضرا: لو كان المتوفي مصابا بكوفيد لما تسلمناه من المستشفى وأقمنا له مراسم الدفن والعزاء. تامل في محيطك القريب ( في الحلة والاهل) ستجد ان عددا من الموتى الذين ( رفعت فيهم الفاتحة ) ماتوا دون ان تكون (الكرونا) هي السبب. شخصيا فقدت أكثر عشرة اقارب خلال الاشهر القليلة الماضية كان بينهم شخص واحد مصاب بالكورونا، وقدمت العزاء من( داخل الصيوان) في متوفين كثر لم يكونوا مصابين بالكورونا. الشاهد أن انهيار النظام الصحي هو المسؤول الآن عن ضياع أرواح السودانيين ، كم من سقيم توفي بالجلطات والذبحات والسكتات القلبية، وارتفاع الضغط والسكري دون أن يجد اليد التي تسعفه او المستشفي التي تستقبله، وكم من مريض مات بينما ذووه يبحثون عن الدواء في الصيدليات. دعونا من (ساس يسوس) ومجلس شركاء الفترة الانتقالية وخلافات المكونين المدني والعسكري وانصرفوا لإعلان حالة الطوارئ الصحية وإنقاذ النظام المنهار حتي تحافظوا علي ( الشعب السوداني الفضل). افتحوا المستشفيات ووفروا الدواء واعيدوا للصحة هيبتها ، وأعلنوا عن غرف عمليات يومية لمتابعة الشأن الصحي، تحركوا فالوقت لا يحتمل اي تاخير ، السودان يفقد ارواح عزيزة علي مدار الثانية. محمد عبد القادر – صحيفة اليوم التالي