بحثا آفاق التعاون المشترك بين البلدين – البرهان والسيسي يعقدان جلسة مباحثات ثنائية بقصر الاتحادية    مجازر مليشيا الدعم السريع المروعة في الفاشر ترقى إلى جريمة الإبادة الجماعية    القوز يطلق صافرة إعداده للموسم الجديد    راقبت تعليقاتهم على مواقع التواصل.. إدارة ترامب تفاجئ 6 أجانب    هلال سنار يوقع عقد إنشاءات استثمارية جديدة امام رئيس المجلس الأعلى للشباب والرياضة    د. الشفيع خضر سعيد يكتب: «كوشيب» مرآة منظومة الإنقاذ في السودان    تدمير راجمة صواريخ لمليشيا الدعم السريع المتمردة كانت تقصف المواطنين بالفاشر    قبل صدام الكونغو الديمقراطية.. تصريحات صادمة لمدرب منتخب السودان    الجيش يوجّه ضربة موجعة جديدة للميليشيا    قادة عسكريون يكشفون أسباب محاولة اغتيال كيكل    المريخ يواجه التحدي الليبي في ثاني تجاربه الإعدادية ببنغازي    وفاة صحفي سوداني    قرارات مهمة لنادي الهلال السوداني    مَا تطلِّعُوه لينا (بَطَل)    مبابي: أحلم بكتابة التاريخ مع ريال مدريد مثلما فعل رونالدو    شروط الجلوس لامتحانات الشهادة السودانية في مصر    إبراهيم شقلاوي يكتب: أمن المعلومات واستعادة البيانات    الموت يغيب الفنان السوداني علي كايرو بعد يومين من إعلان توبته والحزن يخيم على مواقع التواصل الاجتماعي    لجنة أمن ولاية نهر النيل: القبض على مطلق النار بمستشفى عطبرة والحادثة عرضية    الهلال إلى نيروبي لمواجهة البوليس الكيني    بالفيديو.. الملعب الذي استضاف نهائي الكونفدرالية وفاصلة مصر والجزائر يتعرض للدمار.. شاهد كيف أصبح إستاد المريخ بعد الحرب    شاهد بالفيديو.. بمشاركة عدد من المطربين بقيادة "فرفور".. المذيع أحمد العربي يبدأ مراسم زواجه من الصحفية لينا يعقوب بحفل "حنة العريس"    مدير عام قوات الشرطة يلتقى وفد المنظمة الدولية للهجرة والعمليات    شاهد بالصورة والفيديو.. بأزياء ضيقة ومحذقة.. حسناء سودانية تقتحم المسرح وتدخل في وصلة رقص مثيرة مع الفنانة توتة عذاب والجمهور: (فك عرش واضح واستعراض للجسم)    تعيين محافظ جديد لبنك السودان    ترامب: أميركا مع السيسي دائما    شاهد بالفيديو.. الفنانة هبة جبرة تهاجم الناشطة "ماما كوكي": (تسببتي في طلاقي وخربتي بيتي..ما تعمليني موضوع وتلوكيني لبانة وشريف الفحيل دفعتي)    تقرير الموارد المعدنية: 909 ملايين دولار حصيلة الصادرات    ترامب : أنجزنا المستحيل والدول العربية والإسلامية شركاء في السلام    الفنان علي كايرو يكتب رسالة مؤثرة من سرير المرض: (اتعلمت الدرس وراجعت نفسي وقررت أكون سبب في الخير مش في الأذى وشكراً الشعب السوداني العظيم) والجمهور: (إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء)    قوات الطوف المشترك شرق النيل تدك اوكار الجريمة بدائرة الإختصاص وتوقف (56) أجنبي وعدد من المتهمين    حاج ماجد سوار يكتب: كيف يكتمل تفكيك المليشيا (1)    انا والسياسة الاقتصادية والكورنة    أم تكتشف مفاجأة صادمة في حديثه مع "روبوت"    السفارة القطرية: وفاة 3 دبلوماسيين في شرم الشيخ بمصر    وزير المعادن يترأس اجتماع مناقشة الخطة الاستراتيجية لتأمين المعادن ومكافحة التهريب    هكذا جرت أكاذيب رئيس الوزراء!    حريق في الكيبل المغذي للولاية الشمالية يتسبب بانقطاع التيار الكهربائي    احبط تهريب أخطر شحنة مخدرات    هل انتهت الحرب؟    منة شلبي: «حاجة كبيرة جدا وأنا لسه صغيرة عليه»    جريمة اغتصاب "طفلة" تهز "الأبيض"    ويسألونك عَن فَرفور    دراسة تربط مياه العبوات البلاستيكية بزيادة خطر السرطان    الفترة الانتقالية شهدت احد اسوأ حقب الادارة الاقتصادية    والي البحر الأحمر ووزير الصحة يتفقدان مستشفى إيلا لعلاج أمراض القلب والقسطرة    الدولار يبتلع الجنيه السوداني.. أزمة اقتصادية بلا كوابح    شكوك حول استخدام مواد كيميائية في هجوم بمسيّرات على مناطق مدنية بالفاشر    وزير الصحة يشارك في تدشين الإطار الإقليمي للقضاء على التهاب السحايا بحلول عام 2030    حادث مرورى لوفد الشباب والرياضة    عملية أمنية محكمة في السودان تسفر عن ضبطية خطيرة    السودان..محكمة تفصل في البلاغ"2926″    السجائر الإلكترونية قد تزيد خطر الإصابة بالسكري    الاقصاء: آفة العقل السياسي السوداني    ضبط شخص بالإسكندرية ينصب على المواطنين بزعم قدرته على العلاج الروحاني    ضياء الدين بلال يكتب: (معليش.. اكتشاف متأخر)!    وصية النبي عند خسوف القمر.. اتبع سنة سيدنا المصطفى    جنازة الخوف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سودانيون يشكون من عصابات "9 طويلة" في الخرطوم ومدن أخرى
نشر في النيلين يوم 21 - 03 - 2022

تواجه العاصمة السودانية الخرطوم ومدن أخرى ارتفاعاً كبيراً في الجريمة والانفلات الأمني مع انتشار السلاح بين أيدي كثير من المواطنين، ما أصبح يُشكّل هاجساً يومياً للمواطنين وحديثهم المستمر عن تزايد الظاهرة وقلقهم من تفاقمها، ليضاف هذا إلى معاناتهم المعيشية مع التدهور الاقتصادي.
وفجع السودانيون باستغاثة الصحافي الشهير بهرام عبد المنعم، الذي تعرض لعملية نهب مسلح بواسطة قوة ترتدي زياً رسمياً لأحد تنظيمات القوات الأمنية في وسط الخرطوم، استولت على هاتفه ومبلغ من المال كان بحوزته أثناء عودته من تغطية الاحتجاجات الشعبية. وأبلغه المعتدون أنهم «يستهدفون الصحافيين» لأنهم يصورون الاحتجاجات، ولم تفلح دورية الشرطة القريبة من الحادث في نجدته، بل نصحه أحد أفرادها ب«المغادرة» وتجاهل الأمر.
ما حدث للصحافي وقصص عديدة مشابهة تدق نواقيس الخطر من انتشار الانفلات الأمني في البلاد. بهرام ليس وحده من تعرض لعمليات النهب المسلح، فقد أشار الكثيرون إلى أنه منذ 25 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي وعقب إجراءات قائد الجيش الفريق عبد الفتاح البرهان، استشرت في الخرطوم عمليات نهب وسلب عديدة قام بها مسلحون بزي الشرطة أو زي عسكري آخر، وسط المدينة عقب تفريق مواكب الاحتجاجات مباشرة. وتناقلت مواقع التواصل الاجتماعي فيديوهات وتسجيلات لعمليات السطو والنهب المسلح التي تشهدها البلاد، دون رد فعلي رسمي واضح حتى الآن.
ولا تقتصر عمليات السطو والخطف والسرقة على المسلحين في الأزياء العسكرية النظامية، بل تعدتهم إلى «مجموعات شبه منظمة» على دراجات نارية أو راجلة، تصطاد ضحاياها في الشوارع الجانبية والرئيسية، بل حتى اقتحام المنازل والمحال العامة، يخطفون الممتلكات مثل الهواتف الجوالة والنقود وحقائب الفتيات، وبعضهم يوقفون السيارات الخاصة والمركبات العامة ويستولون على ممتلكات ركابها أو قائدها تحت تهديد السلاح.
ونشر موقع صحيفة «الجريدة» المحلية «فيديو» قالت إنه صورته لعملية نهب مسلح حدثت بالقرب من مقرها في وسط الخرطوم، وصفته ب«الصادم والدليل الدامغ» على ضلوع نظاميين في عمليات النهب المسلح. وأضافت «عدسة (الجريدة) رصدت عملية نهب أحد المواطنين بالقرب من مستشفى الزيتونة، من قِبل قوات مُشتركة بالزي الرسمي». وأوضحت أن صاحب السيارة أفاد بأن تلك القوات نهبت منه 200 ألف جنيه وثلاثة هواتف ذكية.
ولم تعلق الشرطة على رواية بهرام رغم أن وسائل التواصل الاجتماعي قد ضجت بها، وتناولتها تنظيمات الصحافيين واعتبرتها امتداداً لاستهداف الصحافيين على وجه الخصوص ضمن حملات الشرطة لاستهداف الناشطين بشكل عام. كما تضج المدينة ومجالسها بحكايات عن عمليات نهب واسعة طالت أنحاء متفرقة منها، بل رافق بعضها اعتداءات وعنف وضرب مبرح للضحايا، كما لم تنج المؤسسات العامة من هجمات المسلحين بالأزياء العسكرية.
وتناقلت وسائط التواصل الاجتماعي «فيديو» آخر لاعتداء قوات كانت تطارد محتجين احتموا ب«المعمل القومي استاك»، وهو المختبر الطبي الرئيسي في البلاد، ويتبع وزارة الصحة، وأوسعوا العاملين والأطباء والكوادر الطبية ضرباً، قبل أن ينهبوا هواتفهم الجوالة ويكسروا المعدات الطبية. وقال عضو مجلس السيادة عبد الباقي عبد القادر، في نشرة صحافية، عقب لقائه كوادر المختبر إن «ما حدث كان من فئة قليلة، ولا يمكن تعميمه على كل القوات النظامية». وأوضح أن التحقيقات ستوضح المتسببين «في هذا العمل لتتم محاسبتهم على وجه السرعة»، وتابع «هناك توجيهات مباشرة بعدم اقتحام القوات النظامية للمستشفيات والمرافق الصحية، حتى إذا احتمى بها المتظاهرون».
وفي أول رد فعل من جهة تنفيذية، كشف والي الخرطوم المكلف عن إجراءات جنائية بدأت حول ما حدث الخميس 17 مارس (آذار) الجاري، لمعرفة الذين ارتكبوا هذا العمل في «معمل استاك الطبي»، بيد أن الوالي وبصفته مسؤولاً عن الأمن في الخرطوم، وجه الاتهام لجهات أخرى غير القوات النظامية بقوله: «في مثل هذه الظروف قد يكون هناك منتحلو هيئة أفراد قوات نظامية ليحدثوا فوضى ونهبا».
كما حمل أحد أعضاء مجلس السيادة المتظاهرين السلميين المسؤولية ودعاهم إلى عدم الاحتكاك مع القوات النظامية أو التعدي على الممتلكات، وناشد المحتجين ب«إبعاد أصحاب الأغراض الأخرى من الدخول وسطهم حتى لا يحدثوا الفوضى»، وذلك استمراراً لنهج درجت قوات الأمن والجيش عليه باتهام «طرف ثالث» دون تسميته، متجاهلة أن مهمتها ليست إنكار ضلوعها في تلك الجرائم بل منعها والقبض على مرتكبيها.
وتنشط على نحو لافت مجموعات نهب وخطف بالدراجات البخارية، تستهدف النساء على وجه الخصوص وتخطف هواتفهن الجوالة أو حقائبهن، أو تجبر أصحاب السيارات في الأماكن الخالية على التوقف وتنهب ممتلكاتهم تحت تهديد السلاح، أو تعتدي على السيارات أثناء الليل وتستولى على أجهزتها وما قد يكون داخلها من مقتنيات.
ويسمي السودانيون هذه المجموعات ب«9 طويلة»، وترجع التسمية في الراجح إلى لعبة «البوكر» الورقية، فيما يقول آخرون إنها ترجع إلى شكل تنفيذ عملية الخطف، والتي يدور فيها الخاطف حول الضحية راسما الرقم 9 قبل أن ينفلت هاربا. واتسع نشاط عصابات النهب ما دفع سكان عدد من أحياء الخرطوم إلى إعلان التعبئة الشعبية لمواجهة عصابات النهب المسلح المعروفة ب«نيقرز»، الأمر الذي قد يدفع الناس لأخذ الحق باليد في ظل غيبة أجهزة حفظ الأمن بالقانون.
وقال نشطاء إنهم سيوجهون «ثورة الشباب والكنداكات» لتكون ثورة ضد الانفلات الأمني واقتلاع من سموهم ب«الانقلابيين». وحذر المدير الأسبق لإدارة المباحث الجنائية المركزية التابعة لقوات الشرطة الفريق عابدين الطاهر، مما سماه «الفوضى الشاملة والنهب المقنن» الذي وثقته فيديوهات وتسجيلات لمواطنين يشرحون تعرضهم لعمليات نهب مصحوبة بالعنف داخل الأحياء.
وأبدى الفريق الطاهر على صفحته الرسمية على «فيسبوك»، دهشته من صمت الشرطة لتوضيح حقيقة ما تبثه تلك المنصات الاجتماعية، ودعا مدير الشرطة لرفع حالة الاستعداد لمواجهة ما أطلق عليه «الانفلات». وقال إن «الإحساس بالأمن إذا فُقد فعواقبه وخيمة على كل أوجه الحياة». وانتقد الطاهر ما اعتبره صمتا من الجهات الرسمية عن توضيح الحقائق للناس.
ودخلت العاصمة الخرطوم أفواج من الفصائل المسلحة عقب اتفاقية «سلام جوبا» الموقعة بين الحكومة وعدد من الحركات المسلحة في إقليمي دارفور والنيل الأزرق في أكتوبر 2020، لكن لم يطبق البند الخاص بالترتيبات الأمنية في تلك الاتفاقية والذي ينص على دمج تلك الفصائل في الجيش النظامي والشرطة، لأسباب تتعلق بنقص التمويل وغياب الإرادة السياسية، فتركت تلك الفصائل دون مأوى أو مرتبات في وضع اقتصادي طاحن ومشهد سياسي مرتبك.
ويرى محللون أن الأزمة السياسية الخانقة التي نتجت عن إجراءات 25 أكتوبر الماضي، دقت إسفيناً حاداً بين القوات النظامية وبين الشارع المطالب بالحكم المدني وعودة العسكر إلى ثكناتهم، الأمر الذي خلق إحساساً بأن حالة الانفلات الأمني مدبرة، ومقصود بها مقايضة الأمن بالحريات، فيما يؤكد محللون أن للظاهرة أبعادها الأمنية والسياسية، وأن لها ارتباطاً وثيقاً بالضائقة الاقتصادية التي تعيشها البلاد، وقد تدفع الجنود إلى طريق السطو والنهب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.