قبل عشرين سنة كدا اتعمل فيلم Bruce Almighty، بطولة جبم كاري ومورغان فريمان؛ كاري، بأمر ربّاني، بياخد فيه فرصة يكون الإله؛ ما حضرته، وفكرته ما شجّعتني؛ لكن؛ أحد الأصدقاء، ويصادف إنّه من المتديّنين ان جاز التعبير، لاحقاً شرح لي الفكرة والعبرة من وراء الفيلم؛ وهي إعطاء فكرة بسيطة عن درجة التعقيد في إدارة الكون، الما بنشوفها نحن، ومن ثمّ يصعب علينا إدراك الحكمة الإلهيّة والتدبير الكبير؛ يعني المعنى المضمّن في قوله تعالى: ﴿وَلَوِ اتَّبَعَ الحَقُّ أَهواءَهُم لَفَسَدَتِ السَّمٰوٰتُ وَالأَرضُ وَمَن فيهِنَّ بَل أَتَينٰهُم بِذِكرِهِم فَهُم عَن ذِكرِهِم مُعرِضونَ﴾ [المؤمنون: 71]. تذكّرت القصّة دي وانا بقرا في الخبر "النكتة" دا عن فارس النور، والي الخرطوم البريطاني المقيم في لندن، البدير شئون المدينة من خلال صفحته في X؛ ومن ثمّ تداعت خواطري؛ واستمتعت بالدهشة وانا بستوعب في تلخيص صغير، كبير في معناه، لكلّ الحكاية؛ حميدتي، حمدوك، الحرّيّة والتغيير، وأتباعهم؛ بيجمع بيناتهم شي مشترك؛ وهو إنّه دايرين يُثابوا ويكافأوا على "حسن نواياهم"، من دون الخوض في تجربة حقيقيّة لامتحان النوايا دي؛ فارس الآن بيعطي نموذج جيّد للنزعة دي؛ بيستعرض في الحاجات ال"ناوي" يعملها لو كان بقى حاكم؛ وداير ثواب على الحاجة دي؛ عشان نفهم مشكلة الحاجة دي يلزمنا نشوف مقابلها؛ الأصل، في اعتقادي، إنّه الثواب يكون ثمرة المجهود نفسه، مش مكافأة عليه؛ يعني ثوابك على حسن إدارتك لولاية الخرطوم إنّه الولاية تصبح أفضل؛ ثوابك على حسن إدارة البلد إنّها تصبح أفضل؛ دي الحاجة البشوفها في شغلي الحالي بشكل مباشر: ثوابي الحقيقي على البحوث البعملها هو تبنّيها فعليّا بواسطة المستخدمين؛ الراتب الباخده، لو أخدته، مجرّد تسهيل لإنجاز الغاية الأبعد؛ لكن، للأسف، عقليّة النخبة الفسدت عندنا بقت بتبحث عن الثواب من طرف تالت؛ وفارس بيجسّد الفكرة دي من بدري؛ من لمن أخد مليون درهم مكافأة على كونه أفضل ناشط في العمل الخيري؛ ومثله حفيد علي درهم، وللا هو علي دينار، اللي تمّت مكافأته على كونه "أفضل رجل أعمال في الشرق الأوسط"؛ أنا ما عارف الحاجات دي بتتقاس كيف؛ لكن العارفه إنّه دا طموح المجموعة دي كلّها؛ يعني الحرّيّة والتغيير ما كانت دايرة تنجح في حكم البلد بقدر ما دايرة تستعرض حسن نواياها "لو حكمت"؛ حمدوك ما داير يمارس السياسة فعليّا بقدر ما داير بس يستعرض إنّه زول كويّس وداير الخير؛ تقدّم دايرة تقول إنّها ما دايرة الحرب، يااي! بل وأكثر من ذلك، دايرين يكافئوا حميدتي على إنّه "قعد معانا وادّانا الكلمة الطيبة"!! ياخي عمل الخير دا كلّف الرجل الصالح يخرق سفينة المساكين ويقتل الغلام؛ ما مجرّد كلام وإنّما فعل؛ لكن يبدو إنّه النظام التربوي عندنا، القائم على الاستعراض أمام الموجّهين؛ والنظام التوظيفي المبني على الاستعراض في المعاينات؛ والنظام التحفيزي المعتمد على الاستعراض أمام المدير؛ والنظام الانتخابي القائم على الاستعراض أمام الإعلام؛ وغيرها؛ كلّها تواطأت على إفساد وعي النخبة، وحوّل مجهودها من البحث عن النتائج الفعليّة للبحث عن المكافآت القائمة على الاستعراض، demonstration، لا أكثر؛ ياخي حتّى الحرب، حميدتي ما كان ساعي فيها للانتصار بقدر سعيه لاستعراض قوّته؛ حتّى التفاوض، القوى المدنيّة دايرة تستعرض فيه بس إنّه ساعين لوقف الحرب، وعيونهم على مكافأة ح تجيهم من طرف خارجي؛ والحقيقة، دي ثقافة الأمم المتّحدة كلّها، والمنظّمات الوهميّة المتلها! نصيحتي لأيّ زول بقرا في كلامي دا؛ ما تقع في الحفرة دي؛ فكّر أوّلاً في ثمرة الحاجة البتعملها، مش في المكافأة الحتاخدها على حسن نيتك؛ دا أوّل درس أخدته البشريّة، قبل ما نجي الكوكب دا ذاته: ﴿وَإِذ قالَ رَبُّكَ لِلمَلٰئِكَةِ إِنّى جاعِلٌ فِى الأَرضِ خَليفَةً قالوا أَتَجعَلُ فيها مَن يُفسِدُ فيها وَيَسفِكُ الدِّماءَ وَنَحنُ نُسَبِّحُ بِحَمدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قالَ إِنّى أَعلَمُ ما لا تَعلَمونَوَعَلَّمَ ءادَمَ الأَسماءَ كُلَّها ثُمَّ عَرَضَهُم عَلَى المَلٰئِكَةِ فَقالَ أَنبِٔونى بِأَسماءِ هٰؤُلاءِ إِن كُنتُم صٰدِقينَقالوا سُبحٰنَكَ لا عِلمَ لَنا إِلّا ما عَلَّمتَنا إِنَّكَ أَنتَ العَليمُ الحَكيمُقالَ ئٰادَمُ أَنبِئهُم بِأَسمائِهِم فَلَمّا أَنبَأَهُم بِأَسمائِهِم قالَ أَلَم أَقُل لَكُم إِنّى أَعلَمُ غَيبَ السَّمٰوٰتِ وَالأَرضِ وَأَعلَمُ ما تُبدونَ وَما كُنتُم تَكتُمونَ﴾ [البقرة: 30 – 33] خوض التجربة، ما تعيش على وهم إنّك داير الخير؛ منو الما داير الخير؟! لكن قالوا ليك: ﴿.. وَافعَلُوا الخَيرَ لَعَلَّكُم تُفلِحونَ﴾ [الحج: 77]؛ مش انووه ساي! عبد الله جعفر إنضم لقناة النيلين على واتساب مواضيع مهمة ركوب الخيل لا يناسب الجميع؟ أيهما أصعب تربية الأولاد أم البنات؟ جسر الأسنان هل تعقيم اليدين مفيد؟ الكركم والالتهابات أفضل زيوت ترطيب البشرة