** الذين يعيقون نهضة بلادي ليسوا هم فقط بعض بني جلدتنا الذين سخطهم الله بأوبئة الفساد وسوء الإدارة، بل هناك أيضا البعض الغريب المكَّرم من قِبل حكومتنا بثقة عمياء، فاستغلوها استغلالا غير حميد، وصاروا بفضل تلك الثقة الغافلة خناجر يطعنون ظهر بلادي وشعبها ونهضتهما المرتجاة.. النماذج كثيرة، نماذج الغرباء الذين ينحرون اقتصادنا كما السوس كثيرة، أحيانا بعلم ولاة أمر البلد، وتارة وهم غافلون.. على سبيل المثال، أي لحين إكمال إدارة التحقيقات ملفات النماذج الأخرى، أفتح لتلك الإدارة باب الحديث عن ما تسمى بالهيئة العربية للاستثمار والإنماء الزراعي، التي اختارت السودان كدولة مقر عند تأسيسها عام 1976.. !! ** تلك الهيئة التي فيها السودان من الخمسة المساهمين الكبار، منذ تأسيسها وإلي يومنا هذا، لم يرأسها سوداني على الإطلاق.. رغم أن السودان دولة مقر تضج بالخبراء الزراعيين، إلا أن الهيئة تضن برئاستها على خبراء بلادي.. ربما هؤلاء قدرهم فقط التكدُّس في جامعات بلادي أو الرحيل إلى المنافي، بيد أن رئاسة تلك الهيئة تحتكرها دول بعض أهلها يعتقدون بأن الأرز يُصنع ولا يُزرع.. ولا أدري متى يتجاوز هذا السودان لعب دور الكومبارس مع الذين يكملون به نصاب هيئات واتحادات ونقابات العرب..؟.. فلندع أمانة جنازة البحر المسماة - مجازاً - بالجامعة العربية لمصر مدى الحياة.. فلندع كذلك رئاسة وأمانة النقابات والاتحادات المهنية، لمصر ودول الخليج مدى العمر.. ولكن لماذا لا يحدث السودان نفسه بأن يرأس هيئة عربية - مقرها الخرطوم - تعمل في المجال الزراعي، ولو عاماً في العمر ؟.. لماذا الدول العربية فقط هي التي تتبادل فيما بينها رئاسة تلك الهيئة منذ تأسيسها، رغم أن أسهم السودان فيها لا تقل عن أسهم الأخريات..؟.. ليس هناك من سبب غير قبول حكومتنا بأن يكون وضع دولتنا في تلك الهيئة مجرد ( تمومة جرتق )..!! ** والمهم، أي رئاسة الهيئة ليست هي لب القضية، فالقضية أخطر من تلك بكثير.. ملخصها أن السيد علي سعيد الشرهان، الذي يرأس الهيئة منذ ديسمبر 2008، جاء بنهج غريب يصلح أن يسمى بالنهج المعيق للإنماء الزراعي بالسودان.. بحيث أصدر توجيهاً بإيقاف كل المشاريع التنموية في بلادنا، على سبيل المثال: إيقاف مشروع الإرشاد الزراعي وأبحاث البساتين بجنوب دارفور، بعد أن وصلت معدات وآليات المشروع، بحيث لا تزال مكدَّسة في حاوياتها، بدلاً من الإستفادة منها في جنوب داىفور.. إيقاف مشروع نشر الزراعة بدون حرث، وذلك بسحب معداته الزراعية وكل مدخلات الإنتاج وتسريح أكثر من ثلاثين مهندسا أثبتوا نجاح المشروع بجنوب كردفان والقضارف.. إيقاف أنشطة البحوث الزراعية التطبيقية، بعد أن صدق مجلس إدارة الهيئة مبلغاً قيمته مليون دولار لتلك البحوث.. إيقاف مشروع استثمار الأرض الزراعية التابعة لجامعة الجزيرة - 1200 فدان - والتي من أهدافها تدريب طلاب الجامعة.. إيقاف مشروع اللحوم الحمراء بعد اكتمال دراسة جدواه واستلام أرض المشروع.. إيقاف مشروع إنتاج الأرز بالنيل الأبيض بعد حجز أرض المشروع.. رفض سداد متبقي حصة الهيئة - 3 ملايين دولار- في شركة يجب أن تنتج الأدوية البيطرية بالسودان.. رفض سداد متبقي حصة الهيئة - 9 ملايين دولار- في شركة يجب أن تنتج المحاصيل بعطبرة.. رفض تنفيذ قرار مجلس الإدارة القاضي بتسليم مشروع زراعي بالنيل الأزرق قرضاً - 12 مليون دولار - للموسم الزراعي الحالي (2010 / 2011).. هكذا نهج علي سعيد الشرهان، رئيس الهيئة، تجاه السودان منذ عام ترؤسه الهيئة..نهج يوقف ويرفض المشاريع التنموية بالسودان، تحت سمع وبصر الحكومة..علماً بأن السودان لا يسأله أموال تلك المشاريع، ليعطيها أو يمنعها وفق هواه، أي هي ليست مكرمة ولاهبة ولاصدقة، بل هي أموال فيها للشعب السوداني حق معلوم، حيث وطنهم من الخمسة الكبار..( أسهماً وليس اسماً).. !! صحيفة الحقيقة