فجأة انقلبت الموازين أو قل المعايير في موضوعي الوحدة والانفصال ... فحتى وقت قريب كان السائد أن الحركة الشعبية لتحرير السودان إنما تعمل على ( تحرير السودان) ..... مِن ماذا ؟ .....من قبضة المؤتمر الوطني وسطوته واستعلائه ... عليه كان الفهم السائد أن الحركة وحدوية حتى النخاع ... وحيث المفهوم أيضا أن الحركة والمؤتمر لا يمكن أن يلتقيا، فقد كان السائد في المقابل أن المؤتمر الوطني إنما يسعى لفصل جنوب السودان للتخلص من أية ( خميرة عكننة ) في تطبيق الشريعة الإسلامية ... وحتى تنفرد بالشمال وتفعل به وفيه ما تشاء ...أصحاب الرأي هذا كانوا يستشهدون أول ما يستشهدون بمنبر السلام العادل وربيبتها صحيفة الإنتباهة ويؤكدون أن المنبر والصحيفة إنما هما أداتان من أدوات المؤتمر الوطني يهش بهما على ظهور الوحدويين من الجنوبيين والشماليين لتكريس خيار الانفصال ..! وفجأة .. تغير كل شيء ...بل انقلبت الآية ...فصار قادة المؤتمر الوطني هم دعاة الوحدة وعرابوها .. بل أصبح ( المؤتمرجى ) لا يخفى غضبته من أي تعبير عن الانفصال يجاهر به صاحبه سيما إن كان هذا ( الصاحب ) من قادة الحركة الشعبية ... ومضى الأمر أكثر من ذلك .. فعطلت ( الإنتباهة) وخبا صوت منبرها ... وصار الصوت المجاهر بالوحدة هو صوت المؤتمر الوطني .. أما الحركة فقد نسيت السودان الجديد .. وبالتالي نسيت تعاليم ( الأستاذ ) الذي هو الدكتور جون قرنق ..وأهالت الحركة التراب على نضال أكثر من عشرين عاما في الغابات والأحراش والمنافي ... وبلغ الأمر حد الاتهام بالتواطؤ مع المؤتمر الوطني لكل من يجاهر بالوحدة أو ينتقد التوجهات الانفصالية ... حقا .. إنه بلد العجائب والمفارقات .!! الأخبار