تراسيم.. لا تلوموا منبر السلام !! عبد الباقي الظافر يحرص السيد دينس مكدانو مستشار الأمن القومي الأمريكي بالوكالة كل صباح قبل أن يلتقي الرئيس الأمريكي أن يتأكد أن ربطة عنقه جيدة وأن تقريره الراتب يحوي فقرة عن أحوال السودان هذه الأيام .. زميلته سمانتا بور المسؤولة عن ملف السودان في البيت الأبيض عليها ترتيب ثلاثة اجتماعات في كل أسبوع للوقوف على تداعيات الأحداث في بلدنا السودان. ليس الأمريكان وحدهم الذين يهتمون بأمر استفتاء جنوب السودان .. مصر الشقيقة بعثت بوزير الخارجية ويشد من أزره مدير المخابرات العامة .. رجال مصر كانوا يبحثون عن هدف ذهبي .. يرنون إلى صفقة تؤجل الانفصال إن لم تستبعده تماماً .. حتى القائد الأممي معمر القذافي والذي كان ينظر في السابق لتباين السحنات بين الشمال والجنوب .. أشفق قلبه على حالنا .. وصرح على الملأ بأن انفصال الجنوب يمثل سابقة خطيرة. ماذا عنا نحن أهل الميت وأصحاب الفقد الجلل؟ .. أطول وزراء الإنقاذ عمراً الدكتور عوض الجاز يواسي شعب السودان .. ويقول إن انفصال الجنوب لا يعنى قيام القيامة .. ويمضي الجاز في مرافعته ويقول إن الجنوب ظل منفصلاً عملياً لمدة خمس سنوات. الدكتور نافع علي نافع المسؤول الأرفع في الحزب والدولة يصرح ومن على منبر صحيفة الحزب الرسمية (الانفصال لن يكون سالباً على الشمال ولن يزيد السودان إلا قوة) .. وحتى لا يعتبر الجمهور أن حديث مساعد رئيس الجمهورية مجرد ذلة لسان فقد أكد الرجل ذات المعاني في حوار نشرته الزميلة الرأى العام أمس الأول وقال فيه نافع بالحرف (الانفصال لن يكون كارثة على الشمال). والسؤال ماهي المعايير التي استند عليها نافع وأخاه الجاز في التقليل من اثر كارثة الانفصال؟ .. يبدو واضحاً أن الرجلين ينظران إلى الجنوب بمنظار مادي بحت .. أرض موارد .. قيمتها الوطنية يحددها إسهامها الكلي في الموازنة العامة للدولة. وخطل هذه الرؤية وبعدها العنصري يبين عند النظر إلى أطراف السودان الجرداء .. وبذات المنطق يصبح لزاماً على السودان أن يتنازل للشقيقة تشاد عن الطينة السودانية .. أما حلايب الفقيرة فأولى بها مصر الشقيقة .. وعلينا أن نقاتل في أبيى لأن في باطنها بحر من الزيت. صحيح أن هذا التوجه غير متفق عليه داخل أروقة الحزب الحاكم .. نائب الرئيس مازال يقاتل من أجل الوحدة .. والأمين السياسي بروفيسور غندور أوضح أن التاريخ لن يرحمنا إن بُتر ثلثنا الجنوبي .. ولكن مثل هذا الاتجاه يصبح ذا قيمة عندما يصدر من قادة فاعلين على مستوى الدولة والحزب. أعجب لأننا نوجه صوت اللوم للأستاذ الطيب مصطفى وأصحابه في منبر السلام .. انفصاليو المؤتمر الوطني أولى بمثل هذا النقد .. على الأقل هؤلاء المسؤولون يتحدثون من منابر رسمية. شق الوطن الواحد أمر ليس يسير .. في بلاد أخرى يستقيل الرؤساء حتى لا يُكتب في تاريخهم أنهم انفصاليون. التيار