حديث المدينة توطين.. الصحة في الصحة..!! عثمان ميرغني ويتكرر ذات الفيلم.. في وزارة الصحة.. كأنما هي \"دار سينما\" لا تمل إعادة الأفلام.. خلافات بين الوزير والوكيل.. تنتهي بالقاضية الفنية من رئاسة الجمهورية فتطيح بهما معاً.. فيلم معاد للمرة العاشرة.. ولا حرج في أي مؤسسة عامة أو خاصة أن تختلف القيادات في مفاهيم وتفاصيل العمل.. فالخلاف من سنة البشر.. لكن المشكلة دائماً كيف تسوى الخلافات وتدار.. فالخلاف في العمل الذي يؤدي لشل ماكينة العمل.. وتكبيل القرار وإهدار المصلحة العامة.. يضيّع حق المواطن ويقعد بأجهزة الدولة. وحتى أختصر عليكم مشوار الشرح.. أوجز لكم جذور الأزمة.. المشكلة ليست في وزير الدولة بالصحة.. ولا وكيل وزارة الصحة.. لكن المشكلة في (الوصف الوظيفي) للمنصبين. عندما تقع الانقلابات العسكرية في السودان.. أو في عهود الحكومات التعددية حينما يعلن رئيس الوزراء قرار حل الوزارة.. تعود السودانيون على سماع عبارة (وعلى وكلاء الوزارات إدارة العمل).. وأحياناً تظل الوزارة محلولة أو مطاح بها لعدة أيام بل أسابيع.. ويدير وكلاء الوزارة العمل.. يديرون العمل ليس بالوكالة.. بل بالأصالة، لأن منصب الوكيل حسب الوصف الوظيفي كان (قمة الهرم التنفيذي) في الوزارة. بينما الوزير مجرد الواجهة السيادية والسياسية للوزارة.. لكن العمل اختلط تماماً.. بسبب كثرة التعيينات (السياسية) في مناصب تنفيذية.. فالعادة جرت أن منصب الوزير قابل لأن يهبط من علٍ بقرار رئاسي.. لكن وكيل الوزارة في أي وزارة هو صنيعة الزحف فوق السلم الوظيفي عبر السنين. وفي الشقيقة مصر.. منصب وكيل الوزارة لا يقصد به (مسوؤل) محدد بالاسم.. (وكيل الوزارة) هو مجرد درجة وظيفية يبلغها الموظف في خلال رحلة ترقيه في السلم الوظيفي.. وقد يكون في الوزارة الواحدة أكثر من عشرة موظفين بدرجة وكيل وزارة.. واحد منهم أو أكثر قد يُناط بهم مهام (وكيل الوزارة) بالمعنى الوظيفي وليس بالدرجة الوظيفية. وسبق لي أن كتبت بعد الانتخابات الأخيرة.. وقبل تشكيل الحكومة وطالبت الدولة بأن تعيد لمنصب (وكيل الوزارة) وضعه التنفيذي الحقيقي.. وإبعاده عن التماس السياسي. وقلت إن أفضل ما نجنيه من ذلك.. أنه يمكن تصغير حجم وعدد الوزراء في مجلس الوزراء. فمن الممكن لوزارة واحدة.. أن يتعدد فيها الوكلاء لإدارة كل التخصصات. بدلاً من تعيين وزير.. يكلف وكيل لكل تخصص.. كما هو الحال في بعض الوزارات.. وضربت لحظتها (قبل إعلان التشكيل الوزاري) مثلاً بوزارة الطاقة والتعدين (سابقاً).. وقلت من الممكن أن تجمع تحتها (النفط والكهرباء والتعدين) تحت وزير واحد.. وثلاثة وكلاء وزارة.. وكيل لكل تخصص.. فالوكيل هو قمة الهرم التنفيذي بينما الوزير واجهة سيادية سياسية. بالله عليكم.. كيف تصح الصحة في الوطن.. إذا ظلت وزارة الصحة دائماً هي المرض.. التيار