حديث المدينة التوزير..!! عثمان ميرغني كم يجب أن يكون عدد الوزارات في السودان؟؟ هذا السؤال شكلت له الحكومة لجنة للإجابة عليه.. ولكني موقن أن أية إجابة تستهدف النظر في الرقم، دون النظر في (الوصف الوظيفي) لمنصب الوزير.. سيكون مجرد تخبيط.. لا تخطيط.. في جهازنا التنفيذي حالياً.. الوزير هو (رب الوزارة).. منذ لحظة دخوله إليها ب(رِجله اليمنى طبعاً) يبدأ في تغيير كل شيء.. الخطط.. طاقم السكرتارية.. مدراء الإدارات.. وربما حتى العمال.. ويفترض أن الوزارة وُلدت يوم أُسندت إليه هو.. وستنتهي مهمتها يوم يجب أن يغادرها.. ولأن طائفة من الموظفين يدركون هذه العلة في نظامنا التنفيذي، فقد تمرسوا على استثمارها لأبعد مدى.. منذ أول لحظة يعلن فيها اسم الوزير.. يبدأ هؤلاء الموظفون في إعداد (خطة التمكين).. التمكين من رقبة الوزير وقراره.. يخلقون له من العدم سفرية خارجية (يفضل أن تكون أوروبية).. لزوم (تليين) الضمير.. ثم يحشدون له كل مظاهر الولاء خاصة في الجزء المرتبط ب(امتيازات الوزير).. وتعلية الروح (الفرعونية) بالتمجيد وإظهار إحساسهم بروح التفوق والتميز في الوزير.. مع الإشارة ل(غباء) الوزير الذي سبقه وكافة السابقين.. كل هذا لأن الوصف الوظيفي ل(الوزير) سيجعله في مقام من لا يسأل عن ما يفعل.. وفي يده القرار بلا حدود لسلطته.. لكن لو أعدنا توصيف وظيفة الوزير.. وتحجيمها في وضعها الطبيعي فإن خمسة وزراء فقط يكفون تماماً لحكم السودان كله.. يجب أن نحصر الوصف الوظيفي للوزير في كونه الوجه السياسي والسيادي الذي يمثل الوزارة أمام السلطات الثلاثة (التنفيذية والتشريعية والقضائية) طبعاً علاوة على الجهات الخارجية.. دون أية سلطات تنفيذية مباشرة.. وأقول مباشرة.. لأنه بالإمكان أن يكون له سلطات تنفيذية (غير مباشرة) في القضايا التي يعتمد فيها قرارات لجان أو إدارات في وزارته.. مثلاً.. (مجرد مثال).. وزير الخارجية.. يجب أن لا يملك سلطة تعيين السفراء أو نقلهم أو فصلهم.. هي سلطة أصيلة لمؤسسات الوزارة بتدرج هرمي حتى مستوى الوكيل.. مهمة الوزير فقط اعتماد قرارات مؤسسات الوزارة.. وربما يُمنح (فيتو) محدود في بعض الإجراءات. مثل هذا الوصف الوظيفي يحفظ ل(الوزارة)- أية وزارة- انسجامها.. يتغير الوزير وتتغير الحكومات وتظل الخطط وتماسك الأداء. وبسهولة يمكن لأي وزير أن يدير منصبه بأسلس وأسهل ما تيسر حتى ولو انضوت تحت جناجه عشرات الإدارات والتخصصات.. إذ يمكن لأي تخصص أن تكون له مؤسساته التي ينتهي سنامها في (وكيل).. بصراحة يجب أن لا يزيد عدد الوزارات عن عشر.. فهي كافية تماماً.. ودون الحاجة لوزراء دولة.. فالتركيز كله يجب أن ينصب في المؤسسات التي تدير العمل في الوزارة.. لا الوزير ومخصصاته. التيار