العصب السابع ثورة الجهاز المناعي..!! شمائل النور على غير ما اعتدنا عليه في وطننا السودان ومن حكامه الذين يتشبثون بالكراسي كالأطفال الرُضع.. فقد ظهرت هذه الأيام موجة مشككة من الاستقالات لم يشهدها تاريخ السودان الحديث، فقد استقال وزير الصحة عبدالله تية على خلفية إقالة وتعيين وزير الدولة ووكيل الوزارة دون علم الوزير الإتحادي، ما جعله ينتفض ضد التهميش ورغم أن وزارة الصحة شهدت أزمات أكبر من هذه ولم يستقل حينها.. ثم استقال صابر محمد الحسن محافظ بنك السودان، أي نعم فقد انتهت فترة المحافظ واشتكى هو ثقل الوظيفة وكبر السن.. لكن هذه لم تكن في يوم من الأيام أسباباً منطقية لاستقالة حاكم سوداني، وكلنا نعلم الأزمة الأخيرة بين سياسات وزارة المالية وسياسات بنك السودان المركزي، ثم استقال بشكل مدهش نائب والي الشمالية ووزير التنمية والاستثمار محمد سعيد حربي عبر صحيفة(آخر لحظة) بعد أن كال مكاييلاً من المدح للوالي ما يؤكد أن العلاقة بين الوالي ونائبه على أتم عافية، وفي ذات الوقت استقال معتمد البرقيق راشد همت، بعض المعلومات رجحت الاستقالات بالشمالية إلى أزمة الثقة بين المسؤولين بالولاية وأن مواعين الشورى باتت ضيقة حسبما قال المتحدث باسم المؤتمر الوطني هناك، غير أن معلومات عزت الاستقالات إلى تمدد المركز على حساب الولاية وتداخل سياسات القائمين على أمر أراضي سد مروي مع سياسات الولاية.. أخبار أمس الثلاثاء حملت خبراً لاستقالة إبراهيم الأمين مدير هيئة الموانئ البحرية لأسباب عدة أهمها إيقاف تمديد فترة العمل بالمعاش وإيقاف التعيينات بالهيئة ونقصها لكوادر الخبرة، بل حمل إشارة إلى تهميشه في إشراكه في القرار حيث قال إن المدير أعلم من الوزير فيما يخص الموانئ البحرية فينبغي أن يؤخذ بما يقوله. الأسباب الواردة أعلاه جلها تجتمع في نقطة واحدة هي التهميش في اتخاذ القرارات إن كان في المركز أو الولاية والاستقالة لأجل المصلحة العامة، لكن هل تمثل هذه الحجج منطقاً يدخل العقل السوداني..؟ إذ لم تتغير سياسة المؤتمر الوطني منذ سنين فالثابت هو أن قيادات بعينها هي التي تنفرد بقيادة السفينة فأما أغلب الوزراء إتحاديين أو وزراء دولة ماهم إلا سلطة تنفيذية تفعل ما تؤمر به، وليس أمامها إلا ذلك، فليس جديداً أمر التهميش وليس ثمة احتمال بصحوة ضمير جماعي هبت فجأة على الحكام وانتفضوا ثورةً للمصلحة العامة، لأنه وببساطة قد وقعت كوارث وأحداث أهم بكثير ولم نشهد أية استقالة، والخطأ يقع تحت عين وسمع القائمين ولا يُحرك ساكنهم.. ما يستحق الإنتفاضة قد ذهب مع الريح، لكن لا بأس أن نشد من أزرهم. المهم أن ثمة رياح تغيير تهب من الداخل لا يمكن أن ننكرها، قد تكون استباقية ذكية لمراجعات وجب أن تحدث تحت رغبة في التغيير دون الحاجة إلى ثورة.. وقد تكون (تسخينة) لثورة داخلية.. المعلومة المهمة التي يجب أن نتذكرها دائماً هي ((أن الجهاز المناعي عندما يضعف ينقلب على نفسه ويبدأ بمهاجمة أعضائه))..!! التيار