[email protected] هي كلمات ضرورية في هذه الأيام يجب أن تُقال والبلاد تندفع بقوة هائلة نحو هاوية التشرذم والتناحر والقتال.. كأنما قُُُدر لهذه الأرض أن يكون قدرهِا كقدر سيزيف وصخرته الإغريقية.. الغريب أن الحلول واضحةِ كأوضح ما تكون، من الشمس في رابعة النهار.. أمةٌ عظيمةٌ هي هذه الأمُة السودانيةٌ.. لا تستحق مثل هذا الذل والهوان الذي تلقاه. وِمِن مَن.. مِمن تعلموا في أرفع الجامعات ومن تعلّم في نظام الدولة التعليمي والذي كان يُنافس أرقى أنواع التعليم على مستوى العالم.. . مِن جهد الناس وعرقِهم ومن خيّرات بلادهم دفعت الغالي والنفيس من أجل يكونوا رأس الرمُح في القِيادة والِريادة ليرفعوا من شأن بلدِهم بين بِلدان العالم.. إن إزدهار وإستقرار وعُلو كعَب أي بلد على مستوى الدُنيا هو في مدى تعلمُ ومعرفة مواطنيها.. . إن سياسة التجهيّل المتعّمد والتحطيم الممنهج لمقدرة الإنسان والوطن هي سياسة داخلية خاصة إنتهجتها هذه المنظومة الكريهة التي تدعي الإسلام زوراً وبهتاناً والإسلام منها بُراء.. . في كل مناحي الحياة وعلى إمتداد هذا الوطن الشاسع ضاقت الحياة بالناس وذاق الناس العلقم وإن كان بعده أمرّ فقد ذاق الناس أمرّ منه.. من لكائن من كان يعتقد أنه في يوم من الأيام أن يذهب سوداني لإسرائيل ويا لسخرية القدر أن تكون إسرائيل بكل فظاعاتها وسوءاتها أحن وأرأف بالسوداني من بلده.. . لعمري ما ضاقت بِلاداً بأهلها ولكن أخلاق الرجال تضيق.. هذا هو بالضبط حال شرفاء وعظماء هذه البلاد الأنقياء فكم فيهم من مات في الصحراء هرباً من جحيم هؤلاء وكم كانوا مُهانين من جِئ بهم وليس عليهِم الإ ملابسهِم الداخلية من ليبيا أو من يُلقى إليهم بقبيح الكلام وسوء البيان من تولى هرباً للبنان والأمن العام اللبناني يسبُهم ويهينُهم بصورة عُنصرية كريها.. . دارفور وجراحُها العنيفة وآلامها العميقة وآهاتها ومواجعها الكثيرة وكل المثلثات التي ضاعت على الحدود.. حلايب.. وبقية المثلثات المتبقية بين يوغندا وكينيا والفشقة على أثيوبيا.. . تدمير ممنهج ومدروس للسيطرة ووضع اليد بصورة غير شرعية وسرقة مقدرات البلد بصورة هزلية.. والمثال فيها للنظر فقط.. سودانير.. مشروع الجزيرة .. السكة حديد.. . كل العالم صار كُتلة واحدة ومن لم يتوحد.. قد بدأ خطوات حثيثة نحو الوحدة والتوحد.. إلا هؤلاء يدفعون غير المسلمين والمهمشين ورقيقي الحال دفعاً للإنفصال والآخرين للتمرد والقتال.. لكأنما قد نسَوُ قول اللهِ تعالي في سورة يونس الآية رقم 98 بسم الله الرحمن الرحيم (ولو شاء ربُك لآمن من في الأرض كلّهم جميعا أفأنت تُكِرُه الناس حتى يكونوا مؤمنين) الإنهيار الأخلاقي الغريب والفساد الإجتماعي الرهيب.. والناس لم يتبقى لهم غير طريقين.. من يضربون في الأرض.. أغنياء من التعفف.. لا يسألون الناس إلحافاً.. ومن لم يجد.. ففساد الذِمة والجسد.. . منذ إستقلال السودان وعلى مر حكوماته ما دخلت قدم جندي أجنبي أرض هذه البلاد.. إلا في هذا العهد البغيض.. الذي لم يجد فيه الناس إلا أن يستنجدوا بالأجنبي ليحميهم من بطش وجبروت هؤلاء الطغاة القساة كمن يستجير بالرمضاء من النار.. وأخيراً إحكام السيطرة والفوز بالضربة القاضية.. . أوكامبو وأمره الذي أدخل به كامل البلاد في أضيق من جحر ضب.. ومن نسى وذاكرة التاريخ لا تنسى أنه لن تطأ قدم أجنبي أرض دارفور الطاهرة إلا وكان هو أول المدافعين ضد الغزاة الجدد. ونسى أن جلاوزته وجلاديّه هم أول من إستن سنة قتل المسلم للمسلم.. وبيده ويد زبانيته قد روّى أرض القرآن بالدماء الطاهرة الذكية والأرواح البريئة المهدرة.. فكيف المفر وأين إلى الهرب السبيل يوم الوقوف بين يدي ذي القوة الجبار.. وللأسف فقد ألقمته قوات اليونميد حجراً وهي اليوم تسرح وتمرح في طول دارفور وعرضها ولها مهبطها الخاص بمطار الخرطوم. إن من يلبس مسوح الزُهد ويدعي البساطة والتواضع.. قد أدخل البلاد في نفق الخروج منه يحتاج لمعجزة وقد ولى زمن المعجزات.. وكُل هذا من أجل سُلطة فانية وفي الآخرةُ عذابٌ شديد.. يدّعون على الله الكذب وهم ينافقون.. هي تكليف وأمانة وفي الآخرة خزيٌ وندامة.. يتسربلون بالحرير والدمّغس ويأكلون الطيبات من الرزق.. وعامة الشعب والناس يحلمون بالكفاف ولا يجدون الأزرقين فلا كِسرةِ خُبزٍ ولا ماء. التنمية هي ليست في المباني السامقات التي يسكنوها هم ولا الفارهات التي يمتطونها لوحدهم فكلِ هذا وزيادة من عرق الغلابة وفقراء هذه البلاد فلا الطُرق التي في غاية المحلية تشفع لهم ديونها التي حملّوها جوعاً ومسبغة على كاهل البلد ولا البترول ولا موارد البلد الأخرى التي ينهبونها عياناً بياناً سرت في عروق الناس بالصحة والعافية والرخاء.. بل بنظامهم سيئ الذكر قد أرقوا كرامة وحُرمة كل سوداني كريم.. . أفقروا الناس بالجبايات المُهلكة وجعلوا للجوع والفقر والحاجة وطناً في بيوت الناس في بلادٍ كانت حتى الطُيور المُهاجرة تجُيء إليها وتأكل من أطرافها حتى الشبع.. جاعت اليوم كل دابة فيها.. ؟. أدعوا العروبة وهم أبعد الناسِ شُقة عنها فلا هم من كِنانة أو كلاب ولا من خُزاعةِ أو تميم.. بل هم في العُروبة كما الصفقة في الشجر.. كان يمكن أن يكونوا في قارتهم الأم لُب الحضارة ومراقد العلم وذُرى المعرفة التي يتمنى كل الناس تسنم مراقيها لقادوا أفريقيا لمراقي التقدم والعُلا. ولو إكتفوا بسوداناوية أعزوّها- وقدروا- أنهم أسعد الناسُ بِها موقعاً فهم قد أخذوا من هاتين المزيجين أجّمل ما فيهمِ من صفات.. لكفاهم هذا شر التشظي والإنقسام الحاصل الآن. قد يتسآل كثير من الناس مالِ لهذا الشعب وصمت القبور وهو المعروف سلفاً بعِشقه للحرية والريادة والتحليق عالياً في سما المحبة والرفِعة والرُقي أن يكون حاله كهذا الحال المذري .. أليس هو من فجّر أكتوبر وأبدع في أبريل.. هذا الشعب الذي يتمتع بذكاء بفطري وسياسي يندر أن يكون موجود بين كثير من الأمم والشعوب.. هو للأسف يُعاني من أكبر مشكلاته الآن وهي مشكلة القائد المُلهم الذي يتمتع بالكاريزما وعفة اليد وطهارة النفس وعميق الفهم ووافر المبادأة .. كثيرُ الجرأة والقيادة التي تنتشل هذا الوطن العظيم وهذا الشعب الكريم من مهاوي الردى والتراجُع المخيف في كل مناحي الحياة.. إن طيور الفينيق التي ظلت تحتل الرئاسة في - إن لم يكن كل- فغالب الأحزاب السياسية لقرابة النصف قرن من الزمان لا يمكن أن تنادي بمبدأ التداول السلمي للسلطة والثروة.. لأنه عار أن تنادي بما تمنع الناس ما أنت مؤتيهِ.. فكيف بمن يحرّم على غيره الخمر وهو شاربه.. لو إكتفى كل قادة العمل السياسي بأن تكون دورة الرئاسة في الحزب لعدد معين من السنوات حدها الأقصى ثمان سنوات على دورتين مثلاً بعدها يذهب معززٌ مكرم لمجلس إستشاري خاص يتبع لرئاسة الجمهورية أو غرفة ثانية مثلاً من البرلمان تسمى مجلس الحكماء أو الشيوخ تكون من بعض مهامه صياغة نظام عتيد ومنيع من الأنظمة والقوانين والدساتير الديمقراطية التي تُراعي كل هذا الحُسن الفريد والعِقد النضيد في هذه الفُسيفِساء المسماة شعوب السودان. لوجدوا من المحبة والتقدير في نفوس الناس ما يملأ الأرض عليهم ويفيض ولكانوا كالسُم الزُعاف لكل أدواء الديكتاتورية البغيضة والعنصرية الكريهة.. ولكن لا بلح اليمن نالوا ولا عنب الشام قد طالوا! بل فجور في الخصامة وجوعاً على غير إشباع في موائد اللئام. إّن من يحاول أن يذهب على عكس ما تسير به عجلة التاريخ إلا من قد سفِه نفسُه يظنون وبعض الظن إثم أنهم سيظلون أبد الدهر أحياء يتمنون على الله الأماني بطول العمر وفي الآخرةِ نعيمٌ مقيم.. وكل الديكتاتوريات البغيضة التي تُشابه نظامهم الكالح القبيح قد قبرتها إنبثغات الأمل ودفقات الشعاع وأسنةُ الحقِ من الرماح. فلا موسيليني ولا هتلر أو فرعون قد تبقّى من ريحهم إلا قبيح الذكرى وسوء المآل. وهذه الأرض.. مهما تتطاول عليها الألم.. وزاد المخاض عليها.. آلام.، وإزداد ليلها حِلكةٌ على إظلام!! فليس ذلك غير تكاثُر الخفافيش التي تحبُ الظلام.. تأوي إلى أوكارها تُمني النفس بطول الليالي.. وغياب الشمس إلى الأبد لتهنأ بالظلام. سيأتي من بين فِجاج الأسى وجراح الألم من يكون قدر التحدي و القوة والشجاعة والمهابة ليكون لهذا الوطن القائد المقتدر والسيف الذي على الباطل والفساد ينتصر وللشعب كالماء النمير ينهمر.. فمثَل هذا الشعب وإن تتطاول ليله وفتكت به الأحزان لقادر على أن يأتي بمثل هذا الفارس الهُمام.. فالأزهري وأمثاله ما ندر.. جاد الزمان بهم.. وسيجود بمثلهم وأفضل، تارة أخرى.. . ومزبلةُ التاريخ موعودة بالكثير.... .