إليكم ................... الطاهر ساتي ومع ذلك ..أحسنت يا برلمان ..!! ** المهندس عبد الجبار حسين عثمان، الأمين العام للنهضة الزراعية، يكتب بالنص : ( ليست هناك تقاوى فاسدة أومغشوشة، إنما الذي حدث هو تأثير مناخي على إنتاج زهرة الشمس)..هكذا ختم سيادته ما أسماه بالتعقيب على إليكم، فنشرناه - يوم الأثنين الفائت - على مساحة (ربع صفحة)..ولم يكن تعقيبا على أية زاوية كتبتها، فللتعقيب قواعد منها تفنيد أسطر الزاوية سطرا تلو سطر بالأدلة والبراهين، ولكن ما كتبه الأمين العام للنهضة الزراعية كان تكذيبا لحزم التقارير والوثائق والوقائع التي تؤكد فساد زهرة الشمس وفساد الجهات التي إستوردتها وإستخدمتها.. وللأسف حين كذب الأمين العام كل تلك المعلومات - وإتهم المناخ - لم يستند على أي دليل أوبرهان ولم يرفق أي تقرير صادر عن الإرصاد الجوي، ولذلك تجاهلت أمر التعقيب عليه وإنتظرت ما سيحدث في البرلمان حين يستدعي وزير الزراعة الذي إستلم صورة من تعقيبه ذاك..نعم، عبد الجبار لم يكتف بإرسال تعقيبه إلينا، بل - كما وضح بالقلم الأخضر أسفل التعقيب - أرسل صورة منه لوزير الزراعة أيضا، وهذا تصرف غريب ولم يرد في قانون الصحافة بعد، وهذا يعكس بأن الأمين العام لم يكتب تعقيبه لوجه الله ثم الوطن والرأي العام فحسب، بل كتب أيضا بلسان حال قائل ( عاين يا المتعافي، أنا دافعت عنك وإتهمت المناخ )..!! ** على كل حال، لقد أحسن البرلمان عملا حين حسم هذا الملف - ضحى البارحة - بإحالة تقرير لجنته الزراعية إلى وزارة العدل..والتقرير لم يتهم المناخ - الذي يتهمه الأمين العام للنهضة الزراعية - بالتجاوزات والمخالفات، بل يقول نصا : ( توصي اللجنة الزراعية بأن تتولى وزارة العدل تكوين لجان قانونية لإجراء التحقيقات والمحاسبة كما يلي : محاسبة مدير إدارة الوقاية، بسبب الإدلاء بمعلومات متضاربة وغير دقيقة..التحقيق مع إدارة الحجر الزراعي ببورتسودان، لمعرفة الأسباب التي أدت للإفراج عن تقاوي الزهرة بالرغم من إقرارهم بإصابتها بالفطريات .. التحقيق مع مدير إدارة التقاوى، لقبوله إرساء العطاء لشركات لم تعمل في مجال التقاوى..المحاسبة الإدارية والقانونية لكل من تسبب مباشرة في حدوث ثغرة فنية أو مالية أو قانونية..التحقيق ومحاسبة مدير عام البنك الزراعي والمستشار القانوني للبنك على الأخطاء الإدارية والفنية والمالية والثغرات القانونية المباشرة، وكذلك على موافقتهما على إقرار المزارعين على تحمل المسؤولية بزراعة تقاوى زهرة الشمس بالرغم من علمه بضعف إنباتها بنسبة (44%)..)..هكذا وصى البرلمان بالأغلبية، وأحال الملف إلى وزارة العدل..للأسف لم تشمل توصية البرلمان محاسبة المناخ أو التحقيق مع الأمطار، أو كما يشتهي الأمين العام للنهضة الزراعية ..!! ** المهم، تلك التوصية - رغم أهميتها - إلا أنها غير مكتملة..لمن تتبع إدارة الوقاية بوزارة الزراعة؟، ولمن تتبع إدارة التقاوي بذات الوزارة ؟..إذ كل من يعرف أبجديات النظام المتبع في إدخال وتوزيع وإستخدام مدخلات الزراعة، يدرك بأن وكيل الوزارة هو المسؤول التنفيذي الأول عن كل مراحل طرح وفرز العطاءات، فلماذا لم تشمله تلك القائمة ؟..ثم ما هي مسؤولية وزير الزراعة السابق - البروف الزبير بشير طه - الذي حدث في عهده كل هذه (البلاوي )؟..وبالمناسبة : وزير الزراعة الحالي - المتعافي - يجب أن يساءل عن المبيد الفاسد الذي أستخدم في قطن الموسم الفائت، أما التقاوى الفاسدة فهى من مخلفات عهد الملقب بأمير الدبابين.. وأيا كان الوزير والوكيل، ليس من العقل - ولا العدل - أن تتجاوزهما قائمة التحقيق والمحاسبة البرلمانية ، بحيث يكتفي البرلمان بمدراء الإدارات ك ( أكباش فداء )..هنالك شئ في العمل العام اسمه المسؤولية السياسية وهناك شئ آخر - أهم - في دنيا الناس اسمه المسؤولية الأخلاقية.. ولذلك - ولو من باب تذكير الوزراء والولاة والوكلاء بتلك المسؤوليات - كان على البرلمان أن يوثق حرف عتاب يعاتب الوزير والوكيل، هذا إن كان خائفا أو عاجزا - ولا خجلان - عن إدراج اسمهما في قائمة المحاسبة والتحقيق .. هذا النهج المحاسبي الذي يبرئ الوزير والوكيل ثم يتهم المدير والموظف، يعد بمثابة تنفيذ جيد لنظرية ( يعملوها الكبار ويقعوا فيها الصغار) ..!! ** ومع ذلك، أن يصل نواب البرلمان بالقضية إلى هذه المرحلة أمر يستحق الثناء رغم أن هذا واجبهم ودورهم الطبيعي..ولكن لاخير في كتاباتنا إن لم تقل لم أحسن (أحسنت)، ولمن أخطأ (أخطأت ) .. والبرلمان أحسن عملا - ضحى البارحة - حين أحال ملف تقاوي زهرة الشمس إلى وزارة العدل، وليس في إستطاعته أن يفعل أكثر من ذلك، و( العافية درجات)، أوكما تقول العامة حين لاتتحقق من الغايات إلا بعضها..وعليه، فلتحول الصحف أنظارها إلى إتجاه آخر، لترى ( ماذا تفعل وزارة العدل ؟) .. !! ................................ نقلا عن السوداني