تراسيم.. بندول السيد الوالي !! عبد الباقي الظافر صديق عزيز يدير معملاً صغيراً وشهيراً لإنتاج الآيسكريم.. رجل الأعمال هذا اتخذ قراراً بتخيفض إنتاجه رغم الطلب العالي.. استسلم هذا المستثمر للظروف وأغلق خط الإنتاج الذي يبيع بالجملة واكتفى بالبيع للأفراد حتى يحفظ اسمه في السوق.. السبب الارتفاع المتتابع في مدخلات الإنتاج المحلية والتي يوازيها ارتفاع أكبر في المطلوبات من السوق الخارجي. إحدى المطابع التي تعول عدداً مقدراً من العاملين استقبلت الأسبوع الماضي فاتورة استهلاك مياه بثمانين مليوناً من الجنيهات.. إدارة المياه لم تستثنِ حتى المركز الصحي الملحق بها من الحرمان من الماء.. المركز الصحي الذي يعالج المواطنين أغلق أبوابه.. فيما تنتظر المطبعة أقدار الله. تمنيت من والي الخرطوم أن يزور أياً من مصانع السودان ليعرف كيف تحطم الحكومة الصناعة.. الوالي اتخذ قراراً باستيراد الفراخ من الخارج.. اضطر الخضر إلى هذا الأسلوب بعد أن فشلت كل المعالجات في السيطرة على أسعار اللحوم.. بما في ذلك سياسة الامتناع عن أكل اللحوم.. الإضراب الأخير شجع الفقراء على استغلال الانخفاض المفاجئ لتخزين ما يحتاجونه من اللحوم.. فيما سيهجم الأغنياء اليوم على (اللحمة) بنهم وشوق وتعود الأسعار إلى علوها. سياسة الاستيراد لن تحل المشكلة إلا وقتياً.. الفراخ العابرة للحدود ستنافس فراخنا التي تحمل على ظهرها الكثير من الرسوم المسيئة.. النتيجة النهائية إن فتحنا الباب على مصراعيه سيكتب البوار على صناعة الدواجن الناهضة.. إنتاج الدواجن تضاعف في ولاية الخرطوم التي باتت تنتج سنوياً نحو خمسين مليون دجاجة.. بمعنى أن كل مواطن بالخرطوم لا يلتهم في عامه إلا سبع دجاجات.. هذه نسبة ضعيفة مقارنة بدول تشابهنا في الحال وتجاورنا في المجال. حتى إذا أراد الوالي الخضر أن يستورد ما نحتاج من اللحم الأبيض فليس الأمر متاحاً.. محافظ بنك السودان بعد أغلق الدائنون عليه الأبواب.. اضطر المحافظ محمد خير أن يستميح دول الجوار أن تستخدم خزائن السودان لحفظ أموالها.. حتى هذا الطلب المتواضع يصبح بعيد المنال في بلد يبشرنا وزراؤه بطول الحرب وبعد السلام.. بنك السودان قبل أن يعلن الوالي نيته استيراد الفراخ وقبل أن يعلن وزير التجارة عزمه للتراجع من القيود الموضوعة على استيراد السيارات.. اشتكى بنك السودان من زيادة فاتورة الواردات.. 75% من صادرات السودان حالياً تعتمد على التعدين العشوائي للذهب.. من أربعة مليارات دولار ضاعت بانفصال الجنوب لا نملك بين يدينا إلا ملياراً ونصفاً من عائدات الذهب. خارطة الطريق التي تمنع الكارثة تبدو في حزمة سياسات تشجع الإنتاج الداخلي وتجذب الاستثمار الخارجي.. في ذات الوقت نحتاج إلى تخفيض الإنفاق العسكري والسيادي.. والي الخرطوم في مؤتمره الصحفي بشرنا بوزارة جديدة لحماية المستهلك.. أما الحرب فلا أحد يعلم على وجه اليقين متى تضع أوزارها. بصراحة الروشتة الحقيقية للعلاج تقتضي تغييراً شاملاً في السياسات وفي الوجوه.. وهذا ما لن تفعله الحكومة السودانية التي أدمنت الاستشفاء بالبندول. التيار