2011 سنة تمام الفهم ..! محمد علي الشيخ [email protected] طوى عام 2011م صحائفه ورحل بعد أن خلد نفسه كتاريخ يبقى في ذاكرة الأمم والشعوب، رحل لكنه سيبقى عالقاً في الذاكرة الجمعية لشعوب المنطقة العربية بإثرها، فيه تهاوت أصنام ظلت لعقود تركع الشعوب تحت أقدامها وتسبح بحمدها خوفاً وطمعاً، وعندما جاعت هذه الشعوب لم تتردد في أكل تلك الأصنام. والحدث الأعظم في هذا العام هو أحداث المنطقة العربية التي أدارت رؤوس كل العالم من استثنائتها ومفارقاتها، المواطن العربي يكسر حاجز الخوف وينتفض على جلاده، جمهوريات من الرعب تتهاوى، تحت صيحاته وهتافه الثوري. لذلك سيكون 2011 سنة فارقة في التاريخ السياسي للعالم العربي. ففي عام 2011م حدث ما كان مستحيلاً، ثورة في تونس كان وقودها عربة خضرجي بسيط، وثورة في مصر أشعلها شظف العيش وتزوير إرادة المواطن ونهب ثرواته، وأخرى في ليبيا التي لم يعرف الناس عنها شيء سوى وجه العقيد وخطبه ونظرياته، ختمت فصولها بنهاية مأسوية له ولأبنائه الذين تشرد من بقى منهم شرقاً وغرباً ينشدون الملاذ الآمن ..! عندما أصبحت بلقيس أمام الحقيقة قالت ( ربي إني ظلمت نفسي وأسلمت مع سليمان لله رب العالمين ) وقالت امرأة العزيز عندما انكشف أمرها : ( الآن حصحص الحق) ، و قال فرعون عندما أدركه الطوفان : ( الأن أمنت برب موسى) وتتكرر المواقف ليأتي في هذا الزمان بصور أخرى وشخصيات على شاكلة أسلافها فمنهم من قال بعد أن قضى الأمر : ( الأن فهمتكم )..!، ومن قال : ( ما كنت لانتوي الترشح لفترة رئاسية جديدة ) ومن قال : (لا تصفير للعداد)، ومن قال مخاطباً من ثاروا عليه : ( أنا لست رئيس .. لو كنت رئيس كنت لوحت باستقالتي على وجوهكم) .! التاريخ يعيد نفسه بصورة غريبة دون أن نستخلص دروسه أو نتعلم من عِبره. وإلا الكل يعلم النهايات البائسة التي انتهى إليها أصحاب المقولات أنفة الذكر. عام 2011م رد للمواطن العربي كرامته وحريته، وأعاد لصناديق الاختراع مصداقيتها، وعزز مفهوم العدالة والمحاسبة مهما كبرت الأسماء وتعددت الألقاب. ما حدث في العام الماضي انجازاً تاريخياً عظيماً كلف الشعوب ثمناً غالياً، مدشناً حقبة سياسية بمفاهيم جديدة أهم ما يميزها الحرية والكرامة والديمقراطية التي تحترم خيارات المواطنين وبالتالي نهاية عصر الخوف والخنوع وتكميم الأفواه. وما زالت شرارة الانتفاضات تنتقل من بلد إلى أخر، حيث الرغبة في صنع الثورة باتت عدوى تداعب أحلام الشعب في أكثر من بلد عربي، والعاقل من وعى الدرس وفهمه قبل فوات الأوان.ولا جدوى لترهات السيد نافع علي نافع بأن ( الربيع السوداني غشانا قبل عشرين عاما ويزيد، بل تنسم السودان عبيره ..!( .. ايها المساعد أدركوا المناصير قبل أن يكمل فهمكم ..فمنذ عهد سيدنا نوح السفن تتحسب لكل شيء إلا الجرذان، ولذلك تغرق..!