ما وراء السلفيين هذا اوان الاستنارة من قبل المثقفين ورجال الدين المعتدلين التوم إبراهيم النتيفة يشهد السودان هذه الأيام هجمة شرسة من تنظيمات الهوس الديني السلفيين..وهذه الهجمة ليست بالجديدة فقد سبقتها هجمات من قبل على سبيل المثال هجومهم على مسجد الحارة الأولى بالثورة وقتل المصلين فيه وكذلك مسجد الجرافة وود مدني . وإصدار فتوى بالردة على مائة مثقف وإهدار دمهم ودفع جائزة مالية ضخمة لكل من يقتل واحد منهم! ولكن الجديد هذه المرة ! إصدار فتاوى بالتكفير ضد زعماء سياسيين الترابي ومحمد إبراهيم نقد. وأخرها إصدار فتوة من الرابطة الشرعية بتكفير الأمام الصادق المهدي والمطالبة بتوبته ونحن نربأ بالسيد الصادق من هذه التهم. وثمة سؤال يطرح نفسه ولكن لماذا الصادق بالذات؟ لأنه أحد الرموز الدينية الكبيرة في البلاد وفي تقديرهم إذا رضخ أو أستسلم- وهذا مستحيل- سوف يكون الطريق أمام هؤلاء الأدعياء ممهداً لفعل ما يريدون ثمة سؤال يتردد عند الكثير من الناس لماذا تتصاعد تلك الهجمة هذا الوقت بالذات ؟ الإجابة واضحة هى صرف أنظار الشعب من أخطر قضاياه وما يمس حياته الأزمة الاقتصادية والضائقة المعيشية واستفحال غول الغلاء والفساد الذي استشرى في البلاد من أقصاها إلى أقصاها ومن ثم تشكيل عطاء لفشل المؤتمر الوطني في قيادة البلاد وإقامة حائط صد أمام رياح الربيع العربي. نموذج السلفيين فى ليبيا : وبالنسبة للبلدان التي حدثت فيها ثورات مصر وليبيا فالأمر لا يختلف كثيراً. أقدم عدد من السلفيين بعدد مدن ليبيا على هدم مساجد اعتبروها ( شركية) على غرار ما حدث في كل من منطقة العزيزية وكذا مدينة جنزور والعاصمة طرابلس نفسها. وكأول عمل تقوم به جماعة الدعوة السلفية بعد إعلان رئيس المجلس الانتقالي إن ليبيا الجديدة ستحكمها الشريعة الإسلامية. وفي ظل تزمر سكان المناطق المعنية الذين قالوا عن هذا الفعل شبيه لما أقدمت عليه حركة طالبان أثناء حكمها لافغانستان . شهدت هذه المدن قدوم عشرات من المقاتلين السلفيين المحسوبين على كتائب الثوار على تفجير وتدمير بعض المساجد التي يتواجد بها قبور وأضرحة علماء المذهب المالكي الذين عاشوا في ليبيا خلال القرن السادس والسابع الهجري. وغير بعيد من العاصمة عرفت مدينة جنزور اعتداء على أماكن عبادة اخرى راح ضحيتها هذه المرة مسجد سيدي سالم الذي يتواجد به ضريحه منذ أكثر من 60 سنة وكان مركزا علمياً لعلوم الشريعة على مذهب مالك . وحدث كل هذا لصرف الشعب الليبي من استكمال أهداف الثورة. النموذج السودانى والمصرى : ونحن غير بعيدين من هذه الهجمة فقد تم الاعتداء بالحريق على ضريح الشيخ أحمد ود الأرباب.. وقتل غفير ضريح إسماعيل الولي. يبدو أن الهجوم السلفي واسع النطاق ولم يتوقف على بلد واحد فأن الموجة شملت عدة بلدان ومن ضمنها مصر الثورة. فبرنامج حزب ( النور)السلفي في مصر يتضمن الدعوة لهدم البنوك باعتبارها بنوك ربوية وهدم السياحة باعتبارها تحض على الفساد . واعتبار الأهرامات والآثار أصناماً يجب هدمها ..ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل أقدموا بالفعل على حرق كنيسة السيدة العذراء وكنيسة امبابا وكنيسة افطيم بالصعيد وحرقوا ودمروا أضرحة لأولياء بها مساجد. ولكن رجال الدين المستنيرين لم يقفوا مكتوفي الأيدي بل شمروا لمواجهة هذا المد الفاشي والذي طال الليبراليين والقوى الديمقراطية يقول د/ شوقي عبد اللطيف وكيل أول وزارة الأوقاف المصري:- ظهرت السلفية في بداية القرن الثالث الهجري وحين نشأت كان هناك أسباب لظهورها . ومنها شيوع المذاهب السلفية ودخول أبناء الفرس الإسلام وقد نشأت نشأة طيبة – اذ كانت مذهباً معتدلاً تدعو إلى الوسطية والاعتدال وعدم الغلو. وفيما بعد نجد من أصحاب الفهم السقيم ركبوا موجتها واستغلوها كشعار فأخذت منحي الغلو والتطرف والفهم المغلوط وهو ما نراه اليوم من البعض الذين فهموا النصوص فهماً سقيماً يتصادم مع صحيح المنطق والعقل معاً فقد صبوا الإسلام في قوالب حسب أهوائهم كتربية اللجنة وتقصير الثياب ومحاربة الأولياء وتكفير من يزور المقابر والأضرحة وعدم جواز الصلاة في المساجد التي بها أضرحة. وعنهم يقول أحمد بهاء الدين شعبان وكيل مؤسسي الحزب الاشتراكي المصري:- هم فصيل من فصائل الحركة الإسلامية تمت ولادته في حضانة أجهزة الدولة وتم منحه فرصاً شاسعة جداً للعمل وسبب ذلك إنهم لم يكونوا يشتغلون بالسياسة فهم من وجهة نظر النظام “نشاط دعوي" فهو فصيل يتميز بعدة أشياء :- أولاً انه مسالم ليس له علاقة بالسياسة. ثانياً سهل التحكم فيه – مستمع جيد للتعليمات ! بلا مشاكل وكانت تلك أوصاف المسلم المثالي من وجهة نظر – مباحث أمن الدولة- وحسب تصريح لأحد أعضاءه إنهم يسيطرون على (2600) مسجد في مصر وهي بالطبع ليست مساجد فقط ولكنها كانت مقرات للتجمع الحزبي وتجميع الأموال وتجنيد العناصر والشحن الديني وغسل العقول- ويواصل- وبالتالي لديهم امكانية هائلة للحركة بالإضافة لانفتاح هذا التيار على المملكة السعودية التي احتضنته وتم توجيهه سياسياً ودعائياً من قبل التيارات الوهابية ! وبالنسبة لنا في السودان أن الأوان للمستنيرين من رجال الدين والمثقفين لأن يصحوا من سباتهم ويواجهوا هذا التيار الفاشي بما يستحقه من مقاومة وإنزال الهزيمة الماحقة به. الميدان