قصة قصيرة فكرة سفر عيسى رحمه محمد جامع [email protected] ((خلاص... جاء يوم العودة ولم شمل الأسرة خمسة أيام لعيد الفطر المبارك ... لأننا متأخرين في كورسات الفلسفة فكل عام وانتم بخير....فول استوب. )) فجاءهم الأستاذ بهذه العبارة وهو خارج من القاعة . نعم عقدت الدهشه لسانها فأنها بعيده من أهلها جاءت من حيث تشرق الشمس لتدرس الآداب بكلية غردون ... ((كيف لي آن أسافر – معقول أكلفت نفسي بقله الأيام هذه وفكرة السفر عندي حنين للأمكنة التي فارقتها في هذا الزمن الكثيف الذي نحتاج فية لأطول زمن نشعر فية كأسرة بوجودنا بشكل عميق ... معقول يا أستاذ عفوا يادكتور الخمسة هذه لا تكفى لرحلة البص السياحي من هنا لكسلا ذهابا وعوده مع الأقدار لوسلمنا من تخاريف الشارع المخيف )) هكذا عقبت على أستاذها إلا انه حاول آن يفلسف قصر الإجازة بطريقته كا ستاذ لمادة المنطق((اسمعوا حقيقة المكان هو امتداد لك هنا عبر ألهناك والزمان امتداد للماضي عبر الراهن والمستقبل . ولهذا فان السفر هو سفر الذاكرة مابين أل هنا والهناك فممكن تسافروا وانتم في أماكنكم ؛ فالخمسة هذة تكفى لسفركم لأمريكا وأوربا وحول العالم وانتم تذاكرون دروسكم بالبركس دون مشاق وعناء)) كان الاستاذ رغم منطقة وحجته القوية آلتي عشعشت في موخرة رؤوس الكثيرين إلا إنها لم تعفوها هي بالذات من التفكير في التخطيط لبرنامج السفر أخذت نفسا عميقا قبل ان يردف الأستاذ قولا ((اقنعوا أنفسكم بان تستفيدوا من تواجدكم بالمذاكره خلال هذه الاجازه فالسفر ليس تنقل الجسد )) محاولا استلطاف طلابه وهو متجها لمكتبة رغم من وجوم الكثير منهم لذلك القرار في تلك الأثناء تذكرت هي أغنية عائشة الفلاتية ((وين منك في علاك – يا الساكن جبال التاكا)) فعاودها الحنين مع الإصرار لذكر الأطلال والزمن وازدحمت أفكارها بالصورة الشعرية للسفر الجاهلية ((سالت بأعناق المطى الاباطح )) فاعناق الإبل التي يسافر على ظهورها المسافرون تسيل كالماء عبر صحراء السفر ... فكيف لا تسافر في عصرنا بالسياحي با سرع ما يسافر أجدادنا عبر الاباطح .فكتمت وتكتمت على صديقاتها مما اختمر في خاطرها ومخيلتها حتى لايفسدون لها فكرة السفر . طالعن فيها صديقاتها وخاصة نجلاء التي لا تفارقها حتى تستشف تأييدها للمكوث بالداخلية إلا أنها صرفت النظر منها .منشقلة بخربشات أنا ملها المعتادة علي دفاترها.... احتدم صوت نجلاء...... ((والله الفكرة عجبتنى ... ((نركلس )) في السجن عفوا الداخلية يالمياء ولاشنو رأيك )) انفجرت لمياء ضاحكه من استسلام نجلاء بهذه السرعة واتهمتها بالسذاجه ... قطبت نجلاء المحيا قائلة بتهكم ((حليلو قال نأوي السفر )) مستهجنه فكرة لمياء التي شكت وحست بهواجسها للرحيل مما زاد في إصرارها على البقاء مغتاظة ؛ محرضة البقية للذهاب للداخليه حتى تتأكد من أنصار فكرة الركلسه ... أنصار الله اكبر ولله الحمد....تحرك ثرب كامل منهن وهن يثرثن كعادة الجنس الشمارى الأخر تاركات صاحبة فكرة السفر لوحدها حيث رأت الاستنكار في زميلاتها والحرج في نفسها من عدم الإفصاح عن أمرها لم تبال كثيرا بل فرحت في اليوم التالي عندما جاءت ساعة الصفر عندما قررت السفر خسلة من صديقاتها ... مضت اللحظات سراعا حتى وصلت السوق الشعبي وفى طول الطريق كان في داخلها اثنين .إحداهما يدفعها حتى تكمل السفر وتتحدى استسلام ثربها ؛أما الأخرى أنها خالفت جيدها وخوفها من قبيلة ((الشماراتية )) عليها . دون اكتراث جاءت لشباك التذاكر فتناولت تذكرتها بسهولة لأنها حددت حجزها بالتلفون من أمس فلم تعانى من زحمة شباك التذاكر كثيرا حيث ذكرت أحدهم بان رقم مقعدها بعمرها تماما فتذكرها فورا وسلمها تذكرتها وحضها بالإسراع للبص لان البص بداء يتحرك الآن ... ووجه طفل بحوارها لم يتعدى عمره "ماسحي الورنيش" في حمل عفشها فاسرعا سويا حيث السياحي الذي يشبه طول ليل الشتاء ليبدا يتهادى وسط الزحمة فيختلط صوت محركات البص بأصوات الباعة وصياح السماسرة مما يجعل المنطقه كلها ضوضاء ويجعلك تحس كأنك فى وسط محيط متلاطم الأمواج يبحث عن المفر ..يتحرك ذلك المتهادي إلي حيث لا تدرى هى وينبعث من على جنباته صوت ذلك المغنى الذي يصك الأذان ...... هل هذا نحيب ام عويل ... سبحان الذي آمات فحول الغناء قبل يومهم وترك لنا هذه الأصوات التي تجعلنا نتأسف جميعا على الغناء والمغنين .يبدا الكمساري في إخراج ثلاجات الماء ليبدء ترحيلها لوسط البص ملحقا بها اكواب الإستيل مما بنبئ بطول الرحلة ويمر الزمن بطيئا والنعاس يدب في الجفون فنام العسكري بجوارها الذي يبدو عليه الإجهاد وكثرت المارشات العسكرية فاطاح بها الجريدة التي كان يطالع فيها مما اثأر فيها الفضول لتفحصها حتى لحقت بالركب الميمون مستجيبة لدعوة الإغفاء . شهور لم تنم كما آلت إليه الآن .... الإنجليزي-الفلسفة –النشاط الطلابي –هموم التراب- الوطن –الداخليه –الشمارات –العفرته كلها شغل شاغل لها ليحرضها للنوم بالجامعة لكنها وجدت ضالتها في هذا البص . فجاءة يعلو صوت آخر باستريو البص .. عثمان حسين الذي تعشقه وتموت فيه .فتصحوا لتكتشف ذلك الطريق المتلولوي الذي يدعو للحيره . لترى دخان يعلو ما يشبه المصنع فتحسبه صوامع غلال القضارف .لاكنها لم تستدرك العلا قه في وجه الشبه وذلك لأنها تدرس الانجليزيه بالآداب فلم تزعفها لغتها العربية من إيجاد الغرينه مابين الدخان والصوامع في عالم الصناعة كما لم تجعلها مسارعة البص مع حافلة أخري في أدراك كنهه العلاقة فستمرأت حرارة السباق التي بداءت تزداد كما قربت الحافلة من البص . طبيعة خلابة ... مناظر لم تشهدها من قبل ... عربات اللوارى المحملة جنباتها كميات من الدجاج يختلط صوتها بنهيق الحمير على طول الطريق ... البشره السمراء الداكنة التي تجول خلف قطعان الأبقار .اندهشت للطبيعة التي تعهدها مما شجعها لسؤال العسكرى الذي يبدو عليه انتظار لهفة المناسبه . قفالت له ((مابال المسافة طويله )) فقال لها ((ليل العشاق طويل ))... فصرفت نفسها عن بقية فضولها حتى لا تختلط للعسكرى خطوط النار . إلا إنها بدأت لها الحيرة عند ظهور مدينه لم تراها من قبل ... هذه كسلا ؟؟؟؟... أين عاليها –أين التاكا ؟ هل ذهبت مع غارات التمرد أم إنها وصلت أوربا كما قال أستاذ الفلسفة فجاءة وصلنا الأبيض .. سبحان المولى مبدل الحال من حال إلي حال تذكرت الدكتور .... رفيقاتها ... تذكرت الاجازه ... فصرخت بأعلى صوتها عند الوصول !!! ((أنا سافرت بتذكره غلط !!أنا سافرت لمدينه غلط !!أنا ماشه كسلا......... مش الابيض )) واختلط عرق الخوف مع جوع رمضان بذرات غبار السفر مما منحها شكلا حنينا دافئا لاصحابها وشوقا دافقا للداخليه فرجعت بكرم كردفان وحب الزمان واتخاز القرار فجاءت عائدة للداخليه دون رائحه كما سافرت خسله ألا أن الشمار فاحت رائحته وسط رفيقاتها هكذا تعلمت فلسفة السفر - يا حليلو قال نأوي السفر . عيسى رحمه محمد جامع