الصافي جعفر ..ونواح الحزن القديم .. محمد عبد الله برقاوي .. [email protected] فقد أى سوداني ..أيا كان توجهه والى أين كانت وجهته ، وحيثما تكون جهويته ، فهو نزف من قلب السودان وجرح في كبده. من منا لم ينفطر فؤاده من منظر ابناء وذوي ضحايا طائرة الأمس الأول وقد اسوّد عليهم العيد ، وتراهم يذرفون الدموع وهم يرتمون في احضان المعزين الذين تقاطروا على السرادقات التي سدت الشوارع والقت بظلال أساها على اثنين وثلاثين بيتا من بيوت الوطن ، واننا حيال تلك المشاهد المؤلمة لانملك الا أن نرسل صادق المؤاساة وخالص العزاء للبلد ولكل أهل الضحايا ونبتهل الى الله أن يلزمهم الصبر الجميل ويمن عليهم بعاجل السلوان ويتقبل أعزائهم قبولا حسنا مع الصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقا . شاهدنا يوم الحادث ، مجلس العزاء التي أقامته الدولة وأمه المسئولون على أعلى مستوياتهم والدبلوماسيون وغيرهم من العسكريين والمدنين.. كان الكل بلباسهم المدني ألا المهندس الصافي جعفر الذي جاء بزي المجاهدين البرقع يعتمر كابا لم يحسن وضعه وكأنه يقول من فرط ألمه أنه لم ينتبه لاعوجاجه على راسه ، وقد حسبته جاء جاهزا للمعركة وقد ربط حصانه عند شايات القصر وأسند سيفه عند حائط المبكى ، ثم وقف يتصنع الأسى بتقطيبة وجه عبوس بان عليه أثر التمثيل واغماضة عيون ، تذكر بما قرأناه عن نواح الجواري في قديم الزمان حينما يبالغن في البكاء بكيل التراب والرماد على الرأس وشق الجيوب ولطم الخدود أمام اسيادهن في فواجعهم تزلفا لهم وكسبا لرضاهم ! ولعل مظهره ذاك قد سبب الحرج لسادته الذين دثروا أسباب الحادث في طيات الرواية الرسمية التي حملها بيان الاعلان عن الحادث ورموا بالوم على قمة الجبل، وابتلعوا العبرة المرة خلف كعك وحلاوة العيد، ومسحوا أدمعهم بشالات الصمت ، فيما كان الصافي قد سبب لهم احراجا لا مثيل له وكأنه يوحي للناس بان الحادث مدبر وعلينا الجهاد للأخذ بالثار ، وقد بدأ حرج المسئولين مرتين ، ألأولى حينما مال النائب الأول برأسه الى الرئيس وهو ينظر الى منصة الخطابة وكأني به يقول هذا المنافق ياريس ماباله سيجلب لنا الهواء الساخن؟ والمرة الثانية عندما مرّ بالصف الأول بعد انهاء خطابه المفتعل وحيا بطريقة عسكريةلا يجيدها وقد رمقه العسكريون الجالسون بالزى المدني بنظرة احتقار ، ربما تضاف الى ركام تعبير الناس الناقم عن فشل الرجل في مهنته الأساسية كمهندس و اخفاقه الكارثي في مشروع سندس ، وخيبة أمله حتى في كل معلقات شعره التى لم ترفعه قيد أنمله مترقيا في هاوية الانقاذ ، فأحتار أهلها فيما يفعلوه به ، حتى اهتدوا الى شماعة ما أسموه هيئة الذكر والذاكرين التى اخترعوها ليعلقوا عليها خريف عمر الرجل الذي تقطعت أنفاسه في طريق التزلف لهم! ولا حول ولاقوة الا بالله العلي العظيم وانا لله وانا اليه راجعون ..