بإرتيريا عصابة أخري ، تحكم بقبضة من حديد ، تأسر البلد وتُعَيِِّشَه بعزلة عن العالم ... والشباب الارتري مشرد وهائم في ارض الله الواسعه ، ومن بقي منهم ( في الداخل ) يكتوي بنار القهر والكبت ... وأقل شئ يمكن أن نوصف به دولة ارتريا – جارتنا والبحر – هي السجن الكبير . أفورقي يحكم وحده ، ويقرر وحده ، لا دستور – وهو مجمد فعليآ – لا قانون ، ولا حتي إعتراف بمعارضه ، ولا يسمح لأحد بأن يُنشئ حزب ! .... ولا تسأل عن الاعلام المستقل أو وكالات الانباءالعالميه ، فهي محرمه وممنوع التعاون معها ! .... ويبدو أن أفورقي عندما انطلق مطلع التسعينات ( نحو الحكم ) لم يُلقن بوصايا تعينه علي ممارسة النفاق والتملق ... فهو يَعُف عن تكوين الاحزاب الديكوريه ( التوالي ) وكذلك لم يقدم علي التظاهر بديمقراطيه ( زائفه ) ، ولم يسعي لطمس الحقائق ( وممارسة التضليل ) ... بل يُصِرُ علي ( التكتم والغموض ) في إدارته لبلاده . وسجون أفورقي المظلمه يقبع بداخلها – ظلمآ – شباب ، وعلماء وشيوخ ولا جُرُمَ ارتكبوه غير أن لهم وجهة نظر مغايره . نحن في السودان ربما نستوعب أكثر من غيرنا معاناة الشعب الارتري الذي يعيش تحت وطأة القهر والفقر ، وأصبح هَمّ الكثير من الشباب هو الهروب خارج الوطن ، والالتحاق بمعسكرات اللاجئين بشرق السودان – ولن أتحدث عن ما يدور هذه الايام من أحاديث عن اتجار بالبشر وانه ينطلق من هذه المعسكرات ، وكما أن العلاقه بين الحكومه والشعب هي كالعلاقة بين الضعيف قليل الحيله من المتكبر الدموي ( عديم المروءة ) ! ... وحتي النهضة التي شهدتها بعض المدن الارتريه يدفع ثمنها شباب صغار يتم تنسيبهم الي القوات المسلحه في وقت مبكر من المراحل الدراسيه الأوليه ( وهو ما يعرف عندهم بالساوا ) يقومون بأداء فترة الخدمه الوطنيه والتي ليس لها تاريخ محدد !! ( أي مدي الحياة حال لم تتوفر موانع ) ... فهذا كفيل بأن يجعل الشباب يهيمون ويبحثون عن مخرج ، ويعرضون أنفسهم للمخاطر ( الهجره غير الشرعيه ) وكذلك الوقوع ضحايا للشبكات الإجراميه ومهربي البشر . نعم معظم إفريقيا تعيش تحت وطأة حكومات ديكتاتوريه قمعيه ، لكنها تمنح هامش حريات " علي الأقل تدافع به عن نفسها حال مهاجمتها من قبل المنظمات والهيئات العالميه التي تهتم لأمر الإنسان وحقوقه ...عكس ارتريا التي يعيش مواطنها في رعب كبير من هذا الأفورقي وعصابته ،حتي وهم بعيدين عن دولته ، لا يقوون علي التفوه بكلمه عن ما يحدث بالداخل ( بإعتبار أن لفرعون يد طويله وأنه سيلحق بهم الأذي ، حتي وهم خارجها ! ) ارتريا ستصبح منارة الجنوب بالفعل إن سمح لها هؤلا بأن تنفتح علي العالم ، في كل الجوانب ( سياسيه إقتصاديه واجتماعيه ) لانها دوله تتوفر فيها العديد من المقومات الجاذبه ، ولديها ما يؤهلها لتكون قبلة ووجهة يجد فيها الكثيرون مبتغاهم ... ولكن تأبى نفس هذا الشرير ( أفورقي ) إلا أن يشرد أهلها وينغلق علي نفسه ، ويحرم مواطنيه من العيش الكريم، فكثير من المناطق في ارتريا اليوم لا تتوفر فيها أدني مقومات الحياة !!! مؤسف سادتي أن نبحث ونعمل ليل نهار – مع اختلاف الطرق والوسائل – لأجل الحصول علي الحقوق ، وممارسة الحريات العامه ، وكذلك عن الحق في حرية التعبير وصياغة – أو بالأحري المشاركه في صياغة – واقع بلداننا ... ونبث للعالم أخبار إنقلابات ، وثورات ( للتحرر ) ، وجدل وشد وجذب في الممارسه السياسيه !! ... إحدي المرات تساءلت ، ما هي الاجابة التي يمكن أن يرد بها أب أوروبي – أو أيآ من مواطني دول الديمقراطيات العتيده – علي إبنه الذي يجده يتابع أحداث الشرق الأوسط وافريقيا ( مظاهرات وحروب ، وثورات ) ... عندما يقول له : أبي ما الذي يحدث ، لماذا كل هذه الوحشية وهذا الدمار ؟؟؟!!! أيقول له أن رئيسهم جاثم لعقود ؟؟ أم أنهم يطالبون بالحرية ؟؟ طبعآ – علي كلِ – سيقول له الحقيقة ولن يكذب عليه ، وعندها مؤكد سيقول إبنه بأسف وإمتعاض ..... هذا " مقزز " أبي ! ... أخيرآ ... ارتيريا ليست بمعزل عن ما يجري في الشرق الأوسط ( وبعض إفريقيا ) حيث تتغير الخرط السياسيه ، ومع التململ الشعبي ( الصامت ) بالداخل ، وتزايد النشاط المعارض للرئيس أفورقي بالخارج في ضوء ما تناقلته وسائل الإعلام عن تمرد قوة من الجيش واحتلالها لمبني وزارة الاعلام ( مطالبة باطلاق السجناء السياسيين والدستوروالحريات ) .. كله سيلقي بظلاله وحتمآ يطالها التغيير ، وسيرحل أفورقي ( ويُهلك كما يحلو لمعارضيه ) ... فقط نأمل أن تتحرك جهات دوليه نعلم ان تحركها - في كل ما يتعلق بإرتريا - سيكون له الأثر . قولوا يا لطيف . نصف الكوب أيمن الصادق [email protected]