بقدرما نجح المراسل الصحفي الطيب محمد عبدالله في اصطياد والي النيل الأزرق الجديد بإجراء حوار صحفي نشرته صحيفة الجريدة في عددها لأمس الأول .. بقدرما فشل الوالي الجديد حسين يسن حمد في تقديم نفسه للقراء .. وبقدرما جاءت أسئلة الصحفي دقيقة ومعبرة عن لسان حال لا إنسان الولاية فحسب .. بل عن أشواق كل السودانيين وهم يتطلعون لمرحلة جديدة يسود فيها الحوار .. وتفضي إلى الاستقرار .. بقدرما جاءت إجابات الوالي محبطة .. إن لم تكن مفجعة .. ولعل المحرر وهو يحاور الوالي الجديد كان ينطلق من فرضية فهمها كل من تابع قرار تنصيب الوالي الجديد .. وهي أن مهمته الأولى هي مديَّنة الولاية .. أي تمكين الحكم المدني من السيادة في الولاية .. ثم السعي لتكريس مبدأ الحوار والوفاق والوئام والتعايش السلمي بين مختلف مكونات الولاية .. الإثنية منها والسياسية .. ولكن الوالي كان له منطق آخر ..!فحديث الوالي مما ينطبق عليه قول الناس ( أول الآية كفر ) .. كيف ..؟ سئل الوالي أول ما سئل عما إذا كان من الداعمين لفكرة الحوار مع قطاع الشمال ... الإجابة كانت " نحن ندعو إلى السلام، ولكن .. يستدرك الوالي .. السلام الذي ندعو هو مع حاملو السلاح من أبناء النيل الأزرق وليس قطاع الشمال – ونكرر ليس قطاع الشمال .. !! التكرار من عند الوالي والتعجب من عندنا .. ومصدر التعجب .. أن الوالي نفسه وعلى بعد أسطر قليلة من استدراكه هذا يفوض الأمر للمركز مشدداً على مسئوليته باعتباره الأصل .. أي المركز .. وأنه أي الوالي من الداعمين فقط .. وراعي الضأن في الخلاء يعلم أن المركز هذا .. الذي يفوضه الوالي .. قد أعلن في غير ما مناسبة أنه مستعد للتفاوض مع الكيان السياسي المسمى قطاع الشمال .. وليس أي مسمى آخر .. والصحفي يحاول إنقاذ الوالي من نفسه .. فيعيد السؤال بصيغة أخرى .. قرار مجلس الأمن 2046 نص على التفاوض مع قطاع الشمال .. الوالي يغوص أكثر في محدودية الأفق السياسي .. وهو يؤكد مجددا أن .. لا تفاوض مع قطاع الشمال .. فات على الصحفي فقط أن يسأل الوالي عن مهمة البروفسير إبراهيم غندور الذي كلفه المركز أخيراً بقيادة فريق التفاوض ..! ثم يلقى والى النيل الأزرق الجديد بقنبلة أخرى حين يسأل عن المشورة الشعبية يقول معاليه (المشورة الشعبية بالقانون تمارس من خلال المجلس التشريعي المنتخب وأن المجلس التشريعي القائم بين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية وكما تعلم عضوية الحركة الشعبية بالمجلس كونوا حزبا سياسياً جديداً سموه الحركة القومية للسلام والتنمية وهم المناط بهم تنفيذ المشورة الشعبية مع الوطني) .. أيعقل هذا ..؟ .. الوالي يتحدث عن مجلس منتخب وينسى أو يتناسى حقيقة أخرى .. وهي أن الوالي الذي يشرف على انفاذ ترتيبات المشورة الشعبية ينبغي أن يكون منتخباً هو الآخر .. وهو ليس كذلك .. الم تنبهه هذه الحقيقة أن ولايته تعيش ظرفاً إستثنائياً .. لا يستقيم معها التعاطي مع الأمور كأن شيئا لم يحدث .؟ ثم .. الوالي يناقض حتى شعاراته التي يرفعها .. فهو من جهة سيفاوض حملة السلاح من أبناء الولاية .. ومن جهة أخرى سينفذ المشورة الشعبية مع حزب الحركة القومية للسلام والتنمية .. كان الأوفق أن يرجىء الوالي موضوع المشورة الشعبية إلى حين جلاء أمر حملة السلاح .. طالما اعترف هو شخصياً بقضيتهم وبمبدأ التفاوض معهم . ولئن كان أول الآية كفراً في حديث الوالي فإن الختام كان علقماً لا يمكن لأي من أبناء الولاية إبتلاعه مهما إشتط في الغلو والتطرف .. سئل الرجل ما إذا كان بولايته معتقلون سياسيون حتى يطلق سراحهم إستجابة لدعوة الرئيس .. تصور بماذا أجاب الوالي الجديد الذي مهمته مديَّنة الحياة في الولاية والعمل على رتق النسيج الإجتماعي وتكريس الحوار والتصالح وتجاوز مرارات الماضي .. قال معاليه بالحرف (ليس لدينا معتقل سياسي إن المعتقلين الموجودين هم مجرمو حرب) .. تصور هذا هو الوالي الذي بعثه قومه رسولاً للسلام .. هل سمعتم بمجرم حرب في سجون السودان .. ؟ ثم هل يعلم السيد الوالي المعايير التي وضعتها القوانين .. المحلية منها والدولية .. لتوصيف مجرم الحرب .. ؟؟ .. ..عفوا سيدي الوالي .. فالبداية تبدو سيئة ..! تحليل سياسي محمد لطيف [email protected]