العبارة بين المزدوجتين فى العنوان اعلاه ليست من اختراعى بل عبارة وردت على لسان والى ولاية كسلا ، حيث كشف والى الولاية بنفسه فى مؤتمر صحفى عقده عشية افتتاح مهرجان السياحة الثالث فى ابريل الماضى ، بحسب ما ورد بصحيفة «السودانى» بتاريخ 2 ابريل 2013، كشف عن سؤال وجهه له رئيس الجمهورية عن المصادر التى تستمد منها الولاية ميزانيتها، وقال الوالى بحسب ما ورد بالصحيفة إنه اجاب الرئيس بالقول «من دقنو وافتلوا» فى اشارة منه الى اكتساب الولاية ميزانيتها من مصادرها الذاتية ، بذلك تعتبر هذه العبار احدى النظريات الاقتصادية الجديدة التى يعود الفضل فى كتشافها لوالى كسلا . واعتقد أن مجرد توجيه رئيس الجمهورية استفساراً حول مصادر تمويل ميزانية الولاية ربما يحمل قدراً من القلق والاستنكار والشفقة على حال المواطنين والاطمئنان إلى ان ميزانية الولاية لا تأتى خصماً على المواطن وان الدقن الذى يفتل منها ليست دقن المواطن المغلوب على امره . فوالى كسلا الحالى منذ انتخابه ظل يفاجئ سنوياً سكان الولاية ببدعة جديدة تفزعهم فى كل مرة ، ففى عامه الاول هدم مقار الوزارات وبيوت المسؤولين بوسط المدينة بدعوى اقامة مولات وحدائق ومنطقة سياحية،وانتهت باقامة حديقة فى مساحة اقل من ثلاثة الاف متر تحيط بها شوارع زلط فى اشكال هندسية بالاضافة لكورنيش على نهر القاش الموسمى الامر الذى كلف خزينة الولاية اموالاً طائلة فى الهدم وبناء الجديد من مشروعات الوالى المبتكره بجانب الصرف على ايجار مقار مؤقتة للوزارات وبيوت المسؤولين بما فيها منزل الوالى كما لجأت حكومة الولاية لبيع معظم الاراضى السكنية بمدينة كسلا لسد الفجوة بخزينة الولاية وهى سياسة مازالت متبعه تشوبها الكثير من عدم الشفافية ويمارس فيها التجنيب وهى ممارسات دفعت وزير المالية السابق بالولاية لتقديم استقالته . الجدل الذى يثيره والى كسلا فى ولايته ومشروعاته المبتكرة امور لم تكن فى حسبان سكان ولاية كسلا ولا تشغل بالهم ولا تأتى ضمن اولوياتهم واحتياجاتهم الملحة، كان سكان كسلا عندما صوتوا فى الانتخابات الماضية للوالى كانوا يأملون فى تبنى حكومة الولاية خططا وسياسات تنتشل انسان الولاية من وارتفاع معدلات الفقر وتردى الخدمات الصحية، وشح مياه الشرب فى معظم محليات الولاية، بالإضافة للأوضاع المعيشية الصعبة، وتفشى العطالة بين الشباب الذى يقضى يومه فى الجلوس في المقاهى والمطاعم على البنابر والكراسى الخشبية المهترئة، مقاهى تكاثرت فى سوق كسلا الكبير ونمت بجوارها محلات صيانة الموبايلات والاتصالات والتمباك والسجائر، وهى حالياً تمثل مجالات الاستثمار فى الولاية، حيث مازالت قطاعات الزراعة والثروة الحيوانية والصناعة مجالات غير مطروقة، وحكومة الولاية تعتمد على عائدات الاراضى والجبايات بعيداً عن تطوير القطاعات المنتجة . ظل والى ولاية كسلا يعتمد على هذه النظرية (من دقنو وافتلوا ) ليس فى شأن البحث عن موارد وتغذية خزينة الولاية عن طريق (الفتل) وبيع الاراضى فحسب بل ايضا حتى فى شأن ادعاء الانجازات فمعظم مشروعات التنمية التى تتحدث عنها حكومة الولاية باعتبارها انجازات حققتها الحكومة الولاية عبارة عن مشروعات وبرامج خدمية تقوم بتفيذها اما منظمات (الوكالة اليابانية للتعاون الدولى – مشروع مياه كسلا ) او مؤسسات اتحادية مثل ديوان الزكاة وصندوق دعم الطلاب او مشروعات تنفذها الشركات ضمن برامج المسؤولية الاجتماعية (الهيئة القومية للكهرباء- مشروع نورت ) فهذه هى المشروعات التنموية التى افتتحها نائب رئيس الجمهورية السابق الحاج ادم فى زيارتة الاخيرة الى كسلا فى شهر اكتوبر الماضى وهى زيارة خلقت حولها حكومة الولاية زخما اعلاميا كبيرا وقد شملت المشروعات توزيع 50 ماكينة يدوية لشحن عدادات الكهرباء لخمسين أسرة وافتتاح مجمع داخليات بالمدينة الجامعية ومشروع كفالة 24 الف يتيم والوقوف على سير العمل فى تاهيل مشروع مياه كسلا الممول من الحكومة اليابانية وهو مشروع لم يكتمل . والان تتحدث الانباء عن وفد من زعماء القبائل بولاية كسلا فى طريقهم الى الخرطوم للمطالبة ببقاء والى ولاية كسلا فى موقعه بعد التقارير الصحفية التى تحدثت عن تغيرات ستطال عدد من ولاة الولايات من بينهم والى كسلا بحسب ما رشح فى الصحف ، وتتحدث مجالس كسلا عن ان مذكرة النظار جائت بطلب من شخصية نافذة فى الخرطوم وقريبة من ملف شرق السودان لدعم الجهود التى تبذلها تلك الشخصية لابقاء والى كسلا فى منصبه . إنه لأمر مؤسف ان يلجأ المسؤولون الى الوساطات والاجاويد للبقاء فى مناصبهم بدلا من ان تشفع لهم انجازاتهم ومؤهلاتهم وأن مثل هذه الاساليب تعتبر نوعا من المحسوبية وتعبر عن افلاس لذلك، يجب على قيادة الدولة التى تقود التغيير الذى لم يستثن حتى الحرس القديم من الانقاذ ان لا تسجيب لاساليب المذكرات والوفود القبلية ، وإن كان هنالك بالفعل اتجاه لاعفاء ولاة الولايات يجب ان يكون المعيار والتقييم الحقيقى لاداء ولاة الولايات هو رضاء الجماهير التى انتخبت الوالى . فوالى كسلا لو أنه لم يهدم ويكسر ماهو موجود من بنايات بمدينة كسلا ولم يلجأ الى بيع الاراضى وحافظ فقط على ماهو موجود من (صفر كبير) لقلنا إنه انجز وطالبنا باستكمال دورته الانتخابية . محمد على اونور [email protected] صحيفة التغيير