* ازداد الاهتمام في السنوات الأخيرة بأمر تغطية أحداث الجريمة والانحراف في الصحف، وأصبحت بعض الصحف تفرد صفحات متخصصة لهذه التغطية، خاصة بعد ظهور أنماط من الجرائم غريبة على مجتمعنا وطبائعنا وسلوكنا. * بعض الصحف للأسف تلجأ إلى الإثارة بغرض التشويق وجذب انتباه القارئ، وتكتفي بأخبار الجريمة مجردة مع بعض التضخيم المخل بالمهنية والموضوعية، ونادراً ما يكون هناك تحليل أو دراسة لهذه الظاهرة أو تلك. * من الظواهر الغريبة التي بدأت تنتشر في المجتمع ظاهرة العصابات المنظمة التي انتقلت لنا من القاهرة، من بعض الذين لجأوا إليها في أزمان مختلفة بهدف الاستقرار هناك، أو العبور إلى موطن آخر لكنهم فشلوا في الحصول على اللجوء، أو السفر إلى دولة أخرى، فشكلوا في القاهرة هذه العصابات، لكنهم حوصروا وطردوا فانتقلوا بجرائمهم إلى الخرطوم. * لفت نظري العمل الميداني الجريء الذي نفذته الصحفية الناشطة التي تخصصت ونجحت في تغطية أحداث الجرائم والانحراف في صفحتها المميزة بالزميلة (السوداني) هاجر سليمان، الذي نشرته أمس الأول عن العصابات التي اشتهرت باسم (النقرز). * أتفق مع الخبير الجنائي اللواء (م) عطا عبد الحميد الجاك الذي استضافته هاجر في تحقيقها الميداني في رفضه تسمية هذه المجموعات ب (النقرز)، ليس فقط لأنني ضد عنصرة الجريمة، وإنما لأن الجريمة أصلاً بلا هوية، وأنها تنتشر في جميع أنحاء العالم، ووسط كل الأجناس وبين كل الشرائح الاجتماعية. * العصابات الحالية لا تنتمي إلى إثنية معينة وإنما تجمعهم ظروف العطالة والفراغ والضياع النفسي، صحيح أنهم يحاولون التشبه بالعصابات التي كان يطلق عليها اسم (النقرز)، لكنهم ليسوا منهم وإنما هم من أجناس وقبائل شتى، ومنهم أفراد من أسر مختلفة، مفككة اجتماعياً وأخلاقياً. * استحقت هاجر تهنئة وزير مجلس الوزراء أحمد سعد وتستحق تهنئتنا، خاصة على هذا العمل الميداني الذي اقتحمت فيه عالم هذه العصابات وجلست مع أحدهم وحاولت سبر أغواره، رغم أنه كان متحفظاً في إجاباته وإفاداته، إلا أنه أشار إلى سبب من أسباب انحراف مثل هؤلاء الشباب. * مثل هذه الظاهرة تستحق الدراسة والتحليل سواء وسط الذين يقضون فترة العقوبة في السجن، أم أولئك الذين يمكن الوصول إليهم كما فعلت هاجر، لمعرفة أسباب قيام هذه المجموعات المتفلتة وإيجاد الحلول العملية لانتشالهم من عالم الجريمة والانحراف. [email protected]