الاجتماع التقليدي الفني: الهلال باللون باللون الأزرق، و جاموس باللون الأحمر الكامل    يا ريجي جر الخمسين وأسعد هلال الملايين    الشعبية كسلا تكسب الثنائي مسامح وابو قيد    وجمعة ود فور    مراقد الشهداء    ليفربول يعبر إيفرتون ويتصدر الدوري الإنجليزي بالعلامة الكاملة    كامل إدريس يدشن أعمال اللجنة الوطنية لفك حصار الفاشر    مخاوف من فقدان آلاف الأطفال السودانيين في ليبيا فرض التعليم بسبب الإقامة    وزير الداخلية .. التشديد على منع إستخدام الدراجات النارية داخل ولاية الخرطوم    شاهد بالفيديو.. استعرضت في الرقص بطريقة مثيرة.. حسناء الفن السوداني تغني باللهجة المصرية وتشعل حفل غنائي داخل "كافيه" بالقاهرة والجمهور المصري يتفاعل معها بالرقص    شاهد بالصور.. المودل السودانية الحسناء هديل إسماعيل تعود لإثارة الجدل وتستعرض جمالها بإطلالة مثيرة وملفتة وساخرون: (عاوزة تورينا الشعر ولا حاجة تانية)    شاهد.. ماذا قال الناشط الشهير "الإنصرافي" عن إيقاف الصحفية لينا يعقوب وسحب التصريح الصحفي الممنوح لها    10 طرق لكسب المال عبر الإنترنت من المنزل    بورتسودان.. حملات وقائية ومنعية لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة وضبط المركبات غير المقننة    شاهد بالفيديو.. طفلة سودانية تخطف الأضواء خلال مخاطبتها جمع من الحضور في حفل تخرجها من إحدى رياض الأطفال    جرعات حمض الفوليك الزائدة ترتبط بسكري الحمل    تعرف على مواعيد مباريات اليوم السبت 20 سبتمبر 2025    الأمين العام للأمم المتحدة: على العالم ألا يخاف من إسرائيل    لينا يعقوب والإمعان في تقويض السردية الوطنية!    حمّور زيادة يكتب: السودان والجهود الدولية المتكرّرة    حوار: النائبة العامة السودانية تكشف أسباب المطالبة بإنهاء تفويض بعثة تقصّي الحقائق الدولية    الطاهر ساتي يكتب: بنك العجائب ..!!    صحة الخرطوم تطمئن على صحة الفنان الكوميدي عبدالله عبدالسلام (فضيل)    «تزوجت شقيقها للحصول على الجنسية»..ترامب يهاجم إلهان عمر ويدعو إلى عزلها    وزير الزراعة والري في ختام زيارته للجزيرة: تعافي الجزيرة دحض لدعاوى المجاعة بالسودان    بدء حملة إعادة تهيئة قصر الشباب والأطفال بأم درمان    لجنة أمن ولاية الخرطوم: ضبطيات تتعلق بالسرقات وتوقيف أعداد كبيرة من المتعاونين    هجوم الدوحة والعقيدة الإسرائيلية الجديدة.. «رب ضارة نافعة»    هل سيؤدي إغلاق المدارس إلى التخفيف من حدة الوباء؟!    تعاون مصري سوداني في مجال الكهرباء    الخلافات تشتعل بين مدرب الهلال ومساعده عقب خسارة "سيكافا".. الروماني يتهم خالد بخيت بتسريب ما يجري في المعسكر للإعلام ويصرح: (إما أنا أو بخيت)    ترامب : بوتين خذلني.. وسننهي حرب غزة    شاهد بالفيديو.. شيخ الأمين: (في دعامي بدلعو؟ لهذا السبب استقبلت الدعامة.. أملك منزل في لندن ورغم ذلك فضلت البقاء في أصعب أوقات الحرب.. كنت تحت حراسة الاستخبارات وخرجت من السودان بطائرة عسكرية)    900 دولار في الساعة... الوظيفة التي قلبت موازين الرواتب حول العالم!    "نهاية مأساوية" لطفل خسر أموال والده في لعبة على الإنترنت    المالية تؤكد دعم توطين العلاج داخل البلاد    شاهد بالفيديو.. نجم السوشيال ميديا ود القضارف يسخر من الشاب السوداني الذي زعم أنه المهدي المنتظر: (اسمك يدل على أنك بتاع مرور والمهدي ما نازح في مصر وما عامل "آي لاينر" زيك)    الجزيرة: ضبط أدوية مهربة وغير مسجلة بالمناقل    ماذا تريد حكومة الأمل من السعودية؟    إنت ليه بتشرب سجاير؟! والله يا عمو بدخن مجاملة لأصحابي ديل!    في أزمنة الحرب.. "زولو" فنان يلتزم بالغناء للسلام والمحبة    إيد على إيد تجدع من النيل    حسين خوجلي يكتب: الأمة العربية بين وزن الفارس ووزن الفأر..!    ضياء الدين بلال يكتب: (معليش.. اكتشاف متأخر)!    في الجزيرة نزرع أسفنا    من هم قادة حماس الذين استهدفتهم إسرائيل في الدوحة؟    مباحث شرطة القضارف تسترد مصوغات ذهبية مسروقة تقدر قيمتها ب (69) مليون جنيه    في عملية نوعية.. مقتل قائد الأمن العسكري و 6 ضباط آخرين وعشرات الجنود    الخرطوم: سعر جنوني لجالون الوقود    السجن المؤبّد لمتهم تعاون مع الميليشيا في تجاريًا    وصية النبي عند خسوف القمر.. اتبع سنة سيدنا المصطفى    جنازة الخوف    حكاية من جامع الحارة    حسين خوجلي يكتب: حكاية من جامع الحارة    مشكلة التساهل مع عمليات النهب المسلح في الخرطوم "نهب وليس 9 طويلة"    وسط حراسة مشددة.. التحقيق مع الإعلامية سارة خليفة بتهمة غسيل الأموال    نفسية وعصبية.. تعرف على أبرز أسباب صرير الأسنان عند النوم    بعد خطوة مثيرة لمركز طبي.."زلفو" يصدر بيانًا تحذيريًا لمرضى الكلى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بوادي الكبابيش..الرِّشاش و دعاش جمَّاع وشَدْو العذارى
نشر في الراكوبة يوم 01 - 07 - 2014

مادام الجمال في بلادي، صبن مطره، واصبح خريفه رشاشا، وشجر المحبّة الوارف ظلَّه، صار هشيما، من سموم الكراهية، والبغضاء والكبرياء الزائف، وفوانيس المفردة الأنيقة والحرف النَّدِيَ، انطفأ ضوءها، حتي صفَّرت علي جدران مناراتها، وطاويط الظُلمة الكُبوس، قلت: لعلِّي أحتطب لكم تُقابة، من عبق الموروث، تكون وقودا للذهن والعقل والوجدان، وعربون محبَّة لمعُايدة الشهر الكريم، وكل عام وبلادي واهلها بخير.
ياطير الصعيد ماشفت ناس تبَّاب
قامو مبدِّرِين قالو: المِزرقِن جاب
فجَّر موسي عاقِر قشَّة الهبَّاب
عِرِفْ مُرحالها قاطع ردَّة الدوداب
" الشاعر معلي ودهدلول"
لله درّ الشاعر الرائع فضيلي جمَّاع حين قال:
حيران تصيدتُ وفتحتُ للعشق المحدِق الف نافذة وباب
ولكنى .. بالأهل اقسم والصّحاب
لم أعشق الغزلان إلا في ديارك يا عيون
خُيرتُ بين النيل والشمس التي تلد الرِّشاش
آه .. كل الجبين معسول المذاق
لكن قلبي صاح منتشياً وغرد للدِّعاش...
وذات رشاش جادعنا الجنرال ود المكِّي فقلنا:
حليل يا المكِّي براقها ورعدها الكرَّة
حليل عُربانها قيزانها المهيلة الغرَّة
شارفت ليها شاشيتَ وبساسق برَّة
مطبوع ريدها في أعضايا شامة وغُرَّة
الرِّشاش من أجدب، فصول أهل البادية، وأشدها رهقا، ويكون العمل فيه متواصلٌ، ليله كنهاره، أو كما يصوِّر الحال شيخ جامع علي التوم:
عطش ناس أُم خليفات والمعاها الغُرَّز
خلَّي نعاسنا راقِد فوق عيونَّا مخرَّز
إفرق إيديكا أوعاك في الرَّقل تتَّرَّز
ولي هسَّاعه قدَّامك فجاج يا البرَّز
حيث تهطل أمطارٌ، متفرقة في المناهل، ويطاردها الرعاة أينما هطلت، بل يشيمون البروق، ويعرفون مناهلها أو كما يبدع عمنا شيخ جامع:
برَّاق الصعيد ما رقَّد
العين لاجَّه والقلب إستخلَّ وسقَّد
الخلاَّني كيف أُم الصغير بتفقَّد
يا محلحل سواجيرنا السِّحاب إتعقَّد
لذا تجدهم قبل ان تنعق الضفادع، ينيخون عيسهم علي ضفافها، ويصنعون الأحواض، و"النَّحَّالة " وما أروع الشاعر الكباشي عندما يصوِّر المشهد:
سيد أُم قُجِّي موهو السَّفيه بتضرَّعْ
دانا الكيف قميرية الصَّباح بِصَّرَّعْ
ركَّب دورو لي المِزْنِي السِّحابها إتهرَّعْ
دَقْ مُصْفايتُو قال هَعْ والكَوَكْلَتْ كرَّعْ
فتعُبّ النِّعم الماء عبا، حتي نجد النَّوق، التي تعاف القذي في الماء، أو قذي الشراب، نجد البدو، يرجزون لها الأراجيز، ويترنمون بصوتٍ شجيّ:
عسل مو مِي.....
حاتي...حاتي إتضوقي....!
فتأتي العيس وهي تستنُّ، حيث تُرخي أعناقها، وهي تُرزم، وتكرعُ من حوض الماء، وصاحبها يخلط الملح بالماء، ويسدُّ بعشب "العيقراب" مجري المياه، حتي ينساب عذبا، من "النَّحَّالة" إلي الحوض، ولا يلتفت وإن قذيت عينه، من الأتربة و لا يأبه لرجليه المملوءة من طين الجروف والخيران، ويالروعة الشاعر الفصيح المظعون السليماني الكباشي حين يقول:
عرب النَّاقة جو ناطَّين
فوق الرُّوسهن أجمل من جنا الوِزِّين
دقُّو وجاجو كِرعينهُن ملانات طين
أسمح من سروايل البزر واحدين
والرِّشاش تشتدُّ فيه أُوار الحرِّ، ويكون العشب قليلا، لذا يندر أن يكون به رواحا للنِّعم، وبالرغم من المعاناةِ والرَّهق، إلا ان البدو يستشفون من كل شئ جمالا، يالروعة شاعرهم دُخري "أُمات أزمَّة" الشاعر الرَّقيق الشفيف الأستاذ فضيلي جمَّاع حين يقول:
في صوته أبصرت برقكِ حين شال
ورأيت ريلاً أدعج العينين يمرح في التِّلال
واللحن يأخذنى اليكِ .. الى الرمال
والمجد كل المجد للإنسان ..في الريف البعيد
ها أنت تحتوين ذل الفقر والجهل الحقود
ها أنت قيثار يضجُّ رخاءه اللحن الجديد....
وها هي مغنية الجراري، تشدو بالرِّغم من المشقَّة والرَّهق، وقد أتعبها وِرْد الدَّونكي، حيث وقفّن العذاري صفا، متراصَّات، وأمامهنَّ السِّعون والقِرب والسُّقا، وخلفهنَّ مطيّهُنَّ ودوابَّهنَّ ونوقهنَّ عطشي، وبالخيام الممدودة طنائبها تركن الصغار والعجزة وكبار السِّن يشربون بالميقات و"العُبار"، وصغار الماعز والضأن ....الخ، أنهكها العطش، حتي طال مكثها تحت الأشجار، ولكن كان عزاء العذارى ان الخريف، بدأت تظهر "أم بشاره "، مبشرة بخريف الرتوع، حيث يرحلن إلي المخارف، وتمتلأ المناهل والخيران والأودية، ويرتحن من عناء ورد الدوانكي ونشل الآبار فأنشدن من غنا الجراري وهنَّ يخاطبن كاتب الدونكي ويكتنينه ب "أبو حديبة" لاعوجاج ظهره:
"أبو حديبي جانا إنزَفْ
قال لينا: أقيفَن صَفْ
بجينا البِتور الغف
وننزِل بعيد في القفَ
الغف هو النبات الأخضر المتشابك وبتوِّر اي ينبت به وهو المطر والقَف اي السّناف والتلال والقيزان والعلو و......الخ.
وما أروع واصدق مُغنية الجراري، وهي تتمني هطول السواري المُدجنة، لكي تريحها من مساسقة دوداب الورود ونشل أبار منطقة شرشار وماءها المالح
دمر شرشار مو بلودنا
عيل زَرقّنْ جِلودنا
تِجِينا السَّارية تِقودْنا
ويصبح عيل رادودنا
الله الله يا للفصاحة.. .! الرادود من الرِّدة وهي الطريق الذي تكثر به المساسقة من الدَّمر إلي المناهل ومنَّا شُبَّال معزّة للعذارى، ولهن نشدو و إيَّاهنَّ نعني عندما نقول:
بناتن ديمة لي توب المحامِد زاردة
دوداب وِرْدَهن دي سادْرَة هاديك وارْدَة
ديل ملكن هواي صيد الرَّوينة الشَّاردة
نَفَلْ البادية قول نفْسَنْ وهيطة وباردة
الأخ والصديق الطبيب البيطري، وابن البادية، جمعة محمد سعيد البَّري الكباشي،شاعر شفيف ومرهف، ورائع جدا في وصف الطبيعة، وتضاريس وجغرافيا الرُّحل، ونجوع البادية، وهوادج ستَّات اللَّكيك، وله وصف مُدهش في وصف مناسبات البادية وأفراحها، وعبق الموروث، فله منا التحايا الزاكيات، وشُبَّال معزة وإعجاب، الشاعر مفتون بالطبيعة، وخاصة مُشرع وأضاة ووعرة أُم كُحل الشهير، سمع الشاعر قصص، أهل البادية عن هذا المورد الجميل، فزاره في أوَّل الخريف فقال:
واقْعْ البارِحْ الشَّربك قعوي ؤزرزَّر
قلب واريبو وإتحامر سحابُو إتفزَّر
النَّوْ جاكي يا ام كُحل الخريفك جزَّر
شال دهرابِك إشلهت سماكي المزَّر
القعوي هي الضفادع ،وما أروع الخريف حين يختلط نعيقها مع شقشقة العصافير "الزرزَّر" فهذا يعني هطلت بالليل، السواري الغزيرة واقع البارح، والروعة عندما تهب رياح المطر المعبقة برزازه، "واريب"، حيث أنها تملأ السحاب سريعا، أنظروا لروعة هذا الوصف للسحاب الممطر "إتحامر سحابو إتفزَّر" قمَّة الوصف، وعندما يكون "الدهراب" ليلا وهو السَّواري المصحوبة بالرياح، يصبح السماء رايب أي به تخا تشبه اللّبن او الروب المتقطَّع ،"سماكي إتمزَّر"، كنت مفتون جدا، برائعة دكتور جمعة "خريف باديتنا "ورائعة حنفي "برَّاق الصعيد" ،وروائع الشاعرين المجيدين حقا ود الشلهمة وود الشريقاوي وفي نظري المتواضع، روائعهم من أجمل ما قيل في وصف الطبيعة، وخاصة الخريف والدَّرت، وحركة أهل البادية، وسابقا تطرقت لخرائد ماتعة، ولكن يوم أمس،وجدت ببريدي "ضَبية" مُسيال، من دكتور جمعة، معبَّقة بنوَّار السِّعات، والإندراب وعبس النَّوق يقول دكتور جمعة الكبَّاشي البرِّي:
إْنحنَلَّ آام كُحُل بعد النَشَاف كَرَّابِك
وجَاكِي الفَرَّحِك من هَمْبَرِيبُو شَرَابِك
يا القَلَبَن رَشايْمِك وَدَّرَنُو سَرابِك
ويا الزَرْقَن سَمَاكِي اللَيْلَة عِيدِي شَبَابِك
يا سلااام وقفت في إنحل كرابك، "قشاطة" النشاف والجدَب، كلنا يعلم عندما يربط الإنسان عُقدة، علي بطنه، "كرَّاب" هذا يعني ،أنه يستعد لأمرٍ ما، أو أنّه مُنهك، والذي جعل الأضاة ،تضع هذه "الكرَّابة" هو المطر العزيز.
وكأنها تعيد شبابها ونضارتها، بالمطر، وهذا صحيحا،لأنَّ الجفاف هو شيخوخة المناهل.
شمِّك هَاجَرَتْ وَهَج السَمَايِم سَابِك
و يا البَدَّر خَرِيفِك وما انْكَشَف دَرَتابِك
ما جَفَّن غَدايْرِك وما انَفَضْ وَرَتابِك
و يا الغابَن مُحُولِك والفَتَق تَيْرَابِك
الورتاب هو ورق القصب او العشب عامة
يا الكَسَرَن مَرانْعِك وانْسَرَف دودابِك
سَماحِك سَمَّحُو الرَعَد البِكُر فِي سحابِك
لَيْلِك جَمَّلُو البَرْق البِفِج دَهَرابِك
والسَّارِي البِسُوق سَوَّاكِي دَرْب وسَرَابِك
الدوداب هو شارع او الطريق من الفرقان والدِّكك للمورد إن كان طريق بهائم او ورود، وما أجمل ليل البدو بدوي الرعد وهدير السَّواري.
النَعْ البِشِيل لَيلُو و نِهارُو سَخَابِك
وناغُوشِك نَتَر دَعَتاً بِنِف و دَوَابِك
فَجَغَيْب ،كَرِّك آامْ بُوح البِجِضْ مُتْلابِك
ومِن عَصْراً كَبِير كَبَرَوسُو بَان حَلَّابِك
يا سلااام النَّع هو المطر الغزير، تقول مغنية الجراري:
النعَّاع أبو رزيز
برَّاقو صوط هزيز
ويقول الشاعر الفحل جمعة ود جودة العوني الكباشي:
السِّهريج ملان ما بسقي أُم الدَّيف
بلا النَّع البخلِّي الفودة سلَّت سيف
عطشتوها رايكن كيف
قطَّاعة السَّقارير فوق ليالي الصّيف
الدعت هي الهوام من ثعابين وعقارب ،وأم بوح هي البقر، الكر يقصد به حظائر العجول "متلاب "والكبروس هو إناء من جذوع الشجر يتم به حلب النوق والبقر.
البَرْقَة بِتْهَاب النَّدَى المَا بْهَابِك
وسَمْحَات زَرَاف رَيْرَة اللِقَن مُضْرَابِك
ياحْلَيل فَرَّتِك والسَّرْحَة فَوق هَبَّابِك
وقَفِك فَوقُو حَارُوك النَعَم مِتْشَابِك
البرقة يقصد بها الضأن، وفي الخريف لا تسرح الغنم صباحا، لأن الندي الذي يكون علي العشب والأوراق، يسبب لها المرض، وروعة التشبيه، أنَّ الغنم، تخاف من النَّدي ،ولكن الندي لا يهاب أضاة "أُم كُحُل" وزراف ريرة هي الإبل والنوق، يقول طقاق توية:
زراف ريرة البسوقنُّو
طال شوق البريدنُّو!
الفرَّة اي النشوق، ودائما تكون فرَّة البهايم، بعد الرجوع من رحلة الجنوب وكثيرا ماتكون شمالا، حيث التلال والقيزان والسهول المنبسطة، والقف هي التلال، والقف أيضا هو النبات الغزير الشديد الاخضرار، والحاروك هي مرحات النوق أو النوق الكثيرة، والقف هنا تعني النبات المتشابك
بياضِك ودَمْبَلابِك والسِّحا ووَرَتَابِك
وحَنْتُوتِك مِفَرِّش فَوق دَرُوكِي وشَابِك
قَفَلِك وانْدِرَابِك والبَنُو ومَعَرَابِك
والكِتِر المِجَرْجِخ والسَّعَات واطْيَابِك
جميل ٌمنظر شجر الكتر‘ عندما يكون "مجرجخ"، من كثافة الأوراق واخضرار الأغصان حتي صار مُنحنيا، وهذا لعمري من أكثر الإنحناءات جمالا وأنفةً.
شِدَرِك عارشُو شَعَلَوباً قَطَع رارابِك
وفَرْعِك لولَحُو الزِّيف العَقَب كَرْكابِك
سَماحِك في سَمَاح زولاً بِرُدْ تِرْحابِك
ويا امْ كُحُل السَّماح ناساً بِقُولُو حَبَابِك
الشعلوب هو نبات متسلعق ، كاللّبلاب تماما ويسمي أيضا العلق، ويسمي الزِّقَيْ،
قصبة وعندها القيف دقَّ والخور كوَّر
بتتمايح مِتِل فَرْع الزِّقَيْ النوَّر
جرح ناس القِفيل تاني إنفَتَق وإتعوَّر
وفي تمر الفؤاد سوَّالو قيحة وعوَّر
الرَّاراب هي اشعة الشمس، التي تدخل عبر مسامات أوراق الشجر، وكأن الشعلوب من كثافتة، لم يترك منفذا لدخول أشعة الشمس، او الضوء، ويمكن للبدويّ، أن يقضي وقت القيلولة تحتها، دون الحوجة لربط خيمة او" مشمِّع".
يقول ربيعنا ببادية السَّماوة، أبو الطيب المتنبي، في وصف شعب بوان، بكسرالسَّين، وكانت مشهورة بكثرة الأشجار وتدفق المياه.
فسرت وقد حجبن الشمس عني وجئن من الضياء بما كفاني
وألقى الشرق منها في ثيابي دنانيرا تفرُّ من البنان
ووقفت في هذه الشَّطرة "فرعك لولحو الزَّيف العقب كركابك"
يميل الغصن مع حفيف النسايم، التي أعقبت هزيم الرَّعد، وهطول المطر وهذا شبيه بقول بخيت ود عبد المولي:
اللّيلة الصعيد شال وإتخلف برَّاقو
والفرع لولتو الزِّيفة وكرس نقناقو
تري اللَّيل إتَّلت هجعوا المساهرين راقو
وحن قلب المشارف لي بلود عُشَّاقو
وما أجمل الختام، وسماحة الترحاب، "زولاً بِرُد تِرحابِك"
الكتراااايل: من الفرع "ال لولتو الزيفة وكرسْ نقناقو"، صار قلبي، ينقنق لوحده، أظن "لولاهو الشرَّف"، لذا تعترينا في أوقاتٍ ما، ريح شوقٍٍ عاتية وفي مقدمتها غارة من خيول الهموم والحُزن الرّزين وإذا عاجت رقابنا، لا نري إلاَّ البنقالة والباكستان والشماخ والجفاف والأتربة و.........الخ
كثيرا ما تحاصرني أسئلة، تكاد تقدح نيران الحنين الكامن في الحنايا، وأحيانا تجعلني أقدح في جمال روحي، فيقف المسافِر بلامطية "أقروب" راجلا، وبلا تُرحُلٍ ولا زاد والمحَنِ، مد البصر، فنلجأ إلي الذكريات الهرمة، والقلم العيفة، فنلوي بهما زند "باشبذق" الهموم، قبل ايَّام جادعني الصديق الجميل منصور المفتاح، فتذكرتُ الرِّشاش، وأيَّام القنص والصيد، وهي تسرح في التَّلال، وقوَّادها يفارقها، حيث يبحث عن الشَّجيرات الخضراء، ثم يعود إليها سريعا، فقلتُ:
مَرَقَنْ شوقْرَنْ من الضِّراع ماصَبَّا
فتَقْ ليهِن شِقيلن عِرقُو بان ماتغبَّا
سَوارِي النَتْرَة جَاتْهِنْ مَطَرو أرعَدْ وكَبَّا
وسِيدْ فَرْزَاعَة لي التَّيس البِعَافِط دبَّا
قَلَعْ بارِيهَا مِنشَطْ تانِي جَكَّه وخَبَّا
إدَّارقْ بي الشَّدَرْ كَتمْ النَّفَسْ وإتخبَّا
بعد ماخَطَّ سِيبْتُو ولي السَّبيدَرعَبَّا
قَلَج قَارِحْهَا قِدَّامْهِن هَبَاب ما شبَّا
صَنَفَتْ روبَزَتْ سِمْعَتْ سَبيدَرَة رَزَّتْ
جَفَلَتْ توقرَتْ ساقْتْ البِعَامِي وفزَّتْ
شَرَفَتْ شوفْها تَنَبَتْ وناضَرَتْنِي وغَزَّتْ
وبي سَهْمَا سَنِينْ حَلَقَتْ مَعَالْقِي وجزَّتْ
غِتْميل السِّحابْ والسَّما المِتْزَرْقِن
زاد شَرفيبْنا لي المِنْ المَدَامِر مَرَقِن
المِعْزة التّوقَرن مِن الأنيس بِندَرْقِن
خلَّن قلبي بُوص كبدي وحشاي أنحَرْقِن
الشاعر الرائع ود نمر الهواري، عندما كان في بلاد المهجر، والوقت رشاش، وبداية الخريف، وصادف أن ابن عمه قادما، من مخارفهم عند تلال أبوعروق، شمال كردفان الغرَّة، فسألوه:
هل تريد شيئا من البادية؟ فقال:
بَدور ليمكُن بشيقني إتقوَّتْ
والبيني مابينكم عُبارها مفوَّتْ
الجالسة العلي ضهر المكندَّر عوَّتْ
شوقي عليها وركَن رافْ وروحَن هوَّت
وكل عامٍ وبلادي وأهلها بخير، والبادية التي أحببتُ طربانة وممهولة
++++
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.