في الذكري الثالثة لانفصال الجنوب عن الشمال ، اتحسر بكل لغات الارض كغيرى من الوطنيين الاغرار الذين تصدوا لظلامية الفكرة و ذرفوا الدموع اجلالاً وتعظيماً لهيبتها وما ستحمله من ذكريات واشجان لا تنقضي ابداً من اعماق النفوس المترعة بألق الحنين وصدق الاخوة ، فالجنوب كان يمثل للشمال القلب النابض والشمال يمثل للجنوب الاكسجين الذي يحمل ذرات الحياة لهذا القلب ، فكلاهما كان يكمل للاخر .. فلا شمال بدون جنوب ولا جنوب بدون شمال .. فكلنا اخوان ! .. كما كانت تؤكده ادبيات العهود القديمة ، وعلي ضوء هذه العلاقة الملتزمة بالتحام المصير المشترك والمحصنة بدروع الثقة المتبادلة لا احد كان يتوقع ان تمتد يد الخيانة والغدر لتصيب الوحدة في مقتل وتترك الشطرين يناضلوا بالكاد ليبقوا ولو مشلولين علي قيد الحياة . فالوحدة السودانية تعرضت لمؤامرة داخلية ممنهجة لايمكن توصيفها الا ما تحتمل الماسونية العالمية من وصف يرسخ اسلوبها في تنفيذ اجندتها عبر الاشخاص والواجهات الاعلامية التى تقوم رسالتها علي مبدأ الاثارة .. لان وذر الانفصال تتحمله الاقلية الجهوية الباغية التى مارست علي الجنوبيين اقسي الضغوط النفسية ليرضوا بخيار الاستقلال بعد ان صل بها الحد درجة نعتهم بالاوصاف واللالقاب العنصرية التى تفصح عن مكنون الغل والحقد اللاانساني الذي لايبدر الا من خائن معلوم الخيانة للوطن ... فهذه الاقلية الجهوية المريضة التى احسبها لاتدرك اليسير من ابجديات الوطنية وتدعي انها ام الوطنية لو كانت تحسب متطلبات المستقبل وحوجة الاجيال للعيش مثلها وبقية خلق الله لما اقامت المنابر الانفصالية ولما تحدت السلطة وخاضت عباب الممنوع الذي عاد مكياله ليكيل الجميع دون استثناء ، فالشمال الان يتضور اقتصاده من جوع التضخم والجنوب حدث ولاحرج والسبب السفاهة وقلة العقل التى تحيط بآفاق هولا الجهويين ... والعجيب بعد كل الخروقات التى احدثوها علي جسد اللحمة الوطنية يقيمون المهرجانات ويضيئون الثريات ويحتفلون كما يحتفل اليهود بعودتهم الي ارض الميعاد مع اختلاق شكل النصر المؤذر لجوقة الهتيفة وتابعي ابوجهل المفعمين بحجة الفوضي التى تثور وتغضب تحت لاقتة ( الاثنين الاسود ) كما سموه ، فاستعطفوا الناس علي اساسه واستقطبوا به جهالهم حتي ارتفعت مبيعات اصدارتهم الي السماء وعلت اصوات عنصريتهم فكادت تطغي علي اصوات القران .. يقول احد المثقفين الجنوبيين : في جوبا قبل الاستقلال كان الجنوبيون يركزون علي شراء الصحيفة الجهوية الذائعة الصيت لاعتقادهم ان ارائها تمثل اراء الحكومة فيما يتعلق بمستقبل الجنوب !! ... وتحكيماً للعقل وجرداً لحسابات المسئولية الوطنية يجب ان نتحلي ولو بالقليل من الواقعية التى تجعلنا نطرد من دواخلنا تلك الاوهام المعشعشة بالسنين والتى تُهيى لنا قانون سياسة المناطق المقفولة بالقشة التى قصمت ظهر البعير وهذا خطا فادح طبعاً بحسبان لم يتجاوز امد هذا القانون الخمس عشرة عاماً وهي سنوات قليلة جداً مقارنة بالخمس وخمسون عاماً من عمر الاستقلال المجيد مما يفند كل القصص والتبريرات التاريخية التى تؤرخ لخلفية الصراع الاثني بين الشمال والجنوب ،فالشماليون كانوا يملكون مندوحة من الوقت قوامها خمسون عاماً كفيلة بتمكينهم من تصحيح مسار المفاهيم الجنوبية المغلوطة تجاههم .. هذا فعلاً اذا كانوا يجيدون قرأة المستقبل بطريقة ذكية سلسلة ! ... لكن العتبي على الماسونية التى تتخز من الجهوية والعنصرية حصان طروادة الذي تتخبي من خلفه لتنفذ به الي قلوب وارواح المسلمين . [email protected]