اصبح واضحا للعيان ان العالم يعيش اليوم حالة من الفوضي وانهيار تدريجي للنظام العالمي ومنظومة القيم الانسانية والقوانين في متوالية مستمرة منذ سنين طويلة. انظر حولك لاتجد غير المشاهد الحية للفظائع والحروب والدمار التي يشاهدها العالم علي مدار الثانية في ظل ثورة الاتصال والمعلوماتية التي اصبحت تغطي كل شبر من اركان المعمورة. موت جماعي وقتل علي الهوية وتنكيل بالبشر باسم الدين والاسلام وموت اخر في الصحاري والبحار للالاف من الناس المهاجرين من اوطانهم المدمرة الي المجهول يلتمسون النجاة بكل الطرق والوسائل حتي لو اقتضي الامر المخاطرة بالارواح بما فيها ارواح الاطفال وصغار السن بسبب تسلط الفساد والاستبداد وبسبب انهيار الاوطان من حولهم واختفاء الحدود الرسمية التي حلت محلها نقاط التفتيش التي يديرها اناس ملتحين هم ابعد مايكونوا عن الانسانية والانضباط والالتزام بالقانون كما نري في القطر الليبي الشقيق. النظام العالمي الراهن بمؤسساته المعروفة مثل منظمة المتحدة والاتحاد الاوربي والكيانات المماثلة اصبحوا شبه عاجزين عن التعامل مع مايجري في مختلف اقاليم العالم من فوضي وكوارث طبيعية بسبب الاستنزاف الطويل المدي واستمرار الكوارث والازمات والتعامل مع قضية الحرب علي الارهاب التي فشلت بصورة كارثية في ظل تمدد الارهاب وتحولة من منظمات عشوائية الي كيانات منظمة وضعت يدها علي مساحات واسعة من دول تعاني من الفوضي والانهيار ولاحديث بالطبع عن الانهيارات الاقتصادية وتحول موارد بعض دول العالم الي غير مكانها مع استمرارالحروب والفوضي العبثية التي ستظل بدون نهاية في ظل الفشل الشامل وعدم الواقعية في فهم وتحليل وادارة الازمات . في مثل هذا التوقيت الحرج وفي ذروة المحاولات المستميتة للسيطرة علي حالة الفوضي الدولية الراهنة جاء في الاخبار ان مجموعة من المتشددين قد قتلت اثناء محاولتها اقتحام مكان يقام عليه معرض مخصص للاساءة والسخرية من الرسول الكريم ورسول المسلمين محمد عليه افضل الصلاة والتسليم في مدينة تكساس الامريكية . السلطات الامنية قامت بواجبها في حماية المكان من خطر مجزرة جماعية وقتلت المهاجمين وهذا واجبهم المفترض والقتلي دفعوا ثمن العشوائية والانفعالية في التعامل مع مثل هذه الامور الحساسة والخطيرة في عالم ملتهب ومتداعي بسبب مثل التصرفات القاصرة من البعض الاخر الذي يخلط الامور ويتعدي علي حرمات الاخرين ويذدري معتقدات الناس ورموزهم الدينية ويجعلها مادة للسخرية والتهكم المجنون غير مكترث لعواقب الامور وبعض هولاء الفوضويون يسعون الي الشهرة وجذب الاضواء وكاميرات اجهزة الاعلام ومعظمهم يجهل جغرافيا العالم البشرية والسياسية وتركيبة الامم والشعوب ويتعامل مع الامور بطرق انتقائية مثيرة للتقزز والغثيان مثلهم مثل مجموعات الكراهية النابحة في بعض شوارع المدن الامريكية من بعض الذين يحملون الانجيل والتوارة ويستهدفون الناس في الطرقات بابشع الالفاظ العنصرية وهم يزعمون انهم يدافعون عن ضحايا العنصرية في الذي مضي من تاريخ بعض الامم والشعوب في امريكا وغيرها من البلدان. ان يختلف الناس حول دين الاسلام ورسوله او ينكرونه بالمرة او يقدمون له البدائل مما يعتقدون فهذا من حق الناس والعاملون في مجالات الدعوة المختلفة للاديان يفعلون هذا ويطروحون مايعتقدون بوسائل وطرق متعددة دون التفوه بلفظ قبيح او استفزاز لمشاعر الاخرين او تحرش يتسبب في ردود فعل دامية وغير متعقلة وصب المزيد من الزيت علي النار بمثل بعض التصرفات الغير ناضجة ودعوات صريحة للفتنة والفوضي والدمار والعالم لاينقصه هذا بكل تاكيد في ظل التهديد الراهن للامن والسلم الدوليين. رسول المسلمين الذي يقيمون مثل هذا النوع من المعارض والرسوم للسخرية منه ويرصدون الجوائز المالية لدعم مثل هذا النوع من التحرش المجنون ضده ليس شخصا عاديا ويصل اتباعه الي اكثر من مليار شخص علي ظهر هذه البسيطة ولايقبل اكثر الناس تعقلا واعتدالا منهم الاساءة له باي طريقة من الطرق واستدل في هذا الصدد بما قاله العالم الامريكي والمسلم الحائز علي جائزة نوبل الدكتور محمد البرادعي في معرض تعليقه علي ماجري في مدينة تكساس الامريكية من احداث علي تغريده له في موقع تيوتر ونصه: Violent response to offending one's belief is abhorrent.But is freedom of expression impaired w/o ridiculing "faith"? وهو يرفض بصورة مبدئية العمل الارهابي الغير مبرر ولكنه يتساءل ايضا اذا ماكانت حرية التعبير لاتكتمل الا بالاساءة لمعتقدات الاخرين وما قاله الدكتور البرادعي في هذا الصدد هو السائد فعلا في اوساط اتجاهات الراي العام اينما تواجد المسلمون. الامر لايتحمل الترف ويحتاج الي الشجاعة المبدئية وليس التجمل او المجاملة بدعم حرية التعبير الايجابية وليست النوع الذي يذدري معتقدات الاخرين او تحقير اي مجموعة بشرية بغض النظر عن خلفيتهم الدينية او الثقافية. مع العلم ان منظمات العنف الاسلامية المعروفة بكل انواعها التي تعمل في العلن او في الخفاء من الصحاري والكهوف لاجذور لها في مجتمعات المسلمين او بلاد العالم الاسلامي الافتراضي وهي حركات حديثة تاريخيا بل ان بعضها تمدد بسبب استراتيجيات غربية بحته علي ايام الحرب البارده ضد المعسكر الشيوعي. الي جانب ذلك من المهم جدا ان ينتبه الناس الي ان حالة الفوضي والعنف الديني الراهن وقتل الناس علي الهوية والعدوان علي معتقدات الاخرين وتدمير حتي الاثار الحضارية وما يجري في مركز الفتنة في ارض العراق لم ياتي من فراغ وانما هناك جهات معينة من المفترض ان تتحلي بالشجاعة الاخلاقية وتتحمل نصيبها من المسؤولية عما يجري في هذا الصدد. في دولة كندا المجاورة للولايات المتحدة وهي في مقدمة الدول المشاركة في الحرب علي الارهاب يحرم تماما اذدراء عقائد الناس والرموز الدينية من كل الاديان والخلفيات من الاسلام وحتي المذاهب الدينية الصغيرة بصورة صارمة بطريقة حافظت علي السلام الاجتماعي في ذلك البلد في ظل كل المتغيرات. يتم عمليا التعامل مع اي تحركات انفعالية من الممكن ان تخل بامن وسلام المجتمع بصورة واقعية ومتعقلة وتوجد في هذا الصدد تجربة حدثت في مدينة ادمنتون عاصمة ولاية البرتا الكندية عندما قامت جماعة امريكية معادية للاسلام بوضع ملصق في المواصلات العامة يتحدث عن قتل الفتيات بسبب قضايا الشرف ويشير الي الدين الاسلامي بصورة مباشرة بينما كل عاقل يعرف ان هذه العادة المنقرضة تدريجيا ظلت موجودة في المجتمعات البدائية في مختلف انحاء العالم وحتي المجتمعات الحضرية ووسط المجتمعات من معظم الخلفيات الدينية خاصة في بلاد الشرق الاوسط التي تعيش فيها اغلبيات مسلمة وفي التاريخ الجنائي فيما يتعلق بهذا النوع من الجرائم تجد اسم بطرس وجورج ومحمد والشاهد انه لايوجد عالم من الملائكة الانقياء او الاشرار بطريقة مطلقة هنا او هناك وتصرفت السلطات المحلية في مدينة ادمنتون بكل تعقل وسحبت هذا الملصق من المواصلات العامة التي تعتبر بكل المقاييس مكان غير مناسب لهذا النوع من الدعاية وكان من الممكن لنفس الجماعة ان تقوم بندوة علنية ومفتوحة لمناقشه نفس الموضوع بطريقة منطقية وعقلانية وفتح باب الحوار حولة بدلا عن اللجوء لمثل هذه الطرق الدرامية المعادية للاخرين . ونحن في ذلك لسنا في مجال الدفاع عن دين او عقيدة معينة والناس احرار في مايعتقدون ومايقبلون ويرفضون من العقائد والمعتقدات لكن ننبه الي خطورة التصرفات الانفعالية التي تتم باسم حرية التعبير ويجب ان ينتبه الناس الي ضرورة وقف كل مظاهر الاثارة والتحرش خاصة فيما يتعلق بالامور الدينية في هذا التوقيت الحرج والناس شركاء في تامين المتبقي من سلام العالم الذي يتعرض اليوم الي تهديد حقيقي وغير مسبوق منذ انتهاء اخر الحروب العالمية [email protected]