ليس هنالك في الديمقراطية الحقيقية .. شيء إسمه نظام حكم سياسي مفصل التقاسيم على مزاج حزب ٍ بعينه إحتكاراً ابدياً أو فكرٍ ما يُفرض على الأمة قسراً..! فأسلوب الحكم الديمقراطي معروف التركيبة من حيث كيفية تكوين الحكومة وفصل السلطات لاسيما القضاء والجهاز التشريعي ودور القوات النظامية فيه يقوم على حماية الوطن كجيش و المجتمع كشرطة بينما مهمة جهاز المخابرات أو الأمن القومي ينحصر في توفير المعلومات وتحليلها لتكون قائداً لتوجيه السياسة الوطنية الداخلية منها والخارجية ! وعكس ذلك تماما تكون تركيبة ما يسمى بالنظام السياسي المُحتكر وهي عبارة خانقة للحلق لانها تعنى ضيق ماعون الحكم وإقتصاره على فئةٍ بعينها عسكرية كانت أم عقائدية ..تستنجد لتزيين وجهها بمساحيق منتهية الصلاحية لا تزيده إلا قبحاً حينما يضيق عليها الخناق من هبة الشارع الداخلي أو أزمات الفشل المتلاحقة أو تزيد عليها العزلة الخارجية ! الإنتخابات الأخيرة عندنا كانت مثل الأم التي حملت جنينها سفاحاً ثم ماتت عند ولادته وتركته مشوهاً ناقص الوزن ومعطل وظائف الجسم الحيوية ..لا أمل في أن يخرج سليماً من جهاز حضانة المواليد الخدّج ..! وهكذا حال الهيئة التشريعية الجديدة عندنا المكونة من غرفتين .. أحداهما برلمانية منتخبة في ظروف معروفة وهاهي قد بدأت دورتها التشريعية الأولى (بشدة غربال) يبدو أنها لن تستمر طويلاً لاسيما إذا ما سدر المتوهمون في المناكفة والمكاشفة ولعب الدور المرصود بأنهم سيشكلون معارضة ضاغطة على رقبة النظام بالحديث عن محاربة الفساد المستشري وترشيد الإنفاق الحكومي المستنزف للموارد على ضعف شرايينها والبحث عن السلام الوطني المفقود والسلم الإجتماعي الموؤد وهي كلها أزمات مصنوعة بقصد وسوء نية لتصبح حاضانات يعيش عليها المنتفعون من إستمرارية هذا النظام والذين يحاولون الآن خداع الناس بذرف الدموع تاثراً بضوائق الحياة المعيشية و إتساع هوة الفوارق بين الذين يزدادون فقراً ومن يزداد غناهم كما قال رئيس كتلة المؤتمر الوطني النيابية الأستاذ مهدي ابراهيم صاحب المقولة الشهير.. ( لقد صبرنا عليكم كثيراً ) وهو إن كان يظن أن ذاكرة الشعب السوداني قد نخرها سوس زمان الإنقاذ.. فعليه أن يعلم أن للفكي قوقل سبحة لا تسقط عن حباتها عبارات القول المارق ! أما الغرفة المجاورة الأخرى المسماة مجلس الولايات .. فهي مثل قلتها لاحل لها ولا ربط غير الإنعقاد والإنفضاض وتحصيل المخصصات غير المستحقة لأعضائهاا المعينون بإنتقائية لتوفير مصدر عيش لهم من لحم الشعب المسلوب! فما يدور في الهيئة التشريعية الجديدة من تكشير أنياب تجاه النظام ما هو إلا إستعراضات لعب في الزمن المتبقي من عمر المسرحية الطويلة الفصول التي يستعد أهل الإنقاذ الى تمديدها منذ الآن حتى بعد إنقضاء الولاية الحالية ربمابالرئيس البشيرنفسه إذا ما كتب له العمر فليس لدى أهل هذا الحكم رئيساً و حزباً وأمنا وحركة إلا.. الإحتماء وراء غفلة هذا الشعب تداركاً للمحاسبة وعدم فقدان السلطة والجاه وقد كانتا منذ البداية وحتى اللحظة لغير الله ! فالديمقراطية الحقة تكون سلطة حاكمة للكل على حدود ما لله لله وما لقيصر لقيصر.. و تكون فيها الحكومة قابلة للسقوط في أى منعطفٍ بسحب الثقة من طرف الهيئة التشريعية النافذة في رقابتها وسطوتها إذا ما قصرت ولو في ادنى حدود مسئؤلياتها تجاه شعبها ! أما الأنظمة على شاكلة الإنقاذ فهي التي تتحكم في دفة كل السلطات لتصبح آداة في يدها ..وبالتالي فإن من يسمون بممثلي الشعب يصبحون لا محالة ممثلين في مسرحيتها الديمقراطية المزعومة تحركهم إن لم يكن بخيوط الترغيب والتقريب .. فإنها تخنقهم بحبال الترهيب..! فشدة غربال الجِدة الحالية تحت قبة البرلمان والتي تحتفي بها صحافة حرق البخورومركز مؤتمرات إعتذارات ضحايا البطش .. لا بد أن ترتخي وإن علت نبرات أوتار الصوت في بداية اللعبة ..فلا توجد منطقة وسطى بين الديمقراطية والديكتاتورية إلا رمادية الزمان التي تضيع فيها أعمار الأوطان! [email protected]