مطلع يونيو المنصرم.. حلت أشعار الراحل محجوب شريف وأغنيات مصطفى سيد أحمد محل شعارات الحركة الإسلامية في شوارع الخرطوم خلال الأيام التي تلت فوز مرشح المؤتمر الوطني عمر البشير وسبقت الاحتفالات بتنصيبه، لم تكن تلك مجرد صدفة أو مجرد اختيار عفوي لمصمم اللافتات التي غطت الشوارع وأثارت الدهشة تارة، والتندر تارة أخرى.كان مرشح حزب المؤتمر الوطني يقصد ما يقصد..شعارات الحركة الإسلامية التي ظل يصدح بها الحزب لسنوات طويلة لم تعد ذات بريق بالنسبة للرئيس، بل قفزت تلك الشعارات من أقصى اليمين ناحية أقصى اليسار في زهد بائن لتلك الشعارات، والقضية ليست مجرد تغيير في النغمة فقط. الجمعة الماضية، في اجتماع مجلس الشورى، رسم الرئيس صورة بائسة لمستقبل الحزب. رئيس المؤتمر الوطني يحذر عضوية حزبه من مصائر الذين سبقوه، النهاية التي تنتهي مع السلطة ثم يصبح الحزب نسياً منسياً..ثم يعيد التحذير من ضيق صدر الشعب الذي سينفجر يوماً مهما طال صبره... ثم يمضي الرئيس أبعد من ذلك..بدا الرئيس مستاء حتى من شعار الشجرة الذي ملأ الدنيا ضجيجاَ منذ انتخابات 2010م.. رئيس الحزب لا يرى ثباتاً عميقاً في جذور الشجرة كما ينبغي بل يدعو حتى إلى تغيير الشجرة شعاراً. انتخابات 2015م لا تزال حاضرة بقوة، ويبدو أنها لن تُنسى، فبعد كل ذلك الكم الهائل من المؤتمرات في ولايات السودان والصرف البزخي، تفاجأ الحزب بزهد عضويته في العملية الانتخابية، الحزب الذي كان يُفاخر ب 6 ملايين عضو، لم يجد إلا أعداداً ضئيلة تسير مثقلة الخطوات نحو صناديق الاقتراع.. وقبل حديث الرئيس في مجلس شورى الحزب كان شقيق الرئيس اللواء طبيب عبد الله البشير قد حلّ محل الحزب حينما تطوع بالرد على الصحفيين عقب إعلان نتيجة فوز شقيقه، ولم يستشعر اللواء حرجاً أن يكيل الانتقادات الشديدة للحزب ويتهمه بالتقصير الواضح.. لقد كان بائناً ولا يزال أن معركة الانتخابات القاصمة هزّت الحزب أكثر مما فعلت احتجاجات سبتمبر، ويبدو أنها لم تمر مروراً عادياً حتى الآن، الرئيس لا يزال يعتب على حزبه سوء التنظيم والإدارة الذي كاد أن يُفشل العملية الانتخابية جملةً، ولام عليه انصرافه عن قضايا الشعب محذراً بشكل جهور من انفجار شعبي.. فقط كان المتبقي أن يقول " المؤتمر الوطني ليس منّا"، فهل نفض يده من الحزب؟ [email protected]