في بضعة أيام استطاع ناشطون لبنانيون وباستخدام وسائط التواصل الاجتماعي تحويل المسار السياسي في لبنان ، البداية كانت احتجاجات على تراكم النفايات في شوارع العاصمة بيروت ، وما هي الا أيام وتبلورت حملة ( طلعت ريحتكم ) ، ومن الاحتجاج على النفايات ارتفع سقف المطالب الى المطالبة بمحاربة الفساد ، وإنتخاب رئيس جمهورية واستقالة الحكومة ، اللبنانيون ضاقوا ذرعا بحالهم فتجاوزوا الاحزاب والبعض منهم يعتبرونها أساس المشكلة ، لبنان من غير رئيس جمهورية منذ أكثر من عام ، البرلمان اللبناني عقد ( 28 ) جلسة وفشل في التوافق على رئيس للجمهورية ، ربما الناشطون بشكل أو بأخر قطعا يتبعون مذهبا أو حزبا ولكن ساحات التظاهر شهدت توحدا تحت العلم اللبناني ، المتظاهرون أمهلوا الحكومة ( 72 ) ساعة فقط للإستجابة لمطالبهم وهددوا بتحويل التظاهرات الى إعتصام ، ماحدث ربما لن يغير المشهد اللبناني دفعة واحدة ولكنه بالتأكيد وضع أساساً جديداً للحراك الشعبي دون إنتظار للاحزاب السياسية والجماعات الدينية الطائفية التي احتكرت الشارع لعشرات السنين ، حسب المراقبين هذا تحول كبير برغم فيتو حزب الله اللبنانى ، فى العراق وفي يوم واحد اجتاحت التظاهرات عشر محافظات في الوسط والجنوب والعاصمة بغداد، مطالبة بمحاربة الفساد ومحاكمة الفاسدين ، وتعدى الامر للمطالبة باصلاح السلطة القضائية ، المتظاهرون ورغم انهم في بيئة تكاد تكون ذات اغلبية شيعية الا انهم رفعوا شعارات ضد الطائفية و التدخلات الايرانية ،والمطالبة بالدولة المدنية فى بلد تتحكم فيه المليشيات ، و شبه محتل من ايران مع وجود جيوش من ثلاثون دولة ، لم يتذرع احد بخطورة الاوضاع فى ظل الحرب مع داعش ، و لم يتخوف احد من انفلات الامور، شعارات جديدة تتجاوز الواقع المازوم طائفيآ ، بوادر اصطفاف مجتمعى لايجاد مخرج وطني يتقدم على صيغة المحاصصة الطائفية ،مطالبات باخراج الطائفتين من التحكم فى موارد ضخمة خارج ادارة الدولة بالغاء الوقفين الشيعي والسني ودمجهما في مؤسسة واحدة باسم وزارة الأوقاف ، ربما هى شعارات لن تزحزح الاوضاع الى حيث يريد المتظاهرون ، على الاقل التظاهرات اجبرت الحكومة على تبنى الشعارات ،، في بلادنا يبدو ان التحرك الشعبي لم ينفذ صبره بعد ، السيد رئيس الجمهورية في كلمتة أمام اجتماع مجلس الشورى الوطني حذر من ان يفقد الشارع صبره ، وحذر من ان يلاقي حزب المؤتمر الوطني مصير الاتحاد الاشتراكي ، المعارضة بمختلف فصائلها ، المتحاورة والغير متحاورة ، المسلحة والغير مسلحة ، لا تزال ترى الامور كما هي ، اجتماعات وبيانات واعمال فردية متناثرة هنا وهناك ، اختلافات وعدم وضوح ، غياب البرامج والقدرة على خلق المناسبة التي تحرك الشارع ، هل بيروت أكثر اتساخآَ من الخرطوم ؟ هل الفساد اللبناني أكثر من فسادنا السوداني ؟ اذا استمر حال المعارضات السودانية على هذا النحو تكون الفرصة قد حانت لحزب المؤتمر الوطنى لتحريض الشارع ضد حكومة المؤتمر الوطنى ، و بيدى لا بيد عمرو ،،