يشهد الله إنني لا اكتب دفاعا عن الدكتور جلال الدين شلية المدير العام لهيئة المواني البحرية فله رب يحميه وأيادي بيضاء ستشفع له إن شاء الله ممتدة لذوي الحاجة في كل ساحات العمل الاجتماعي بولاية البحر الأحمر ورؤى وأفكار تجسدت في مواني متخصصة لتصدير بعض موارد السودان الحيوانية والمعدنية واستثمار موقع السودان بتخصيص موانيء لدول مجاورة ليست لها منافذ على البحار..آخرها رافعة معطوبة لسنوات كانت في طريقها لكي تتحول الى كوم من الصدأ لولا أيادي مهندسين سودانيين في ورشة الحوض انتشلتها وبثت فيها الروح وهي رميم ووفرت على الخزينة عملة صعبة .. (2) كل هذا لا يعنيني فلسنا في مجال للتوثيق هنا ولكن الذي يستحق التوقف هنا استدعاء وزير العدل للدكتور شلية وتحويله للأمن للتحقيق معه على خلفية تصريح نسب إليه بوجود مواد مشعة في حاويات استقرت مؤخرا في منطقة سلوم (10 كيلومترات جنوب غرب بورتسودان ) لمحدودية السعة التخزينية للميناء .. الحقيقة التي لا يختلف عليها اثنان إن كثيرون ممن ولجوا غمار التصدير والاستيراد درجوا وتحت وطأة الجبايات والضرائب التي تتناسل وتتصاعد بصور مباغتة وبمتواليات هندسية على ترك الذي عصروا فيه دم القلب في العراء مكرهين عاجزين بعد أن تصطدم قدراتهم بالتزامات تعجيزية تجاه الجمارك لينتهي كل هذا حصادا بال عليه الزمان وانقضى عمره الافتراضي الى ساحات المزاد العلني للتخلص منه . (3) كل هذا يمكن فهمه وتبريره ولكن اللامعقول هو الذي كشف عنه مدير إدارة التسويق والتخليص بهيئة المواني البحرية محمد العوض محمد جبانة في تصريح له لصحيفة الجيل الجديد بمدينة بورتسودان ويتمثل في الحاويات التي تم إبعادها الى سلوم من باب تفادي المخاطر الناتجة من عدم الوعي بنتائج تفاعلاتها الكيماوية ودورها في التلوث البيئي مع طول التخزين في ظل أجواء عالية الرطوبة والحرارة سواء كانت تحتوي على مواد مشعة أم غير مشعة .. .. الرجل يضعنا أمام مشهد أشبه بقنابل موقوتة تم زرعها فهو يتحدث عن حاويات بها نفايات اليكترونية ومواد سائلة خطرة وبوتاسيوم وصوديوم واستبستوس.... و مساحيق بودرة تدخل في عمليات البترول و مبيدات ونفايات الكترونية بعضها جاء عام 2003 غير مطابقة للمواصفات كانت قد جائت ضمن مجموعة كبيرة من الحاويات أخذوا الصالح منها وتركوا غير المطابقة للمواصفات دون أية معالجة لأهالي المنطقة وربما لأهل الولاية جمعاء . (4) هذه هي القضية التي أثارت حفيظة وزير العدل ودفعته لاستدعاء مدير هيئة المواني البحرية للتحقيق لما نسب إليه كما قالت التقارير الصحفية ..نحن نشيد بهمة الوزير فتحركه حتى لو جاء متأخرا أفضل من أن لا يأتي كما يقول المثل الفرنسي ولكننا نتساءل ترى كيف ستكون النتائج البيئية للجبانة الهايصة من المواد التي فقدت صلاحيتها لو ضرب مدير المواني (طناش) ؟ ومن الذي يستطيع أن يلوم رجلا رأي منكرا فحاول تغييره بيده ولسانه ؟ ونتسائل أيضا من باب العلم ليس إلا أين كانت وزارة العدل بل أين القانون حينما وضعت الأجهزة الأمنية أيديها أكثر من مرة على حاويات معبئة بالمخدرات داخل حظيرة الميناء ؟ هل كانت سموما عابرة للحدود أم كانت تستهدف السوق المحلى ؟ من ورائها وإلى أين انتهت التحقيقات والتحريات فيها ؟.. أنا أتحدى كل من يدعى إنه يمتلك إجابات شافية .ولكن لأن الذي يزرع الريح لن يحصد سوى العاصفة فإن المحصلة النهائية دائما أنه حينما يخيم ظلام الغموض على مثل هذه الجرائم الخطيرة فإن النتيجة الحتمية أن الحائرون الرافضون للاستدراج الى أقبية العتمة يتجهون لبازار الشائعات ويذهبون ولهم ألف حق بأن بين ظهرانينا حيتان خارج حوش المسائلة فهاهي مفوضية الفساد لازالت خاوية على عروشها ينعق فوقها البوم إذ لم يقع في شباكها حتى الآن فأر ناهيك عن الهوامير التي تنشط في الخفاء . (5) حتى الآن لا أحد يستطيع أن يفتي أين انتهى التحقيق في ضياع خط هيثرو . وكلما تسائلنا عن طريق الغرب يصفعنا السياسي الكبير بعبارة خلوها مستورة .. لا شيء سوى جعجعة دون طحين وروائح تزكم الأنوف . هذا المشهد المربك المفجع لن يكتمل سوى بإماطة اللثام عن الجانب الآخر من الصورة والذي هو أكثر رعبا ..فقبل أيام قرع أحد مسئولي كسلا مجددا أجراس الخوف من اتساع ظاهرة جرائم الاتجار بالبشر التي تنشط على حدودنا الشرقية .الشكوى ليست جديدة فقد اشتكت الولاية لطوب الأرض وهي تستنجد بالمركز من العصابات التي تحترف الإجرام ..هذه الجماعات التي تشير كل أصابع الاتهام إنها تنتمي لإثنية محددة ناشطة في التهريب للدول المجاورة .بدأته بالسنابيك عبر البحر الأحمر وتخلت عنه مكرهة بسبب كثرة الأجهزة الأمنية فاتجهت الى تهريب البشر والسلاح الى سيناء عبر طرق ودروب نائية بعيدا عن عيون الأجهزة الأمنية ولكنها وقعت في شر أعمالها مع الموساد وسلاح الجو الإسرائيلي الذي استباح بسبب هذه الممارسات أرضنا وعرضنا فلم يكتفي بدك رتل السيارات بما فيها بل بإصطياد من يريده وسط الآلاف في الشارع العام وأين ما كان. (6) الآن دخلت في مستنقع الإجرام إنفلاتات أمنية خطيرة وجديدة بدأت بممارسات معزولة في الأصقاع الطرفية وتحولت الآن لظاهرة ملفتة للنظر بعد أن تسللت حتى للمدن وهي جرائم الاختطاف طلبا للفدية .. التهوين من شأنها وعدم إعارتها الاهتمام المطلوب سيدخل السودان من حدوده الشرقية الى نفق مظلم يصعب الخروج منه فالمكسيكي جواكين الشابو جوزمان وعصابته بدأوا نشاطا محدودا قبل أن يتحولوا لكارتل يمتلك احدث الأسلحة وأساطيل الطائرات والمطارات المزودة بأجهزة الرادار ..دوخ أمريكا وأصبح صداعا مستمرا للمكسيك التي ركبت مائة كاميرا لمراقبته داخل السجن واضطرت لتغيير الأرضية الأسمنتية للسجن الى أرضية فولاذية بعد أن هرب للمرة الثالثة من المعتقل . (7) نحن الآن أمام مفترق طرق إذا لم تتخذ إجراءات أكثر صرامة نابعة من استقراء مخاطر المشكلة الى المدى البعيد وتداعياتها الكارثية على أمن المجتمع . آن الأوان أن ننتبه الى الخطر الداهم القادم اليوم قبل ضحى الغد على أن تكون ضربة البداية العمل جديا لدمج هذه الاثنية في أنشطة اقتصادية تؤهلها لكي تكون جزءا من النسيج السوداني مع التخطيط لسكن مختلط بعيدا من العزلة وهو مشروع كبير رأس الرمح فيه بالطبع القادة والسياسيون الذين ينتمون لها مع استنباط قوانين رادعة تصل حد التشهير والإعدام .والله من وراء القصد . [email protected]