1- ***- اصبح مكتوب علي الشعب السوداني انه لا يطلع عليه صباح يوم جديد الا ويكون هناك خبر عن اعتقال مواطن وفي الاونة جرت اعتقالات الكثيرين من الصحفيين والكتاب في هجمة شرسة لم تعرف البلاد لها مثيل من قبل مصحوبة بالطرد والرفد من الخدمة في المؤسسات الصحفية التي عملوا فيها وقطع ارزاقهم ، ماعادت اخبار الاعتقالات تلفت الانظار من كثرة وقوعها خلال ال26 عامآ الماضية والمستمرة حتي اليوم بلا توقف، بدأت الاعتقالات الجارية تمامآ بعد اذاعة البيان العسكري رقم (1) في يوم الجمعة 30 يونيو 1989، وزادت اشد حدة وضراوة في هذا الشهر الحالي مايو 2016!! 2- ***- ان اقسي ما يؤلم في موضوع الاعتقالات هو سكوت الجهات العدلية عن هذه الانتهاكات والاعتقالات التي خالفت ماورد في الدستور عن حرية الصحافة وابداء الرأي والتعبير، وحق المواطن في تلقي المعلومات، جاء في المادة :39 (1) ما يلي: ***- لكل مواطن حق لا يُقيد في حرية التعبير وتلقي ونشر المعلومات والمطبوعات والوصول إلى الصحافة دون مساس بالنظام والسلامة والأخلاق العامة، وذلك وفقاً لما يحدده القانون. المادة 39(2): تكفل الدولة حرية الصحافة ووسائل الإعلام الأخرى وفقاً لما ينظمه القانون في مجتمع ديمقراطي. 3- ***- هذه المادة (39 "1".. ومعها البند "2") في الدستور ماعاد لها وجود فعلي منذ لحظة وجودها، بل هي بكل المعايير مادة ميتة لا حياة فيها ولا روح، هي ايضآ مادة موجودة فقط ك(ديكور) تجميلي الغرض منها الادعاء انه دستور راقي ومتطور يساير روح القرن ال21 ويتماشي معه!! 4- ***- ان اقسي ما يؤلم الروح والبدن، ان المادة الثانية في الدستور والتي نصت علي: (تلتزم الدولة باحترام وترقية الكرامة الإنسانية، وتُؤسس على العدالة والمساواة والارتقاء بحقوق الإنسان وحرياته الأساسية وتتيح التعددية الحزبية)..هي ايضآ مادة هامة اختفت تمامآ ، وماعاد لها وجود مثل المادة :(39 البند1و2")!! 5- ***- سكتوا نواب مجلس (بدرية سليمان) عن هذه الاعتقالات والانتهاكات الجائرة التي طالت المواطنين والصحفيين بلا وجه حق، وفي اغلب الاحيان دون تهم محددة!! 6- ***- سكتت وزارة العدل واغمضت عينيها عن ما يجري في الشارع السوداني من ظلم وجور، لا اعرف ماذا سيقول وزير العدل مولانا الدكتور عوض الحسن النور في شهر اكتوبر القادم 2016 عندما يحضر اجتماعات (مجلس حقوق الانسان التابع للامم المتحدة) في جنيف ويقدم التقرير الخاص عن حقوق الانسان السوداني؟!!..كيف سيدافع عن نظام بلده وهو يعرف تمامآ ان اوضاع المواطن السوداني قد وصلت الي اسوأ اوضاعها من تقتيل واعتقالات وتعذيب وانتهاكات كل الحقوق الاساسية؟!! 7- ***- بل اغرب من كل ما ورد اعلاه، ان قرارات رئيس الجمهورية لم تجد الاحترام والتنفيذ!!..كثيرآ ما ادلي البشير بتصريحات في غاية الاهمية وكانت مبشرة فرح لها الناس وقتها، لكنها ما وجدت اي اهتمام من السلطات الحاكمة!!..والاغرب من كل هذا ايضآ، ان البشير سكت تمامآ عن اهمال تنفيذ القرارات.. ولم يسأل لماذا لم تنفذ!! 8- في اليوم الثالث من شهر مايو عام 2007، وبمناسبة ( العالمي اليوم العالمي لحرية الصحافة) قام الرئيس عمر البشير بالقاء خطاب بهذه المناسبة الاعلامية الكبيرة اكد فيه انه مع حرية الصحافة وحق التعبير، ومن ضمن ماقاله في خطابه: - بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين . والصلاة والسلام علي أشرف المرسلين . سيدنا محمد وعلي سائر النبيين. ***- المواطنون الكرام.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته يطيب لنا أن نشارك مع الجميع في الإحتفال باليوم العالمي للصحافة والذي يقام تحت شعار حرية الصحافة والحصانة وسلامة الصحفيين . وهو الشعار الذي نجد مكوناته متوفرة في بلادنا قانونا وممارسة. ***- فحرية الصحافة في بلادنا إتسعت حتي بلغ عدد الصحف اليومية خمسين صحيفة . تعني بشتي المجالات . لا تملك الدولة فيها صحيفة واحدة . ويوفر الدستور والقانون غطاء مناسبا وحصانة مقدره لكل الصحفيين تقيهم من اي ممارسة غير قانونية تحد من نشاطهم.. او تحجب المعلومات عنهم.. او تكشف مصادرهم. ***- وتعتبر بلادنا من أكثر البلاد امنا وسلاما لجميع العاملين في حقل الصحافة.. ففي الوقت الذي تقصف فيه مقار الاعلاميين وتزهق ارواحهم في اماكن عدة حول العالم ومن جانب اكبر الدول واكثرها تباهيا بحرية الصحافة والتعبير.. تخلو سجلات بلادنا بفضل الله من اي حوادث مماثله رغم طول الصراعات والنزاعات الداخلية.. ويعزى ذلك الي حرص الدولة علي حرية الصحافة وسلامة الصحفيين. ***- ثم ان ابداء الرأي وحرية التعبير جزء اصيل من ديننا الحنيف وشريعتنا السمحاء حتى ان القرآن الكريم يشتمل الكثير من آياته علي الرأي الآخر.. لذا فنحن مع حرية الصحافة وحق التعبير دون التعدي علي حقوق الغير.. أو المساس بحرية الآخرين.. وهذا أمر يكفله الدستور وينظمه القانون ويشهد عليه الجميع. إننا في عالم يتحكم في مفاصله الاعلام. ***- فآلة الاعلام الغربي عموما تستهدف حضارتنا وثقافتنا ومعتقداتنا وموروثاتنا لتكون الغلبه والهيمنة لمن يديرون هذه الصراعات تحقيقا لاطماعهم القريبة والبعيدة وتسخيرا لمواردنا خدمة لرفاهيتهم ولعل الصراع في دارفور كما يصوره الاعلام الغربي انصع مثال علي هذه الحرب الاعلامية غير المتكافئة ومن هنا ندعو كافة الأجهزة الاعلامية حول العالم الالتزام بما يمليه عليهم ضميرهم المهني لتقديم صوره حقيقة عن ازمة دارفور جذور المشكلة وآفاق الحل والعمل علي دعم الحلول السلمية والحوار.. والتعايش والانسجام بين ابناء دارفور وسيجدون ابواب بلادنا مفتوحة لاستقبالهم وتسهيل مهامهم. الأخوه الكرام. ***- قبل ان اختم كلمتي لابد ان اكرر المطالبة باطلاق سراح مواطننا المصور سامي الحاج المعتقل في غونتنامو لما يقارب الخمس سنوات دون وجه حق في تجن فاضح علي حرية وسلامة الصحفيين وظلم بين وتجاوز وعسف واضح لجميع القوانين الدولية والمحلية ونطالب بالحرية لجميع المعتقلين وسجناء الراي حول العالم. ***- وأدعوا صحافتنا المحلية للتحلي بروح المسئوليه لتلعب دورها الهام في ترسيخ السلام ونشر ثقافته ونبذ العنف والكراهية والعمل معا لبناء المرحلة القادمة علي اساس من الشفافية والديمقراطية لينعم جميع الناس بالامن والسلام والحريه. الشكر والتقدير للمنظمه العالمية للثقافة والعلوم "يونسكو" والتحيه لصحافة بلادنا روادا وقادة.. وكتابا وقراء.. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. 9- ***- ان ما قاله البشير في خطابه السابق شي، ومن يعاين حال الصحفيين اليوم يجد شيئآ اخر، هل حقآ انطبق علي خطاب البشير المثل المعروف (كلام الليل يمحوه النهار)؟!!!! 10- ***- واخيرآ، لماذا تخاف السلطة الحاكمة من كلمة اقرأ" التي كانت فاتحة الاسلام وتعادي الصحفيين والكتاب، وتقطع ارزاقهم وارزاق اسرهم؟!! بكري الصائغ [email protected]