ان ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍلوطنية الحديثة التي ندعو لها تتأسس ﻋﻠﻰ دستور ﻳﻠﺒّﻲ ﺷﺮﻭﻁ ﺑﻨﺎﺀ ﺍﻹﺭﺍﺩﺓ ﺍﻟﺠﻤﺎﻋﻴﺔ الوطنية ﻭتغذية التضامن والاندماج الاجتماعي بين السودانيين وﺑﻠﻮﺭﺓ ﺍﻟﺮﺃﻱ ﺍﻟﻌﺎﻡ ، ويمتاز بالقبول ﺍﻟﻌﻘﻼﻧﻲّ ﻟﻨﺘﺎﺋﺠﻪ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﻤﻮﺍﻃﻨﻴﻦ ،دستور يضمنّ ﺗﺮﺟﻤﺔ ﺍﻟﻤﺒﺎﺩﺉ ﺍﻟﺪﻳﻤﻘﺮﺍﻃﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﻣﺆﺳّﺴﺎﺕ بهدف ﺍﻟﻀﻤﺎﻥ ﺍﻟﻤﺘﻮﺍﺯﻱ ﻟﻠﺤﻘﻮﻕ ﺍﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﻟﻠﻤﻮﺍﻃﻨﻴﻦ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺴﺘﻮﻳﻴﻦ ﺍﻟﻔﺮﺩﻱ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ. ﻭ ﺑﻌﺒﺎﺭﺓ ﺃﺧﺮﻯ ﻓﺈﻥّ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ الوطنية ﺍﻟﺤﺪﻳﺜﺔ التي ندعو لها ﺗﺴﺘﻤﺪ ﻣﺸﺮﻭﻋﻴﺔ ﻣﺒﺎﺩﺋﻬﺎ ﻣﻦ ﺫﺍﺗﻬﺎ الوطنية ، ﻋﻠﻰ ﺃﺳﺎﺱ ﻗﺒﻮﻟﻬﺎ ﺍﻟﻌﻘﻼﻧﻲ ﻣﻦ ﻃﺮﻑ ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﻤﻮﺍﻃﻨﻴﻦ ﻭﻻ ﺗﺤﺘﺎﺝ ﺇﻟﻰ ﺗﺒﺮﻳﺮ ﺁﺧﺮ ماقبلي كدعاوي بعض النخب السياسية السودانية عن ضرورة تأسيس الدولة علي أسس العلمنة الكلاسيكية (الصلبة) التي تستبعد الدين بشكل كلي من المجال العام ، أو دعاوى بعض الجماعات الدينية التي تقول بضرورة أن يكون الدين مصدر التشريع الوحيد ووجوب صبغ الدولة بصبغة دينية أحادية تنتفي فيها شروط التضامن والتواصل بين المواطنيين ،ﺇﻥّ ﻣﺒﺪﺃ ﺍﻻﺳﺘﻘﻼﻟﻴﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﺘﺸﺮﻳﻊ ﺍﻟﺬﺍﺗﻲ ﻟﻠﺪﻭﻟﺔ ﺍﻟﺤﺪﻳﺜﺔ الذي نقول به ﻳﺤﺮّﺭ دولتنا ﻣﻦ ﺃﺻﻮﻝ ﻣﻔﺘﺮﺿﺔ ﺧﺎﺭﺟﺔ ﻋﻨﻬﺎ، ﻣﺜﻞ ﺍﻟﺠﺪﻟﻴﺔ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺨﻴﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﻨﺸﺄﺓ ﺍﻟﻘﻮﻣﻴﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﺸﺮﻋﻴﺔ ﺍﻟﺪﻳﻨﻴﺔ أو الأساس الثقافي بالمعني الانثربلوجي أو الأساس العلمانوي بالمعني الإيديولوجي ،ﻭ ﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻓﺈﻥّ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻟوطنية الحديثة التي ندعو لها ﻻ ﺗﺤﺘﺎﺝ ﺇﻟﻰ ﺃﻱّ ﻣﺒﺪﺃ ﻣﺎﻗﺒﻠﻲ ، ﻭﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﻌﻜﺲ ﺟﺬﺭﻳﺔ طرحنا ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺍﻟﻤﻨﻄﻠﻖ. اذا اردنا تأسيس دولة وطنية حديثة ذات بناء داخلي متماسك ودستور يحظي بمقبولية من جميع المواطنين ينبغي علينا ﺃﻥ ندعم ﺍﻟﺘﻀﺎﻣﻦ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻨﺸﺄ ﺑﻴﻦ ﻣﻮﺍﻃﻨﻲ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ التي نعمل علي تاسيسها ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻫﻢ ﺃﻓﺮﺍﺩ ﺃﺣﺮﺍﺭ بالضرورة ، لايتاتي لنا ضمان هذا إلا بدستور قائم علي ﺍﻟﺤﺮﻳﺔ ﻳﺴﺘﻤﺪّ ﺷﺮﻋﻴﺘﻪ ﻣﻦ الذات الوطنية بمختلف تمظهراتها الثقافية العقلانية والدينية ﻭﺑﺸﻜﻞ ﻣﺴﺘﻘﻞّ ﻋﻦ أي مصدر أحادي ماقبلي ، ويسمح لمصادر التضامن الاجتماعي بتغذيته ممايمنحه المزيد من السريان والمقبولية وسط الجماعة الوطنية السودانية ، ﻓﺈﻥّ ﻣﺎ ﻳﻤﺜّﻞ ﺍﻟﺮﺍﺑﻂ ﺑﻴﻦ ﻣﻮﺍﻃﻨﻲ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻟﺤﺪﻳﺜﺔ ﻫﻮ ﺍﻟﻤﺴﺎﺭ ﺍﻟﺪﻳﻤﻘﺮﺍﻃﻲ ، ﺑﺎﻋﺘﺒﺎﺭﻩ ﺍﻟﺮﺑﺎﻁ ﺍﻟﻤﻮﺣﺪ ﻟﻠﺠﻤﻴﻊ ﺿﻤﻦ ﻣﻤﺎﺭﺳﺔ ﺗﻮﺍﺻﻠﻴﺔ ﺭﻫﺎﻧﻬﺎ ﺍﻟﻔﻬﻢ ﺍﻟﺼﺤﻴﺢ ﻟﻠﺪﺳﺘﻮﺭ ﺑﻔﻀﻞ ﺍﻟﺤﻮﺍﺭ. حينها يمكننا تأسيس بناء اجتماعي وطني مستقل يستند ﺇﻟﻰ ﺃﺳﺲ ﻋﻘﻼﻧﻴﺔ . ﻭﻫﻜﺬﺍ ﺗﻜﻮﻥ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻭﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺑﻨﺎﺀ ﺣﺼﻴﻨﺎ ﺑﺎﺳﺘﻨﺎﺩﻫﻤﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺍﻟﻨﺸﺄﺓ ﻭﺍﻟﺘﻜﻮﻳﻦ ، ﺃﻣّﺎ ﻣﺎ ﻗﺪ ﻳﻬﺪّﺩ ﺍﻟﺮﺑﺎﻁ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ، ﻓﻼ ﻳﺄﺗﻲ ﻣﻦ ﺩﺍﺧﻞ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺑﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﺨﺎﺭﺝ، ﻣﺜﻼ ﺑﺴﺒﺐ اﻧﺤﺮﺍﻑ ﻣﺴﺎﺭ ﺗﺤﺪﻳﺚ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﻦ ﺍﻷﺷﻜﺎﻝ. ولتاكيد ﺍﻷﺳﺎﺱ ﺛﻢّ ﺍﻟﺒﻨﺎﺀ ﺍﻟﻌﻘﻼﻧﻲ لدولتنا ، اننا ندﻋﻮ ﺇﻟﻰ فتح المجال العام لكل المساهمين علي اختلاف منطلقاتهم حيث يصبح مجتمعنا ﺃﻗﺮﺏ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮﺓ ﺍﻟﻤﺮﻛّﺒﺔ ﺍﻟﺘﻲ ينتفي فيها التمترس والتمييز الايدلوجي او الديني او العرقي ﻭﺗﻜﻮﻥ الدولة بذلك ( ﻣﺴﺎﺭﺍ ﺗﻜﺎﻣﻠﻴﺎ ) ﺑﻴﻦ كل الاطراف، نعتقد ﺃﻥّ ﻣﻦ ﻣﺼﻠﺤﺔ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ الوطنية ﺍﻟﺤﺪﻳﺜﺔ ﻣﺮﺍﻋﺎﺓ ﻛﻞّ ﺍﻟﻤﺼﺎﺩﺭ ﻭ ﺍﻟﻴﻨﺎﺑﻴﻊ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ(العقلانية والدينية) ﺍﻟﺘﻲ ﻳﺘﻐﺬّﻯ ﻣﻨﻬﺎ ﺍﻟﺘﻀﺎﻣﻦ الوطني ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻭﻳﻨﻤّﻲ ﻭﻋﻴﻬﻢ ﺑﺎﻟﻘﻴﻢ ، ﻭﻟﺬﺍ ﻓﺈﻥّ المواطنين ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ الوطنية ﺍﻟﺤﺪﻳﺜﺔ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺍﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﺑﺎﺣﺘﺮﺍﻡ ﻣﺘﺒﺎﺩﻝ. بناء على ماتقدم فإننا نرفض أي موقف عدائي حاد يدعوا لاستبعاد الدين بصورة كاملة من الحياة و نعتبر مثل هذه الدعوات غير عقلانية ، و لا تقل عقلانية عنها الدعوات المضادة التي تدعوا لنبذ جميع المنجزات البشرية و جعل الدين فقط يتحكم بكافة مناحي الحياة البشرية ، و إننا نستغرب لمن يحاولون خلق مواجهة وهمية بين الدين و المنجزات العقلية و العلمية الحديثة ، سوا كانت نتيجة هذه المواجهة اللاعقلانية أبعاد العقلانية أو الدين ، إننا نعتبر حرية الضمير و العقيدة من الحريات الأساسية التي لا ندخر وسعاً في النضال من أجلها ، و نقف بصلابة ضد أي محاولة لجعل الدولة طرفاً في الصراعات الدينية والمذهبية بين مواطنيها الذين يجب أن يكونوا متساوين تماماً في الحقوق و الواجبات ، كما نرفض إثارة النعرات الدينية ونرفض إزدراء المعتقدات بصورة غير موضوعية ، لكننا نميز بين هذا و النقد العلمي الحديث الهادف لتطوير تراثات الأديان والمذاهب المختلفة ، وندعو لتدخل الدولة لنشر التسامح وإشاعة روح التعايش السلمي والحوار الخلاق بين كل الأديان و بين طوائف ومذاهب الدين الواحد ، دون المساس بالحريات العامة و الشخصية و حقوق الإنسان والمواثيق والعهود التي تواضعت عليها الإنسانية وطرق الإدارة العلمية الحديثة ، لا نمانع من استلهام قيم الدين الإيجابية في التشريعات وإنشاء الدولة محاكم دينية خاصة لمن يرغبون في التحاكم لها في الأحوال الشخصية . لسنا حزباً دينياً، لكننا لا نرفض بموجب انفتاحنا و دعوتنا للتعددية الحزبية قيام أحزاب على أسس دينية، شريطة ضمان عدم تحويل قدسية الدين لحجة للتمييز بين المواطنين أو تقييد حريتهم في الاعتقاد و عدم الاعتقاد. إن الوحدة الوطنية لا يمكن أن تتم على أساس جعل الدولة الوطنية منحازه دينيا أو عرقيا لان الحقوق والمصالح ستصبح حقوق ومصالح الجماعة الدينية أو العرقية المسيطرة ، وبذلك تنتفي الحقوق والمصالح الوطنية التي تعتبر أبناء الأمة الواحدة مشتركين في مصالح واحدة وحقوق واحدة ، وبدون وحدة المصالح ووحدة الحقوق لا يمكن أن تتولد وحدة الواجبات ووحدة الإرادة الوطنية. إننا في الحركة السودانية للتغيير نرفض أي خطاب او موقف استحواذي اقصائي أن كان هذا الموقف متأسس علي حجج دينية تقدس الخطاب والموقف السياسي بناء على منطق تعبدي قوامه تقديس الرأي واطلاقه ، ومن جهة أخري نرفض أي موقف علمانوي يسعي للاستحواذ علي الدولة بحجة علمانيتها وحيادها تجاه المواقف الدينية ومن ثم تحويل هذه الحجة لاداة لإقصاء الآخرين. إننا نشتغل علي تأسيس مجال عام سياسي تسوده الخطابات والحجج المفهومة لغويآ والمقبولة منطقيآ والمعقولة واقعيآ ومستجيبة لاحتياج الناس وتطلعاتهم ، ولايمكننا فحص معقولية أي حجه سياسية ونظرية مالم ننزع عنها سمتي القداسة والتعالي واخضاعها لمعايير المنطق الاستدلالي لا المنطق التعبدي عن الدينويين والعلموي الإيديولوجي عن العلمانيين، المجال العام الذي ندعو له تحكمه فلسفة التواصل والحوار لا التدافع ، مجال تشغله عقلانيات تعددية منفتحه علي الاختلاف لاخطابات أحادية قائمة التعالي واحتكار الحقيقة والمشروعية والتفسير. بهذه الفلسفة الوطنية الحقوقية نعتقد أن حركتنا ستتمكن من وضع أساس الوحدة الوطنية وإيجاد الوحدة الوطنية بالفعل. [email protected]