انشغل الشارع الجنوبي هذه الأيام بزيارة أعضاء مجلس الأمن الدولى ال(15) الذين وصلوا البلاد يوم الجمعة الماضي، وقد شرعوا منذ وصولهم في عقد اجتماعات مطولة ومكثفة مع الحكومة كما زاروا ايضاً معسكرات النازحين داخل مخيمات الاممالمتحدة في كل من واو وجوبا، وانفض سامر الاجتماعات بينهم بتأكيد المؤكد مسبقاً وهو قضية نشر قوات دولية قوامها (4000) جندي في البلاد. ويبدو ان الموقف الحكومي السابق والغامض من موضوع القوات الدولية الذي أجازه مجلس الأمن الدولي أربك كثير من الناس في الشارع الجنوبي، وظهر الارتباك بشكل اوضح في الذين يعتقدون انفسهم انهم من انصار الحكومة، وقد توقف قطارهم في محطة الرفض المطلق لدخول اي قوات الدولية الي البلاد، مع ان الواقع يقول ان الموقف الحكومي قد جرت مياه كثيرة من تحت جسره، ولم يعد هنالك قضية قائمة بين الحكومة والاممالمتحدة، بل الحوار يدور حول الدول التى يفترض لها المشاركة في تكوين هذه القوات، وايضاً عن النوع وحجم التسليح الذي يفترض ان يكون لها، وحجم الصلاحيات والمهام المفترض لهذه القوات القيام بها، بالإضافة الى المدة الزمنية التي ستقضيها في البلاد ، ولكن من يقنع هؤلاء المغردين خارج السرب؟ والاغرب اذا ابديت اي ثمة رأي مغاير لاعتقادهم الضال، ولو بمجرد تبصيرهم بالحقيقة البيّنة التى باتت اوضح من شمس النهار في كبد السماء فلن يتوانوا لحظة في تصنيفك بالمولاة الى مشار وهي تهمة لا اعتقد انه حتى ريك مشار في شخصه كان سيقبل بها ،وخاصة في هذا التوقيت الحرج من تاريخ البلاد. ورغماً من ذلك لا بأس لنا من توضيح بعض الحقائق المتعلقة بالأمر للجاهلين بها عن عمد او دونه عسى علهم يستوعبون. الحكومة منذ صدور القرار من مجلس الامن الدولي لم يكن موقفها هو الرفض المطلق للقوات الدولية، ولكن كانت لها تحفظات نعتبرها منطقية وموضوعية كمسألة تحفظها من مشاركة بعض دول الجوار بالقوات في هذه العملية وهي دول يعتقد الجميع انها لعبت دوراً مشبوهاَ وسلبياً في تأجيج ازمة البلاد السياسية، مع العلم ان القرار الدولى نفسه ربط تنفيذ الأمر بالتشاور والمناقشة مع حكومة البلاد ، وهذا هو الهدف الاساسي من الزيارة التي قام بها وفد مجلس الامن الدولي الي البلاد. واعتقد ان تفاهماً كبيراً قد حدث بين الحكومة مع المجلس خلال الاجتماعات التى عقدوها مؤخراً. نتمني من هؤلاء المغردين بدلاً من اطلاق التهم والتصنيفات على الناس و(ركوب الرأس) في الفاضي! عليهم ان يعودوا الي رشدهم والى السرب ليغردوا سوياً مع الناس ، لان الرسالة التي سيتلقاها المجتمع الدولى من مواقفهم المتحجرة تجاه القرار هي رسالة سالبة بكل تأكيد، ويفهم منها ان للحكومة مواقف مزدوجة، فهي تقبل بأمر القوات وتناقشها مع المجتمع الدولي وفي نفس الوقت تحشد في انصارها ضد القرار الدولي. والحكومة لا تريدها ان تصل كذلك على ما اعتقد والله أعلم ألقاكم. سايمون دينق/ جوبا [email protected]