* كتبت الباحثة السودانية فاطمة جريس تقول "أن اللغة ليست هي فقط أداة للمخاطبة ولكن السيطرة عليها وخاصة في الدول ذات التعدد اللغوي يعني السيطرة على الهوية، وأن السيطرة علي اللغة يعني السيطرة على كل أنظمة الدولة كالقوى الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية والقانونية". * كما تقول رشا عوض الكاتبة والصحفية السودانية "نحتاج لمصالحة تاريخية قائمة على أساس الفحص النقدي لتاريخنا ورد الاعتبار للمهمشين سياسياً وثقافياً واقتصادياً، ليس بالكلام بل بالسياسات الجديدة وبعد الاعتراف لهم بمظالمهم والاعتذار عنها إعتذاراً تاريخياً حتى نفتح صفحة جديدة قائمة على أننا جميعا مواطنون أصيلون في هذا البلد" * وقد عنً لي سرد الحكاية التالية كشاهد عيان أمام السطوة اللغوية كحامل للسيطرة الاقتصادية السياسية الاجتماعية والقانونية، خاصة في بلدان متعددة الأعراق والثقافات والألسنة. * في فترة نظام النميري في السودان والساداتي بمصر، تم اعتقالنا بمصر وأودعنا سجن التراحيل بغرض تسفيرنا للسودان باعتبارنا أشخاصاً غير مرغوب في تواجدهم بالدولة المصرية، لأسباب يطول شرحها هنا. * وفي أحد تلك الأيام ونحن في انتظار تنفيذ حكم الابعاد، فتحوا باب الزنزانة وطلبوني لأذهب معهم إلى مكتب المقدم (نسيت إسمو) هناك وجدت سوداني شاب مقيد اليدين والرجلين، قال لي المقدم: السوداني ديه تم القبض عليهو مع مجموعة في الحدود الليبية ولما سألناه في التحقيق عن سبب إعتقالو إعترف بإنه اعتقل في (حملة) وحابين نعرف نوع الأسلحة اللي كانت مع الحملة ومش الدولة المصرية وظل طيلة الطريق يتندر من ذلك، فما كان ليتصور أن (أمثالنا) يمكن أن يكونوا (مهمشين) أيضاً لدى جلالة السادات فرعون مصر وقتها!. * العناية الالهية وحدها التي رعت مصير هذا السوداني المسكين، وبدونها كان سيجر على نفسه متاعب دون أن يدري كنهها ،، فقط جزاءاً على ما اغترف (لسانه)!. ______ * عن صحيفة الميدان. [email protected]