ضربة موجعة لمليشيا التمرد داخل معسكر كشلنقو جنوب مدينة نيالا    مدير مستشفي الشرطة دنقلا يلتقي وزير الصحة المكلف بالولاية الشمالية    شاهد بالفيديو.. شاعرة سودانية ترد على فتيات الدعم السريع وتقود "تاتشر" للجيش: (سودانا جاري في الوريد وجيشنا صامد جيش حديد دبل ليهو في يوم العيد قول ليهو نقطة سطر جديد)        ضياء الدين بلال يكتب: نحن نزرع الشوك    بالصور.. اجتماع الفريق أول ياسر العطا مساعد القائد العام للقوات المسلحة و عضو مجلس السيادة بقيادات القوة المشتركة    أقرع: مزايدات و"مطاعنات" ذكورية من نساء    وزير خارجية السودان الأسبق: علي ماذا يتفاوض الجيش والدعم السريع    محلية حلفا توكد على زيادة الايرادات لتقديم خدمات جيدة    شاهد بالفيديو.. خلال حفل حاشد بجوبا.. الفنانة عشة الجبل تغني لقادة الجيش (البرهان والعطا وكباشي) وتحذر الجمهور الكبير الحاضر: (مافي زول يقول لي أرفعي بلاغ دعم سريع)    شاهد بالفيديو.. سودانيون في فرنسا يحاصرون مريم الصادق المهدي ويهتفون في وجهها بعد خروجها من مؤتمر باريس والقيادية بحزب الأمة ترد عليهم: (والله ما بعتكم)    غوتيريش: الشرق الأوسط على شفير الانزلاق إلى نزاع إقليمي شامل    أنشيلوتي: ريال مدريد لا يموت أبدا.. وهذا ما قاله لي جوارديولا    سوداني أضرم النار بمسلمين في بريطانيا يحتجز لأجل غير مسمى بمستشفى    محاصرة مليوني هاتف في السوق السوداء وخلق 5 آلاف منصب عمل    غوارديولا يعلّق بعد الإقصاء أمام ريال مدريد    امين حكومة غرب كردفان يتفقد سير العمل بديوان الزكاة    نوير يبصم على إنجاز أوروبي غير مسبوق    تسلا تطالب المساهمين بالموافقة على صرف 56 مليار دولار لرئيسها التنفيذي    مناوي ووالي البحر الأحمر .. تقديم الخدمات لأهل دارفور الموجودين بالولاية    محافظ بنك إنجلترا : المملكة المتحدة تواجه خطر تضخم أقل من الولايات المتحدة    منتخبنا يواصل تدريباته بنجاح..أسامة والشاعر الى الإمارات ..الأولمبي يبدأ تحضيراته بقوة..باشري يتجاوز الأحزان ويعود للتدريبات    بايرن ميونخ يطيح بآرسنال من الأبطال    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    العين يهزم الهلال في قمة ركلات الجزاء بدوري أبطال آسيا    مباحث المستهلك تضبط 110 الف كرتونة شاي مخالفة للمواصفات    قرار عاجل من النيابة بشأن حريق مول تجاري بأسوان    العليقي وماادراك ماالعليقي!!؟؟    الرئيس الإيراني: القوات المسلحة جاهزة ومستعدة لأي خطوة للدفاع عن حماية أمن البلاد    بعد سحق برشلونة..مبابي يغرق في السعادة    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    خلال ساعات.. الشرطة المغربية توقع بسارقي مجوهرات    مبارك الفاضل يعلق على تعيين" عدوي" سفيرا في القاهرة    وزير الخارجية السعودي: المنطقة لا تحتمل مزيداً من الصراعات    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    ماذا تعلمت من السنين التي مضت؟    إنهيارالقطاع المصرفي خسائر تقدر ب (150) مليار دولار    أحمد داش: ««محمد رمضان تلقائي وكلامه في المشاهد واقعي»    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    تقرير: روسيا بدأت تصدير وقود الديزل للسودان    تسابيح!    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    إيلون ماسك: نتوقع تفوق الذكاء الاصطناعي على أذكى إنسان العام المقبل    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    ما بين أهلا ووداعا رمضان    تداعيات كارثية.. حرب السودان تعيق صادرات نفط دولة الجنوب    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    الجيش السوداني يعلن ضبط شبكة خطيرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عودة المسيح عليه السلام
نشر في الراكوبة يوم 19 - 01 - 2017

من الأشياء التى إختلف عليها الناس كثيرا و أنكرها الطائفتين ,مؤمنين و غير مؤمنين و منهم مفكرين إسلاميين كبار موضوع عودة المسيح عليه السلام و ظهور المهدى و موضوع الدجال و الذى يعرفه النصارى بصفة (ضد المسيح) و موضوع الدابة , الإشكالية نبعت من مصداقية تدوين السنة و التى نحسب أنها لم تكن دقيقة فى كثير من الحالات إلا أنها لا تخلو من شذرات من الحقيقة, الضابط الوحيد لهذه الإشكاليه هو القرآن الكريم و الذى قال عنه بعض المفكرين الاسلاميين أنه لم يشر صراحة لعودة المسيح الثانية و لا المهدى و لا الدجال ,و بشأن الدابة آمن بنصها القرآنى الكيسون دون تأويل و ترفعوا عما ذكرته السنة المدونة عنها, أحد متابعى سخر من المثيولوجيا الإسلامية التى تحتوى على حيوانات تتكلم ,على العموم فلنر ماذا قال القرآن الكريم عن هذه القضايا و نحاول فهم ما غمض منها و للقراء الحق فى الحكم على الإستنتاجات.
وكما أكرر دائما ,لست هنا بداعية إسلامى و لا شارحا لدقائق الغيوب و لكنى أحاول إستنطاق القرآن الكريم بأدواته التى دلنا عليها القرآن الكريم نفسه.
فى المقام الأول يجب التفريق بين المعجزة و المنطق القرآنى , المنطق القرآنى مبنى على السنن الطبيعية المضطردة التى أودعها الله فى الكون و الأشياء,أما المعجزة فهى خرق لتلك السنن بواسطة الله سبحانه و تعالى أو أحد من مخلوقاته نبيا كان أم ملكا أم وليا أم صديقا أم شيطانا و بإذن الله ,السنن هى الاصل و المعجزة هى الاستثناء, من يسهل عليه الإيمان بالله الذى سنن قوانين الكون و يتواضع لعلمه البشرى المحدود يسهل عليه فهم هذا المنطق.
قال تعالى:
إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَىٰ وَالِدَتِكَ إِذْ(( أَيَّدتُّكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ)) تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا ۖ وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنجِيلَ ۖ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِي ۖ وَتُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ بِإِذْنِي ۖ وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتَىٰ بِإِذْنِي ۖ وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَنكَ إِذْ جِئْتَهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ إِنْ هَٰذَا إِلَّا سِحْرٌ مُّبِينٌ(110) المائدة
وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَىٰ مُلْكِ سُلَيْمَانَ ۖ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَٰكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ ۚ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّىٰ يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ ۖ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ ۚ وَمَا هُم ((بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ)) ۚ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنفَعُهُمْ ۚ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ ۚ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنفُسَهُمْ ۚ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ(102) البقرة
هناك نقاط تشابه متعددة بين آدم و المسيح عليهما السلام نجمل بعضها فى الآتى :-
1-آدم و المسيح عليهما السلام ذكر كل واحد منهما بصريح الإسم (آدم ,عيسى) فى القرآن خمسا و عشرين مرة و قد حسبت هذا الرقم بنفسى إذ لدى برنامج لإحصاء القرآن الكريم.
2-جمعت بين آدم و المسيح عليهما السلام آية تثبت إصطفاء آدم و نوح و آل إبراهيم و آل عمران على العالمين , و المسيح من آل عمران, العالمين فى سياق الآية التالية تعنى البشر و لاتعنى أى جنس آخر مما يؤكد ماذهبنا إليه فى آيات سابقة من أن آدم ليس أول البشر:
إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَىٰ آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى ((الْعَالَمِينَ))(33) آل عمران
و مثلها فى فهم كلمة العالمين:
فَلَمَّا جَاءَ آلَ لُوطٍ الْمُرْسَلُونَ (61) قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ مُّنكَرُونَ (62) قَالُوا بَلْ جِئْنَاكَ بِمَا كَانُوا فِيهِ يَمْتَرُونَ (63) وَأَتَيْنَاكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ (64) فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِّنَ اللَّيْلِ وَاتَّبِعْ أَدْبَارَهُمْ وَلَا يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ وَامْضُوا حَيْثُ تُؤْمَرُونَ (65) وَقَضَيْنَا إِلَيْهِ ذَٰلِكَ الْأَمْرَ أَنَّ دَابِرَ هَٰؤُلَاءِ مَقْطُوعٌ مُّصْبِحِينَ (66) وَجَاءَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَسْتَبْشِرُونَ (67) قَالَ إِنَّ هَٰؤُلَاءِ ضَيْفِي فَلَا تَفْضَحُونِ (68) وَاتَّقُوا اللَّهَ وَلَا تُخْزُونِ (69) قَالُوا أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ(( الْعَالَمِينَ))(70) الحجر
3- جمعت بين آدم و المسيح عليهما السلام آية تثبت وجه الشبه بينهما فى ان كليهما خلق من تراب و هناك فرق بين التراب و الطين, فمادة السلف المشترك للكائنات هى نشأة الطين الصلصال/الحمأ المسنون, ثم عندما إنتشرت الكائنات فى الارض و تكاثرت تغذت حسب السلسلة الغذائية (نبات أم حيوان أم كليهما) و المعلوم أن النبات ينبت على التراب حتى لو لم يجد طينا بمواصفات النشأة الأولى, الاية تؤكد إن كليهما خرج من رحم بهذا المعنى فأميهما خلقتا من تراب بحكم ما أكلتاه:
إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آَدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ(59) آل عمران
4-معجزة كل من آدم و عيسى عليهما السلام كانت اللغة, فآدم علمه الله سبحانه و تعالى الاسماء من غير واسطة و المسيح تحدث فى المهد بإعجاز إلهى.
5-لغة سيدنا آدم كانت ما يعرف بالآرامية و هى نفس اللغة التى تحدثها المسيح عليه السلام, الجدير بالذكر أن هذه اللغة اصل كل اللغات السامية و منها العربية, و قد اثرت هذه اللغة على كثير من اللغات الحية الشئ الذى جعل كثير من الباحثين المتعصبين للعربية يظنون أن العربية هى اصل اللغات و هذا ما يجره التعصب الدينى عندما يسيطر على حيادية البحث العلمى.
6-كليهما لم يحتج لمعجزة ليؤمن بالله فعلاقتهما بالغيب كانت مباشرة مما يدحض جدلية خلق آدم من تمثال طين , كل الأنبياء غيرهم إحتاجوا لإدراك أشياء خارقة للطبيعة لتثبيت قلوبهم.
نهاية بعثة المسيح عيه السلام الأولى
قال تعالى :
إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَىٰ إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ ۖ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ(55) آل عمران
الملاحظ هنا أن وفاة عيسى عليه السلام لم تكن طبيعية فقد قال سبحانه (متوفيك و رافعك إلى) و سبب الرفع كما ورد فى الاية (تطهيره) من الذين كفروا ,المسيح لم يحتج لتطهير بالمعنى الذى نعلمه ولكن المعنى أنه لم يتبعه إلا قليل من المستضعفين و كانت قدرته على إحداث تغيير كافى محدودة بظروف ذلك الزمان, كان نقطة صغيرة من الطهارة وسط محيط من الماء الآسن,الملاحظ فى القرآن الكريم أن أى نبى يبعث لا يموت إلا أن يكمل رسالته أو يموت شهيدا, و قصة صاحب الحوت فيها عبرة اذ لم يسمح له الله بالخروج مغاضبا من قريته قبل إكمال الدعوة, و إن كان هناك رفع فيجب أن يكون هناك إنزال ,هذه قرائن منطقية لغويا وقرآنيا, فلنر ماذا قال القرآن عن الوفاة الطبيعية للناس:
اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا ۖ فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَىٰ عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَىٰ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ(42) الزمر.
تفسير الاية باختصار أن الانسان يتعرض لنوعين من الموت أحدهما الموت الدائم عند فساد الجسد المادى و الثانى موت مؤقت عند النوم, يلاحظ أن كلمة (رفع) لا توجد هنا.
ورد الرفع فى بضع آيات فى القرآن الكريم بدون إضافة (إلى) مثل:
رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَىٰ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ لِيُنذِرَ يَوْمَ التَّلَاقِ(15) غافر, رفيع الدرجات هنا هو ذو الدرجات المرتفعة و الروح هو الوحى.
وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ ۚ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَّبِيًّا (56) وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا(57) مريم ,التفاسير كثيرة لكن أسلمها أن الله رفعه إلى درجة عالية من التقريب فى السماء الميتافزيقية.
وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ (175) وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَٰكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ ۚ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث ۚ ذَّٰلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا ۚ فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ(176) الأعراف, هى قصة رجل عابد كان مقربا من الله لكنه آثر إتباع الهوى فصار حاله من الرفع إلى الخفض و غضب الله.
نصل من ذلك إلى أن جملة (رافعك إلى ) هى حالة خاصة تشى برفع المسيح فى ظروف خاصة ,وقرينة أخرى ,وصف القرآن المسيح بأنه (كلمة من الله) , فى تقديرى أن كلمة هنا تعنى (خطاب) و هو أحد نفس إستخداماتنا فنقول كلمة الرئيس مثلا, و سيكون للمسيح خطاب آخر فى غير زمانه.
بعثة المسيح عليه السلام الثانية:
لنصل إلى حقيقتها فعلينا أن نحلل بعض الايات :
إذْ قَالَتِ الْمَلائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ(45) وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَمِنَ(( الصَّالِحِينَ))(46) آل عمران
وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَٰكِن شُبِّهَ لَهُمْ ۚ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ ۚ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ ۚ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا (157) بَل ((رَّفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ ))ۚ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا (158) وَإِن مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ ((مَوْتِهِ ۖ ))وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا(159) النساء
وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ ((الصَّالِحُونَ))(105)الأنبياء
كلمة كهل لها إستخدامات كثيرة لكن أصحها فى هذا السياق ماقاله إبن الأثير فى تاج العروس أن الكهل من الرجال : من زاد على ثلاثين سنة إلى الأربعين و من المعروف أن المسيح عليه السلام عندما رفع كان عمره حوالى الثلاث و الثلاثين عاما, لا صحة لما قاله بعض المفسرين على الآية الثانية أن الأرض تعنى الجنة حيث أنه لا يوجد أثر بأن المسيح سيكلم الناس فى الجنة و لم يكلمهم؟ الجنة ليس فيها ناس اصلا لأن كلمة ناس تشمل البشر على إختلاف مشاربهم مؤمنهم وكافرهم و عقائدهم بل لا يوجد فيها مسلمين بالمعنى العام, فالمسلمين فيهم ضعيف الايمان و فيهم المنافق و فيهم فاسد العقيدة بل فيها صالحين و هم المسلمون قلبا و عقيدة و تطبيقا , الأرض هى الأرض التى نحيا عليها و مقصود بوراثتها إتمام رسالة سيدنا آدم فى خلافة الصالحين للأرض و هم المؤمنين بالله المتبعين لتعاليمه الذين سيختلفون عمن يفسدون فى الأرض و يسفكون الدماء و مازالت الأرض تعج بهم.
فى الاية الثانية واضح أن المسيح سيموت بعد أن يؤمن به فريق من أهل الكتاب و هذه أول مرة تستخدم فيها كلمة (موت) فى حق المسيح ,ففى المرة الاولى كانت الحالة وفاة ورفع إلى الله,و إستخدام حرف اللام فى( ليؤمنن) يدل على المستقبل.
فهل المسلمون أتباع المصطفى و المسلمون أتباع الديانات السابقة فهموا دينهم و طبقوه صحيحا؟ و هل أتباع المصطفى ورثوا الارض؟ هل الجميع صالحون قلوبا و تطبيقا؟ و هل أتباع المصطفى ورثوا الارض؟ لا بل الجميع فى أمر مريج و أتباع المصطفى هم الآن أضعف خلق الله.
إذن فالمسيح عليه السلام بحسب الاية الأولى كلم الناس فى المهد ليكون هو و أمه آية وليدفع الشبهة عن أمه و كلمهم كهلا لتبليغ كلمة الله و تبقى أن يكلمهم و هو من ضمن (الصالحين) الذين سيرثون الأرض, إذن فمن من بعدما رفع سيتم إنزاله فى الوقت المناسب ليواصل رسالته فى إرشاد من أمنوا به و لكنهم ضلوا, الملاحظ أن القرآن بين أن الله توفاه و رفعه إليه هذا يعنى أن جسده ترك على الارض و لو كان قال رافعك إلى فهذا معنى آخر لأن التوفى يكون للروح فقط دون الجسد,إذن فالاحاديث النبوية فى شأن عودة المسيح صحيحة, قد إرتبطت عودة المسيح عليه السلام فى السنة المدونة بالمهدى الذى سنفرد له مقالا خاصا منعا للتطويل و تخفيفا على القراء و نفسى عند معالجة موضوعين كبيرين ,سيكون ديدننا كالعادة تأويل القرآن فقط لنر هل ستنطبق السنة المدونة عليه أم لا.
ماهى مبررات عودة المسيح و ظهور المهدى :
1- حسم الصراع بين الأديان الابراهيمية فالإسلام فى القرآن ليس إسما لدين خاص فنوح يقول لقومه : ( وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ) يونس/72، والإسلام هو الدين الذي أمر الله به أبا الأنبياء إبراهيم ( إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ ) البقرة/ 131، ويوصي كل من إبراهيم ويعقوب أبناءه قائلاً : ( فَلاَ تَمُوتُنَّ إَلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ ) البقرة/132، وأبناء يعقوب يجيبون أباهم : ( نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ) البقرة/133، وموسى يقول لقومه : ( يَا قَوْمِ إِن كُنتُمْ آمَنتُم بِاللهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم مُّسْلِمِينَ ) يونس/84، والحواريون يقولون لعيسى : ( آمَنَّا بِاللهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ ) آل عمران/52، وحين سمع فريق من أهل الكتاب القرآن ( قَالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِن قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ ) القصص/53
فبهذا المنطق و أعلم ان كلامى هذا سيجلب لى المشاكل فإن كل متبعى الديانات السماوية هم مسلمون و لكن دعوة المصطفى هى الخاتمة و الناسخة( و من يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه و هو فى الآخرة من الخاسرين), الله سبحانه و تعالى يعلم أن هناك مخدوعون و هناك مغرر بهم و هناك من لديهم فكرة سيئة عن الإسلام و هناك من لايعلمون لاسباب كثيرة لا يعلمها إلا الله و لا يعذر فيها إلا هو و قد قال تعالى عن بعضهم:
إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَىٰ وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ(62) البقرة
إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ(17 )الحج
وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ ۖ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنزِلَ إِلَيْنَا وَأُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَٰهُنَا وَإِلَٰهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ(46) العنكبوت
إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَادُواْ وَالصَّابِئونَ وَالنَّصَارَى مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وعَمِلَ صَالِحاً فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ (69)المائدة
وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّىٰ يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَعْلَمُونَ(6) التوبة
وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ ۗ كَذَٰلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّهِم مَّرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (108) الأنعام
أما من رفضوا الهدى الربانى فقد قال تعالى عنهم:
لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ۖ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ ۚ فَمَن يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىٰ لَا انفِصَامَ لَهَا ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ(256) البقرة
الملاحظ أن فى هذه الآيات إشارات تصالحية تختلف تماما عما أتى به التكفيريون.
2-أفضل من يتولى حسم الصراع الدينى بين اليهود و المسيحيين و المسلمين هو المسيح عيه السلام و افضل من يحسم الصراع الدينى المسلم/المسلم و يوحد المسلمين هو المهدى.
3-عودة المسيح ستجعل عدد المسلمين المتفقين المتفاهمين كبيرا جدا إن اضفنا لعدد المسلمين عدد المسيحيين و عدد الهندوس الذين ثبت ان ديانتهم كانت توحيدية و حرفت (رسول الله فى كتب السابقين/راغب السرجانى)/
. و آخرين ممن سيؤمنوا Mohammed In Hindu Scriptures
4- ستأتى عودة المسيح و ظهور المهدى فى عهد يكون فيه العالم على شفا الهاوية و المسلمون فى أضعف حالاتهم مع ظهور (ضد المسيح ) الدجال الذى سيكون آخر حلقة فى سلسلة الفتن,سنفرد للدجال أيضا مقالا خاصا عن إشارات ظهوره المحتملة فى القرآن الكريم.
5-طالما أن المسيح سيعود بنص القرآن بعد أكثر من ألفى سنة من رفعه فمن الطبيعى أن يكون له معاون مسلم من هذا العالم الذى سيكون غريبا جدا على المسيح.
6- سيكون للمسيح مناصرين كثر من المسلمين الذين يؤمنون به كنبى حسب منطوق القرآن.
أسر لى البعض بان المسيح عليه السلام شخصية خيالية لا وجود لها فى التأريخ و أن الديانة المسيحية هى خليط من اساطير دمجت فى المسيحية ,قد يكونون على حق فى شكل الديانة المسيحية الحالية التى أنشأها الامبراطور الرومانى جستنيان مع بولس الطرسوسى (ويكيبيديا), و لكن المسيح عليه السلام المنصوص عليه فى القرآن شخصية حقيقية و قد أثبت ظهوره فى التأريخ شواهد أخرى كثيرة منها (مخطوطات قمران) التى يمكن للقارئ الكريم الاطلاع عليها عبر محرك البحث, إنبثاق الاساطير من الأديان أو إدخال أساطير إلى الثقافات الدينية سببا بلبلة كبيرة فى الايمان للمتشككين أصلا فى الدين, الثقافات الدينية أقصد بها ما إختطته أيدى الناس و القرآن خارج هذا السياق لأنه مختلف تماما من حيث المحافظة على نصه الأصلى,دخلت ايدى البشر في الثقافة الاسلامية عن طريق أشياء أخرى كتدوين الحديث و المرويات و التفاسير.
و إلى مقال قادم بإذن الله عن إشارات ظهور المهدى فى القرآن الكريم.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.