٭ لقد كانت علوم الصين والهند والعلوم الاسلامية تستهدف الانسان وتسعى الى خدمته ولم يكن هاجسا حلو «الغايات الانسانية ليعيقها عن التفتح والازدهار». ٭ لقد كانت العلوم الاسلامية لم تنتهج منهج الغرب منذ القرن السادس عشر فليس مرد ذلك الى نوع من العجز او القصور الذاتي. بل مرده الى ان الاسلام رفض الخوض في بعض المجالات العلمية التي نظر اليها على انها لا تتصل بغاية الوجود ومعناه. ٭ ولقد ازدهرت علوم الصين والهند وما بين النهرين والعلوم الاسلامية ايما ازدهار في مرحلة كان فيها الجهل يعم اوربا التي انتقلت فيما بعد من جهل بربري الى بربرية مسلحة بالعلم. ٭ اما ما قدمته الحضارة اليونانية والمسيحية وحضارة عصر النهضة او حضارة القرن العشرين في الغرب فلسنا بصدد انكار قيمته وجحود فضله لكننا نريد الاشارة الى الحجم الحقيقي لتلك الحضارات ففي مجال الحديث عن التطور البطيء الهادف الى خلق انسان جديد نلح على تعميق انسانيته لا يمكن اعتبار ما اسهمت به الحضارة الغربية هو الاسهام الوحيد او الاكثر اهمية بين الحضارات الاخرى. ٭ بهذه الروح ومن هذا المنطلق نود تبيان دور العلوم الاسلامية وتطلعاتها المستقبلية كي لا نقع فيما وقع فيه معظم مؤرخينا الغربيين حينما لم يروا في العلوم الاسلامية الا ناقلا للعلوم اليونانية والهندية والفارسية والصينية والا سلسلة من الاكتشافات لا دور لها سوى انها مهدت الطريق امام العلوم الحديثة التي تخلع عليها بتعميم وادعاء صفة العلوم والاجدر ان توصف بأنها العلوم الغربية. ٭ ويجدر بنا فيما يخص العلوم الاسلامية وامتيازها النوعي ان ندرك ما فيها من معان وما لها من خصائص وان لا نفصلها عما يمنحها اهدافها وغاياتها.. نعني به ذلك الايمان وهو القوة الحية التي كانت روح هذه العلوم وجوهرها. ٭ ان مبدأ التوحيد هو حجر الزاوية في الايمان يرفض كل فصل بين العلم والعقيدة فكل ما في الطبيعية شاهد على وجود الله، ولذا كانت كل معرفة للطبيعة عن طريق العلم نوعا من الصلاة ولونا من الوان التقرب من الله. ٭ وقد الح القرآن كما الح الحديث النبوي دائما على البحث لعلمي واشادا به وشجعا عليه وحثا المسلمين على طلب العلم حتى لدى الناس من غير المسلمين.. وهذا ما يفسر الدور البناء الذي لعبه الاسلام كما يفسر ذلك البعث العلمي الذي انتشر في طريق يلتمس به علما سهل الله به طريقا الى الجنة وفي حديث آخر قوله «يوزن يوم القيامة مداد العلماء بدم الشهداء». ٭ هذا ما جاء في كتاب المفكر الفرنسي الذي اسلم روجيه غارودي في كتابه « ما يعد به الاسلام» الطبعة الثانية الصادرة في عام 3891م في فصل «العلوم والحكمة». هذا مع تحياتي وشكري الصحافة