هل تعلم أنه لا توجد في العالم دولة واحدة تصف نفسها رسميأ بإسم عرق من أعراقها السكانية الغالبة في الحقيقة أو التصور غير "جمهورية مصر العربية والمملكة العربية السعودية وليبيا العربية وسوريا العربية والمغرب العربي والإمارات العربية"؟. والدول التي لا تلحق نفسها سهواً أو عمداً بكلمة "عربية" فهي ليست معفية من العلة.. مع العلم أن كثير من هذه الدول بها غالبية سكانية غير عربية وحتى لو كانت أقلية فما الفائدة من إعمال هذا القدر من عدم الحساسية العنصرية و ما الفائدة أصلاً ومطلقاً من وصف الدولة رسمياً بعرق من الأعراق؟!. وهل تعلم أنه لا توجد أي مجموعة دول في كل أنحاء العالم المتحضر وغير المتحضر: متكتلة علناً على أساس عرقي إلا فيما يسمى بالعالم العربي لديه جسم رسمي إسمه "جامعة الدولة العربية". عدم حساسية مفرطة.. أقترح ان لزم الأمر أن تشكل الجامعة من جديد على أساس مصلحة الشعوب المادية الملموسة وتسمى بإسم جديد لا عرقي. وهل تعلم أنه لا يوجد في كل أنحاء العالم المتحضر وغير المتحضر: تكتل رسمي يقوم بين الدول على أساس الدين غير العالم الإسلامي إذ لديه رابطة رسمية وليست شعبية إسمها "منظمة التعاون الإسلامي". و تضم سبعأ وخمسين دولة؟. هدفها رعاية شئون المسلمين .. بينما بهذه الدول جماعات كثيرة عندها أديان أخرى أو لا دينية.. لكنهم يدفعون ضرائب للدولة لتساهم مع المنظمة في رعاية جماعة واحدة فقط من الجماعات!. وهل تعلم أن كل هذه الأسماء والتكتلات شبه وهمية وغير ذات فاعلية تذكر بشهادة الدول الأعضاء فيها وشعوبها والعالم أجمع؟. إذ لا يمكن أن تنجح كونها روابط قائمة على العواطف المحضة وأصداء التاريخ البعيد كما أنها ليست بالضرورة معبرة عن الحقيقة العرقية ولا الدينية للشعوب التي تدعي تمثيلها وكون كل تلك التكتلات تفتقر إلى الحد الأدنى من الحساسية الإنسانية والعقدية وهي أشبه بتكتلات عنصرية لا تختلف في شيء عن النازية الألمانية ورؤى الجنس الآري. التكتل الوحيد الصحيح و الفاعل في المنطقة هو "دول مجلس التعاون الخليجي" كونه يقوم على المصلحة المجردة التي تجمع أعضائه وهي الدول النفطية الغنية في شبه الجزيرة العربية في حل عن العروبة والإسلام. وإلا لما تم إستبعاد اليمن بموقعها الجغرافي وهي أصل العروبة كما نقرأ في التاريخ.. ولا عيب في ذلك لأن أس الرابطة يقوم على شروط لا تتوفر في حالة اليمن.. ولليمن مكانها مثل الآخرين في التكتلات الأخرى الشكلية كالتجمع العرقي الكلي المسمى "جامعة الدول العربية" كما العقدي المسمى "منظمة التعاون الإسلامي". تلك الرؤى العرقية والدينية التي تم تزوير حقيقتها وتزييف فاعليتها المتوهمة قادت إلى حالة تغبيش الوعي القائمة الآن بالمصير الواحد المشترك وما هو كذلك!.. كما أعلت من مشاعر البغض والكراهية والعنصرية تجاه الأعراق والأديان الأخرى في الدول الموصوفة بالعروبة والإسلام. وما يحدث في مصر الآن لهو أسطع دليل على تصورنا هذا.. وليس طبعاً مصر وحدها بل الكل يعاني بذات الدرجة!. ولنا أن نسترسل هنا على سبيل المناسبة فإن كان من يقتل الآخر في مصر "الأقباط مثال" هم الإرهابيين فإن الدولة نفسها في السودان تقتل المسيحيين داخل الكنائس، حدث قبل إسبوع واحد فقط في العاصمة الخرطوم ويحدث كل الوقت قتل وتكفير لأهل العقائد الاخرى. والقصة أبعد من ذلك.. تلك التكتلات العرقية العنصرية "الرسمية" الفاقدة للحساسية تقود بشكل مستمر إلى تآكل الذات من الداخل عبر نزاع الذات الواحدة.. وما نراه الآن في العراق وسوريا واليمن والسودان والبحرين الخ واضحا للعيان من صراعات شعوبية وعشائرية وطائفية دموية. وفي ذلك أيضاً العلة الجوهرية لتحجر العقول وموت القلوب وتعنت الرأي عند العامة والتضخيم الكاذب للذات. بينما في الحقيقة مقدرات الإنسان الذي يعيش في حزام هذه الدول ضعيفة تعليمياً ومهنيا وتكنولوجياً مقارنة بشعوب كثيرة في شرق آسيا ولاتن أميركا ناهيك عن النظير الغربي. ويتم بشكل مستمر إستنزاف مقدرات إنسان هذه المنطقة عن عمد بما يصب في مصلحة النخب الحاكمة والاستعمار الحديث وعبر القمع المادي والمعنوي كما تغييب العقل والإرادة. والنتيجة مشهودة في الواقع متمثلة في تخلق إنسان إستهلاكي، شكلاني، سطحي، لا إبداعي، ضيق الأفق، كثير الصراخ والعويل بلا طحين وعنده القابلية ليتحول في أي لحظة إلى إرهابي. وهذا الإنسان تستطيع أن تقابله في كل الشوارع العامة وفي وسائل التواصل الإجتماعي وفي التلفاز وفي الإذاعة وتستطيع إن تسمع بإسمه وضحاياه عندما يقرر أن يتوقف عن السب والعويل ويلبس حزام ناسف. هذا الإنسان هو: نحن!. ملاحظة توضيحية هامة.. نحن هنا نتحدث عن دول وعن تكتلات لدول.. سلطات رسمية.. لن تجد هولندا الجرمانية ولا بلجيكا الجرمانية ولا فرنسا الجرمانية مثلا كما مصر وسوريا والامارات ملحقة بكلمة عربية.. تلك شعوب اوروبية في حيزها الجغرافي سمت نفسها في التاريخ البعيد باسم واحد مفرد لدولتها أو أسماها الآخرين وتكتلت لاحقا على أسس جغرافية او/و على أساس المصلحة المشتركة (الاتحاد الأوروبي مثال).. كما لا يوجد تكتل رسمي مسيحي ابدا في كل انحاء العالم.. لأنه خطأ وضد حقوق الإنسان والديمقراطية.. وان وجد فهو خطا جسيم وجب الوقوف ضده!. أنا احمل الجنسية الهولندية ولست بمسيحي فإن كانت هولندا رسميا في هكذا جسم فأنا شخصيا سامتنع عن دفع الضرائب للدولة وهذا ما يجب أن يفعله الآخرون في الدول الأخرى التي تنتهج ذاك النهج التمييزي وهو أيضا المبدأ بغض النظر عن عقيدة أو عرق الفرد منا.. انه من أخص مبادىء حقوق الانسان.. لكنني طبعا أستطيع أن اتبرع كفرد بالمال أو الجهد وفق ارادتي الحرة للكنيسة او الجامع او المعابد البوذية مثلما أفعل مع روابط البيئة وحقوق الانسان. لاحظ ان كلمة رسمي هنا تحيل إلى الدولة أي التمثيل الرسمي لا الشعبي أو المدني. هل هذه الحقائق واضحة لك؟. إذن تصحبك السلامة مع أمنياتي لك ولي بالشفاء العاجل!.. وإن كنت تحتاج إلى مزيد من الشرح للقضية أحيلك لطفاً إلى رابط لمقالة لي أدناه (فيه تحليل مستفيض للأزمة ومقترح بالحلول) تحت عنوان: صيغة جديدة للدولة والعيش السلمي المشترك.. المستقبل لدولة اللا هوية.. (رؤية للنقاش الحر) https://www.alrakoba.net/articles-ac...w-id-77205.htm محمد جمال الدين لاهاي/هولندا [email protected]