إن القراءة*هي عملية معرفية، تقوم على تفكيك رموز الحروف لتكوين المعانى، والوصول بها إلى مرحلة الفهم والإدراك، وهي جزء من اللغة، واللغة نفسها هي وسيلة للتواصل أو الفهم، لذلك بدعوة كريمة من نفر كريم من مجموعة: نيالا- تعليم بلا حدود، وإتحاد أدباء وكتاب ولاية جنوب دارفور، تدافع أكثر من ثلاثين، من المهتمين والمولعين بشغف القراة، من أبناء نيالا، بكل إتجاهاتها الأربع، شمالا وجنوبا وشرقا وغربا، ووسط المدينة كذلك، شكلوا حضورا أنيقا، عبروا فيه عن حلاوة وقيمة القراءة- أي فتية- آمنوا بتلبية الدعوة، وزينوها حضورا تشريفيا، لفاعلية الإحتفال باليوم العالمي للقراءة، الذي يقام في الثالث والعشرين من أبريل من كل عام، لذلك كان التسابق إلى تلبية دعوات المعرفة، والإيمان بأهمية الغوص في بطون الكتب، هو الجامع والهدف الأسمى لهؤلاء، إلى جانب قناعاتهم بدور القراءة في إرساء القيم الفاضلة، ومساهماتها في التغيير المفاهيمي، لكثير من السلوكيات، التي باتت تتجلى عبر ظواهرها السالبة، تركوا كل مشاغلهم لأن الحلم يراودهم نحو مجتمع يحترم المعرفة، بإعتبارها السبيل إلى إحترام الرأي والرأي الآخر، والمعين في معالجة المشكلات، وإعادة الأمل في الذين ما زالوا يهيمون غوصا، بين سطور الأسافير المعرفية، إذا تدافع الشباب السمر من قلب زحام الحياة، وهم يكابدون الضنك والمشاغل، وصولا للمبتغى والمنال، فجاؤوا وهم لا يعرفون بعضهم- فقط- ليعبروا عن جمال نيالا، وما تحمله من كنوز القريض والشعر، وكل ضروب الثقافة، والتأكيد على أن حب الكلم، لا يعترف بالحدود والفواصل، سوى حدود الرداءة أو الجودة، لأن السياحة بين جنبات الورق المحبور، هي التي أوشت لوادي نيالا بإحتضان أبنائه، حيث شكلت ضفته الشمالية، من الناحية الغربية لشارع تكتيك، مكانا أنيسا للأنفس المغتسلة بقيم الجمال، زينته مساءات الغروب، وناس نيالا يحتشدون على طول وعرض الوادي، ليخففوا عن آلامهم من وطأة البحث عن قفة الملاح، والتأكيد أن نيالا هي الأم الحنون، مثلما صدح بها شاعرنا هيثم جلال الدين في رائعته (نيالا أم عيالا)، فالرغبة في إعادة روح الأمل والإهتمام بالقراءة، هو الذي جمع أبناء وبنات نيالا، من أحيائها المختلفة، مثل: تكساس، كرري، السد العالي، الحي رايق، الخرطوم بالليل، النهضة، حي الوادي والمزاد، وعذرا لمن لم تسعفني ذاكرتي لذكر حيه، فجميعهم إستقبلهم وادي نيالا- كيف لا!- وهو شريان حياتهم، ظل يمدهم بمائه العذب- ولم يضن يوما- لقرن من الزمان، حيث ظل هذا الوادي ساقيا لأهل نيالا، يشاطره في الفضل وديان دوماية ورمالية، وغيرها من الأودية والخيران، التي فاضت شعرا وكتابة وفنا، قدم الحضور قراءاتهم الشعرية المتنوعة، خاصة الأساتذة: محمد خير الخولاني، وعبد الله إدريس والسنوسي صالح، تخللتها وصلات غنائية للمطربات: ذوبا وصباح، كذلك أثنى المشاركون على المبادرة والذين كان لهم شرف السبق في قيامها (وليد وإسلام)، ثم قدموا آرائهم ومقترحاتهم، إتفقوا على ضرورة إنشاء مجموعة (يوم القراءة) على الواتساب، والإتفاق على شهرية القراءة، على أن يتم في هذا اليوم تقديم ملخص للكتاب، الذي وجد حظه من القراءة، بجانب تقديم قراءات نقدية حول الكتاب، وربما تكون فاتحة خير لمزيد من الأنشطة والبرامج، الداعمة لعودة المكتبة، وغيرها من المشروعات الحاضة والحاثة، على رفع الوعي بقيمة وأهمية التنوع الثقافي، الذي يذخر به أهل السودان، وعلى أية حال نقول: إن الإحتفال الأول، هو معرفتنا لكنوز من الشباب- قل أن- يجود بهم هذا الزمان، كذلك الإحتفال الثاني، هو الدعم الذي وجدته الفكرة، والإتفاق على جعلها مشروعا ثقافيا مستمرا، ينبغي لنا وبمختلف تبايناتنا، أن نكون داعمين للرؤى والأفكار، المؤدية إلى إصلاح المجتمع، من خلال البحث عن سبل المعرفة، والإطلاع على تجارب وخبرات الغير، ورفدها لمنفعة المجتمع، فهنيئا لنا ولأهل نيالا بهذا الصنيع، ودمتم عطاء للحق والخير، والدنيا دبنقا دردقوها بشيش،،،،، [email protected]