أول تعليق من ترامب على اجتياح غزة.. وتحذير ثان لحماس    مقتل 18 شخصا واختطاف 14 آخرين بينهم 3 فتيات من الفاشر    تأملات جيل سوداني أكمل الستين    مقتل كبار قادة حركة العدل والمساواة بالفاشر    مناوي: صمود الفاشر رسالة تاريخية لعبدالرحيم دقلو    فبريكة التعليم وإنتاج الجهالة..!    السودان يدعو المجتمع الدولي لدعم إعادة الإعمار    ريال مدريد يواجه مرسيليا في بداية مشواره بدوري أبطال أوروبا    مصلحة الشعب مع الحقيقة دائما حتى لو كانت قاسية    أونانا يحقق بداية رائعة في تركيا    بيراميدز يسحق أوكلاند ويضرب موعدا مع الأهلي السعودي    دبابيس ودالشريف    السودان يشارك في مؤتمر ومعرض المجلس الدولي للمطارات لإقليم أفريقيا    رئيس مجلس السيادة يلتقي أمير دولة قطر و يعقدان اجتماعاً ثنائياً    ما ترتيب محمد صلاح في قائمة هدافي دوري أبطال أوروبا عبر التاريخ؟    دراسة تكشف تأثير "تيك توك" وتطبيقات الفيديو على سلوك الأطفال    "خطوط حمراء" رسمها السيسي لإسرائيل أمام قمة الدوحة    ماذا تريد حكومة الأمل من السعودية؟    لقد غيّر الهجوم على قطر قواعد اللعبة الدبلوماسية    الشرطة تضع حداً لعصابة النشل والخطف بصينية جسر الحلفايا    شاهد بالصور.. زواج فتاة "سودانية" من شاب "بنغالي" يشعل مواقع التواصل وإحدى المتابعات تكشف تفاصيل هامة عن العريس: (اخصائي مهن طبية ويملك جنسية إحدى الدول الأوروبية والعروس سليلة أعرق الأسر)    أمير قطر: بلادي تعرضت لهجوم غادر.. وعازمون على مواجهة عدوان إسرائيل    شاب سوداني يستشير: (والدي يريد الزواج من والدة زوجتي صاحبة ال 40 عام وأنا ما عاوز لخبطة في النسب يعني إبنه يكون أخوي وأخ زوجتي ماذا أفعل؟)    هالاند مهاجم سيتي يتخطى دروغبا وروني بعد التهام مانشستر يونايتد    الهلال السوداني يتطلّع لتحقيق كأس سيكافا أمام سينغيدا    شاهد بالصورة والفيديو.. بضحكة مثيرة جداً وعبارة "أبشرك اللوري مافي زول سائقه مركون ليهو زمن".. سيدة سودانية تثير ضجة واسعة بردها على متابع تغزل في جسدها: (التحية لسائق اللوري حظو والله)    شاهد بالفيديو.. الفنان شريف الفحيل يفتح النار على المطربة إيمان الشريف: (المجهود البتعملي عشان تطبلي لطرف تاني قدميه لزوجك لأنك مقصرة معه ولا تعطيه إهتمام)    شاهد.. "جدية" الإعلام السوداني تنشر صورة لها مع زوجها الشاعر وتستعين بأبيات من الغزل نظمها في حقها: (لا شمسين قدر نورك ولا الاقمار معاها كمان)    إنت ليه بتشرب سجاير؟! والله يا عمو بدخن مجاملة لأصحابي ديل!    مصر تسجل مستوى دخل قياسيا في الدولار    وزير الداخلية يترأس إجتماع لجنة ضبط الأمن وفرض هيبة الدولة ولاية الخرطوم    وزير الداخلية يترأس إجتماع لجنة ضبط الأمن وفرض هيبة الدولة ولاية الخرطوم    عودة السياحة النيلية بالخرطوم    في أزمنة الحرب.. "زولو" فنان يلتزم بالغناء للسلام والمحبة    إيد على إيد تجدع من النيل    وزارة الزراعة والثروة الحيوانية والري بالخرطوم تبحث إعادة إعمار وتطوير قطاع الألبان    شاهد بالصورة والفيديو.. عروس سودانية ترفض "رش" عريسها بالحليب رغم إقدامه على الخطوة وتعاتبه والجمهور يعلق: (يرشونا بالنووي نحنا)    حسين خوجلي يكتب: الأمة العربية بين وزن الفارس ووزن الفأر..!    ضياء الدين بلال يكتب: (معليش.. اكتشاف متأخر)!    في الجزيرة نزرع أسفنا    أعلنت إحياء حفل لها بالمجان.. الفنانة ميادة قمر الدين ترد الجميل والوفاء لصديقتها بالمدرسة كانت تقسم معها "سندوتش الفطور" عندما كانت الحياة غير ميسرة لها    من هم قادة حماس الذين استهدفتهم إسرائيل في الدوحة؟    مباحث شرطة القضارف تسترد مصوغات ذهبية مسروقة تقدر قيمتها ب (69) مليون جنيه    في عملية نوعية.. مقتل قائد الأمن العسكري و 6 ضباط آخرين وعشرات الجنود    الخرطوم: سعر جنوني لجالون الوقود    السجن المؤبّد لمتهم تعاون مع الميليشيا في تجاريًا    وصية النبي عند خسوف القمر.. اتبع سنة سيدنا المصطفى    عثمان ميرغني يكتب: "اللعب مع الكبار"..    جنازة الخوف    حكاية من جامع الحارة    حسين خوجلي يكتب: حكاية من جامع الحارة    تخصيص مستشفى الأطفال أمدرمان كمركز عزل لعلاج حمى الضنك    مشكلة التساهل مع عمليات النهب المسلح في الخرطوم "نهب وليس 9 طويلة"    وسط حراسة مشددة.. التحقيق مع الإعلامية سارة خليفة بتهمة غسيل الأموال    نفسية وعصبية.. تعرف على أبرز أسباب صرير الأسنان عند النوم    حادث مأسوي بالإسكندرية.. غرق 6 فتيات وانقاذ 24 أخريات في شاطئ أبو تلات    بعد خطوة مثيرة لمركز طبي.."زلفو" يصدر بيانًا تحذيريًا لمرضى الكلى    الصحة: وفاة 3 أطفال بمستشفى البان جديد بعد تلقيهم جرعة تطعيم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كيف ينظرُ أطرافُ النِزَاع فى دارفور لمَأسَاةِ النازِحِينَ واللآجِئيِّن (5)
نشر في الراكوبة يوم 29 - 07 - 2017

نقصدُ بأطرافِ النزاع فى دارفور، حكومة السودان والحركات المُسلحة. وسنتطرَّقُ أيضاً لنَظرةِ المجتمع الدولى وخاصَّة الغربى للأزمةِ الإنسانية فى دارفور.
. حكومة السودان تنظرُ لمِحنَةِ النازحين دآخِلياً بإهتمام، وفى حَالةِ توَجُّسٍ دَآئمٍ منها. تنظر الحكومة إلى النازحين نظرَة المُجرِم لآثارِ جريمتهِ التى إرتكبها، ورغبة فى إخفَاءِها، ولذلك تسعى جاهِدةً للتخلُّصِ منها بكُلِّ السُبُلِ. ولكنَّها تتعامَلُ معها بلا رغبة جادَّة، تتعامل معها بسياسَةِ رِزق اليوم باليومِ، لأنَّها تنظرُ إلى هذا وآقِع الخطير والتحدِّى الكبير"بسُوءِ نِيَّة" بمعناَها القانونى بقصدِ تحقيقِ كسب غير مشروع للنفسِ، أو تسبِيب خسارة غير مشروعة للغير، النازحين أنفسهم أو أطراف النِزَاع، وهو منهجٌ ثبتَ عدم جدْوَاه.
. وبالمقابل، ينظرُ قادَةُ الحركات المُسلَّحة الطرف الآخر للحربِ فى دارفور إلى مأساةِ النازحينَ فى دارفور على أنَّها دليل إدَانة ضدّ حُكومَةِ السودان فى الإنتهاكات التى إرتكبتها وأدَّت إلى إتهَامِها بالتطهيرِ العِرقِى والإبادَةِ الجمَاعِيَّةِ أمام المحكمة الجنائية الدولية. والحركات لا تُحَمِّلُ نفسها أدْنَى مسؤولية تجاه النزوح الدَآخِلى واللجُوء!. وقد ثبتَ عدم جدْوَى نظرة الحركات المُسلَّحة لوآقِع النزوح الدآخِلى فى دارفور، وإنَّهم يقترِحُونَ حلُول، ولا يسعَونَ لإنهَاءِ النزُوحِ بالجِدِّيةِ فى وقفِ الحرب. ولا يتحدَّثون أبداً لوضعِ حَدٍّ لكارثةِ النزُوح إلَّا كجُزء من عمليةِ وقْفِ الحرب والدخول فى سلامٍ شَامِل. وربَّما قال قائِلٌ أنَّ الحركات المسلحة تتاجِرُ بمَأسَاةِ النازحين فى دارفور، وتضغطُ بها على الحكومة للوُصُولِ معها إلى سَلامٍ لمصلحَتِها وليس لمصلحَةِ النازِحين.
لذلك، من ضِمنِ نِقاطِ ضعْفِ الحركات المسلحة ربطِها مأساةِ النازحين وهى قضِيَّة إنسانِيَّة وعَاجِلة، بقضِيَّتِها السياسية مع حكومة السودان رغم أنَّ مأساةَ النزُوحِ قد تطاوَلَ أمدُهُا فوقَ تصوُّر الجميع. وكلّما إستمَرَّ النازحُون فى معسكراتِ الذُلِّ هذه كلما تفاقمت مأسَاتهم وصعُبَ تدَارُك آثارها، والمسؤولية جمَاعِيَّة بين كُلَّ الأطراف.
. تهْتَمُّ حكومة السودان بوَضعِ حدٍّ لمعسكراتِ النازحين فى دارفور، وتُريدُ إنْهَاءِها بأىِّ شكلٍ لأنَّها سُبَّةٌ فى وَجْهِها، وسببَاً لإتِهَامِها لدى محمكة الجنايات الدولية، لكِنَّها تعجَزُ عن الوُصولِ مُنفرِدَةً إلى حُلُول، وذلك للآتى:
1. الحكومة تُرِيدُ إخلاء وإختِفَاء مُعسكرات النازحين وليس حَلّ مشَاكِلِهم حَلَّاً عادِلاً. كما أنَّها تعملُ لوحْدِها دون إشرَاكِ أطراف الحرب والسلام الآخرين. والنازحون لا يثِقُونَ بالحكومةِ، أليسَتِ الحكومة من ضرَبتهم وقذَفت بِهم إلى هُنَا؟. والحكومة لا تُريدُ إشراك الآخرين من أطرافِ الحرْبِ وشُركاء سلام دارفور، وتُريدُ الحَلَّ بفهْمِها الخَاص رغم فشلِهِ. وهذا النوع من الإصرَارِ على الحَلِّ المُنفرد لن يقنِع النازحِين للتفاعُلِ معها. فلا بُدَّ من إشرَاكِ أطراف الحرب وشُركاء السلام فى حَلِّ أزمَةِ النازحين، يجِبُ إشراك الحركات المسلحة ومجتمع النازحين والمجتمع الدولى بشِقِيِّه الإقليمى والدولى. ولن تنجَح الجهودُ الفرْدِيَّةِ Unilateral efforts.
2. إستمْرَأت حكومة السودان الذهابُ إلى منصَّاتِ العدالة بأيدِى غير نظِيفَة، فكان حصادُها الفشل فى أىِّ عملية تفاوضية مع أىِّ طرفٍ سودانى، لأنَّها تأتى دومَاً مُلوَّثة بسُمُومِ الإمْلِاءِ والرِشَا، والترغِيب والترْهِيب. وظلَّت تطلبُ من النازحين العودة (الطوْعِيَّة) وهى فى الحقيقَةِ تطرَحُهَا (جَبْرِيَّة)، وهى تعلمُ إستِحَالة ذلك لأسبابٍ كثيرة. منها أنَّ النزوحَ ليس سِياحة، بل كارِثة نتجَت عن قتلِ وتهْجِيرِ هؤلاء النازحين من قُرَاهم ومناطِقِهم بوَآسِطة قوات الحكومة، وأنَّ الذين فعلوا بهم ذلك ما زَالُوا هُنَاك يحتَلُّونَ الأرض والمُمْتلكات، مدَجَّجُونَ بسلاحِ الحكومة ويعْمَلُونَ تحت إمْرَتِها. فكيف تطلبُ الحكومة من النازحين العودَة، مَرَّة أخرَى، إلى نفسِ الجَحِيمِ الذى هرَبُوا منها، وهى بعدُ مُشتَعِلَة وتقولُ هل من مَزِيد؟!. فعلى الحكومة أن تكُونَ جَادَّة فى تعَامُلِها مع الأشياء، وأن تزِيلَ عن أعيُنِها غَشَاوةِ الكِبرِ والإفتِرِاء، وإنْكَارِ ضَوءِ الشَمسِ من رَمَدٍ. على الحكومةِ أنْ تأتْ إلى العدَالةِ بأيدٍ نظِيفَة وأنْ تلتزمَ بتوفيرِ ظروفٍ موضُوعِيَّة لآزِمَة لعوْدَةِ النازحين واللاجئين إلى منَاطقِهم. ولن تستطع فعلُ ذلك لوحدِها مهْمَا بذلت من جَهْدٍ.
3. تمْهِيدَاً لحَلِّ مأساةِ النزوح، يجِبُ على الحكومَةِ أنْ تنهى فوراً الظروف التى تولَّدت من الحرب. نقصُدُ مسألة (إحتلالِ) أرضِ دارفور. فأرضُ دارفور يملِكُها مُوَآطِنُوها منذُ أن خلقَ اللهُ الأرضَ، وأرض دارفور أرض ممَالك وسَلطَنات قديمة قِدَمِ كوكب الأرض نفسها وليست مملُوكة للحركَاتِ المُسلَّحة. وليس لكَائِنِ من كان الحَقَّ فى إحداثِ أىِّ تغيير فى صُكوكِ مِلْكِيَّةِ الأرض فى دارفور، ولا فى إحداثِ أىِّ تغيِّير أو تبدِيل "ديمُوغُرافِى" فى تركِيبَةِ سُكَّانِ أرض (سلطنة) دارفور.
هذا، وتعلَمُ حكومة السودان أنَّها لم تدخُل الحرب فى دارفور مع دولة أجنبِيَّة لتحْتَلَّ أرضَها وتأتِ بسُكَّانٍ جُدَد من خارجِ السودان لتوْطِينِهم فيها كما فعلت. الذى حدَثَ فى دارفور حربٌ دَآخِلية بين الحكومة وحركات مُسلَّحة لها مطَالِب مشرُوعة فى قضايا أساسية إعترفت بها الحكومة وظلَّت تُفاوِضُهم فيها سنينَ عدداً. فليس من أسبابِ وأهدافِ الأطراف فى حربِ دارفور إحتِلَالِ أرضِ دارفور البتَّة، أو نزْعِها من سُكَّانِها وجلْبِ سُكَّان أجَانِب (جنجويد) لتوطِينِهم فيها، هذا جُنونٌ مُطْبِق.
لذلك، يجبُ على حكومةِ السودان، وهى الطرفُ الذى خلقَ هذه الظرُوف، إزَالَتِها فورَاً، وتمْهِيدُ الطريق لتسْوِيةِ سِلمِيَّة، لأنَّ نزعَ أرَآضِى دارفور من سُكَّانِها الأصليين وتوطين أجَانِب فيها هى أفعال غير مُتعَلّقَة بموضُوعِ الحَربِ والسِلمِ فى دارفور Not in issue.
ولو أنَّ لحُكومَةِ السودان أجندَة خفِيَّة مع حُلفَاءِها (الجنجويد) وعَدَتهم بتملِيكِهم أرآضِى سُكَّان دارفور الأصلِيِّين بعد الحرب فهى مُخطِئَة لدرجةِ الجنونِ، لأنَّ ذلكَ وَعْدُ من لا يملِك لمن لا يستحِقُّ. ولأنَّ فاقِدُ الشئِّ لا يُعْطِيهِ، ولأنَّ ذلك ممنُوع ومُخالِف لكُلِّ القيم والأعراف والقوانين الدولية. ونقولُ أنَّ الصوابَ لم ولن يُحَالِفْ الذين يعتقِدُونَ بإمكانِيَّةِ أن ينَالُوا شِبْراً من أرضِ دارفور غصْبَاً عن أهلِها، وعليهم الكفَّ فوراً عن هذهِ المُغَامَرَة.
وحكومة السودان لم تدخُل الحرب فى دارفور لنزعِ الأرضِ من سُكَّانِها كما فعَلَ اليهودُ بفلسطين فكوَّنُوا دولة إسرائل. وأهلُ دارفور ليسوا فلسطينيِّن فرَّطُوا فى أرضِهم بالبيعِ لليهود (بنى إسرائيل). ولا الجنجويد قادِمُونَ إلى دارفور من محَارِقِ (هولوكوست) بألمَانيا النَازِيَّة يبحثُونَ عن أرضِ المِيعَادِ وحَائِطِ المَبْكَى فى دارفور، وأورشليم/ القُدس ليس فى دارفور. ودارفور لم ينزِلُ بها دِينٌ من السَمَاءِ، ولم يرسِل اللهُ إليه رُسُل ولا أنبِيَاء. وليس ضمن أوْدِيَة دارفور الوَآدِى المُقدَّسُ طُوَى.
لذلك على حُكومَةِ السودان الكَفَّ عن كُلِّ ذلك، وتمهيدُ الطريق للحَلِّ بعِيدَاً عن سياساتٍ رعْنَاء تعجِّلُ بفناءِها وقيامِ السَاعَة. ولو كانت الحكومة تُريدُ التوبَة فِعْلَاً عن آثامِها والعودَة للإعتِدَالِ والسَوِيَّةِ، ولأجلِ ذلك باعَت حُلفَاءَهَا الإرهابيِّن الإسلاميِّن لأمريكا والغرب مَهْرَاً لتوْبَتِها عن إيوَاءِ ومُمارسَةِ الإرهاب لترفَع عنها أمريكا العقوبات وتحذِفُها من قوَآئِمِ الإرهاب فيجبُ أن تعلمَ حُكومةِ السودان أنَّ لإظهَارِ التوبَةِ وحُسنَ النيَّةِ شِقُّ دآخلى لا يقِلُّ أهمِّية عن الخارجى المُتمَثِّلِ فى تسليمِ الرِفاقِ الإرهابيِّين وملفَاتِهم لأمريكا والغرب، والمُساهمةِ فى مكافَحَةِ (تجارة البشر) بتهرِيبِ الأحْبَاش إلى أوربا عبر السودان والصحراء الكبرى إلى ليبيا ليقطعوا البحر الأبيض المتوسط إلى أوربا. وأن تتذكَّرَ الحكومة أنَّ أهمَّ شروط إلغاءِ العقوباتِ الإقتصادية وحذفِ إسم السودان من قائمةِ الدولِ الرآعيةِ للإرهاب، هى وقف حروب التطهير العرقى الدَآخِليَّة فى دارفور وبقية هوامشِ السودان، واتاحة مناخ دآخلى صآلِح لمُمارَسَةِ عمَلٍ سياسى وإجتماعى وثقافى يلِيقُ بالشعبِ السودانى الحُرِّ، وحَقِّهِ فى حيَاةٍ ديمقراطية وكريمة، بلا إمْلَاء أو قيُود.
ويجِبُ ان يسبُقَ ذلك إنهاء مأساة النزوح واللجوء فى دارفور لإثباتِ حُسنِ النِيَّة وتمْهِيدَاً للسلامِ والتطبِيع. والحكومة كذلك مأمُورَة بوَقفِ القتلِ والدَمَارِ والتشريد فى جبالِ النُوبة والنيلِ الأزرق، والكَفِّ عن التورُّطِ فى الأعمَالِ الهَدَّامة فى دُولِ الجِوار خاصَّة جنوب السودان وليبيا. فمتى تكُفُّ حكومةُ السودان عن الشرِّ؟.
. والحركات المسلحة لم تطرح حَلَّاً مُنفَصِلاً لمأسَاةِ النازحين، بل تطرحُه كملف إنسانِى ضمن حِزمَة شَامِلة لقضَاياها السياسية والإقتصادية والعسكرية. ويُعابُ عليها إستخدام مأساة النازحين فى سِيَاقِ الغيظِ السياسى للحكومة. كأنَّ الذين يعانونَ فى تلكِ المعسكرات ليسُوا أهلهم. يجبُ أن يُساهِمَ الجميع فى حَلِّ مأساة النازِحين كقضيَّة إنسانية طارِئة وعَاجِلة، ومُنفَصِلة.
. وعلى النازحين التعامل مع حَلِّ مِحنَتِهم هذه بعيداً عن أجِندَةِ ومصَالِحِ أطراف الحرب. وأن يُأكِّدُوا على أهْلِيَّتِهم Capability وأحَقْيَّتِهم وَحْدَهم فى تحقيقِ الحَلِّ، وتبليغِ أطرافِ الحرب بحِيَادِهم التَامِّ. وحقيقَة الأمر أنَّ القِتالَ فى حربِ دارفور قد خَفَّ وَتِيْرَتهُ وبقِيت آثارُه السَالِبة، وأهمَّها: الأمن وإحتلال الأرض والنازحين.
. لأجلِ (تفكِيكِ) مُعسكراتِ النازحين قامت حكومة السودان بمسَاعِى لجمْعِ مَوَآرِدَ مالية من جامعةِ الدُوَلِ العربية عبر دولة (قَطَر) لإقامةِ مشروعات تنمِية لجِهَةِ عودة النازحين إلى مناطِقِهم فى عمليةٍ عُرفت بمشرُوعِ (العودَةِ الطوْعِيَّةِ)، وباءَت بالفشَلِ لأنَّها تأتى ضمن حُلول الطرف الوآحِد الذى يخشَاهُ النازِحونَ، فهم يعرِفُون عدُوِّهم جَيِّدَاً كما يعرِفونَ مأسَاتهم اليومِيَّة، والتحدِّيات التى تُوَآجِهُهم.
. اللاجِئين: ونقصدُ هُنَا ضحايا حرب دارفور الذين تمكَّنُوا من عُبورِ الحُدود إلى مَلآذاتٍ آمنة فى دُوَلِ الجوار. والشبابُ الذين نجَحُوا فى عُبُورِ المحيطاتِ إلى قارَّاتٍ أخرَى وبِدَأوا فيها صفحة جديدة من حَيَاتِهم، ويُوآصِلونَ فيها التعبيرَ عن قضِيَّةِ الحربِ والسلامِ فى دارفور. ويتظَاهَرُونَ لإظْهَارِها، ويكتِبُونَ المقَالات فى الأسافير لتحليل الأجندةِ السياسية والإنسانية والدولية لأطرآفِها والشركاء. وبإعتبارِهم نَاجِين من حربِ تطهير عِرِقِى Genocide survivors سَاهمُوا فى كشفِ خبايا حربِ الإبادة والتطهيرِ العِرقى فى دارفور، وكيفَ كانَ قرار طرد منظمات الإغاثة الأنسانية من دارفور مارس 2009م سببَاً فى خَنْقِ النازحين فى معسكراتِ موتٍ جمَاعى.
والحركات المُسلحة تستفيدُ من لآجِئى دارفور Diasporaفى مكاتبِها الخارجية ويقومُونَ بعملٍ كبير لمصلَحةِ قضية دارفور وعمومِ الهَامِش. ولكن ثمَّة غموضٍ يكتنِفُ العلاقة بين اللاجئيِّن والنازحين دآخِليَّاً فى إقليمِ دارفور، وهل إختلاف المعاناة والإهتمامات والظروف المُحِيطَة سَاهَمَت فى تبايُنِ رُؤاهُم؟.
. كيف ينظرُ المجتمعُ الدَوْلِى لمأساةِ النزوح فى دارفور؟
بالنسبةِ للآجِئِىِّ دارفور، كان دورُ المجتمع الدولى وآضحاً فى إيواءِهم ومنْحِهِم الإيواءَ والأمن، وحقوق مدنية تكْفُلُ لهم العيشُ الكريم فى دولِ اللُجُوءِ.
وبالنسبة لمأساةِ النازِحِين دَآخِليَاً فى دارفور، ينظرُ المُجتمعُ الدولى لهذه الأزمة من الناحِيةِ الإنسانية البَحْتَة بصرفِ النظر عن أسبابِ الحربِ بين أطرافه. لذلك كانَ مدخلَه كشريك فى العملِيَّةِ السلمية لحلِّ مُشكِلةِ دارفور إنسَانِى يهتَمُّ بتحسينِ ظروفِ الحياة فى مُعسكراتِ النازحين. شرَاكته فى رِعايةِ العملِيَّةِ السِلمية تهدفُ، فى المقامِ الأولِ، إلى إنهَاءِ الوضعِ الإنسانى البائِس.
وتأثَّر فاعلية دورُ المجتمع الدول فى قضِيّةِ دارفور بموَآقِف أطراف الحرب من المأساةِ الإنسانية، وخاصَّة سلبِيَّةِ حكومة السودان فى التعَامُلِ مع الوَآقِعِ العصِيب للنازِحين وطرْدِها لمُنظَّمَاتِ الإغاثة الدولية فى مارس2009م وما ترتَّبَ على تلكِ الحَمَاقة.
والحركات المُسلَّحة لا تُحرِّكُ ساكِنا فى معانَاةِ أهلِهم النازحين فى معسكرَاتِ الموْتِ الجمَاعى وهى تتفَاقمُ سُوُءً كُلّ لحظَة. ولا تحفلُ بمنَاظر(بالُونَاتِ)الموتِ البلاستيكية وهى تُغرِقُ شباب دارفور فى البحرِ المتوسِّطِ. وإزاء ذلك لا يجِدُ قادَة الحركات المسلحة غير القول؛ لو أنَّهم إلتحَقُوا بالقتالِ فى صفُوفِ الحركات المُسلحة كانَ خيرَاً لهم من الذهابِ والمَوتِ فى بِيِدِ الصَحَارِى وغَيَابَاتِ البِحَارِ. فيرُدُّ عليهم اللاجئونَ بقَولِهم؛ أنَّ قادَة الحركات المسلحة الذين لا يُقدِّمُونَ حُلُولاً للأزمَةِ الأنسانية لضحايا الحرب هُمْ أنفسهم غادَرُوا دارفور بَاكِرَاً ومعَهم أسَرهم وأهلِهم وتخَيَّرُوا العيش فى مَلاذاتٍ آمِنة فى أوربا وأمريكا وكندا، فلا تنهُوا عن خُلُقٍ وتأتوا بمثله!.
هكذا ينظرُ أطرَافُ الحرب فى دارفور إلى مِحَنِ ضحايا الحرب، نازِحين ولآجِئين.
(وإلى جُزءٍ سادسٍ وأخير، نقدِّمُ فيه أفكَارَاً، ونقتَرِحُ حُلُول).
عبد العزيز عثمان سام


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.