مليشيا محمد حلفا!!    الأمل يدشن الإعداد تحت إشراف منعم تيه وأبوبكر شريف    القوز يتوج بطلاً للسوبر بعد فوزه على اتحاد الشرطة بثنائية مثيرة بأبوحمد    شاهد بالصورة والفيديو.. تحت حراسة أمنية مشددة.. ظهور الرئيس السابق "البشير" وهو يتمشى في الشارع العام ويتفقد المناطق المتضررة من السيول والفيضانات بمقر إقامته بمروي.. تعرف على الحقيقة والتفاصيل كاملة    القنصلية السودانية بأسوان تحتفل بأولى الشهادة السودانية    ترامب يتوعد: سنقضي على حماس إن انتهكت اتفاق غزة    ( "لينتي" كفكفت من عيني دمعات الليالي وجدتُ نفسي غارقا في الحب عاشقاً، محباً ومُريدا).. شاهد ماذا كتب العريس أحمد العربي لزوجته لينا يعقوب في أول يوم لهما بعد نهاية حفل زواجهما الأسطوري    القضارف.. توجيه رئاسي بفك صادر الذرة    المريخ يرحب بإقامة قمة في بنغازي تكريما للجمهور السوداني    جبريل ابراهيم يلتقي نائب رئيس الوزراء الروسي    شاهد بالفيديو.. الفنانة السعودية زينة عماد: (أحييت حفل في الخرطوم حضره 5 ألف شخص وأحدهم قال لي أنك سودانية وهذا إطراء حلو)    شاهد بالصورة.. حسناء الشاشة السودانية تخطف الأضواء وتسحب البساط من الجميع في حفل زواج "أحمد ولينا"    شاهد بالصورة والفيديو.. أثناء جلسة إعلان ثياب سودانية.. مصور يشبه عارضات أزياء حسناوات بكلاب "الليدو" وإحداهن تنفجر في الضحكات وترد عليه: (قل هو الله أحد)    أسطورة ليفربول مهاجماً صلاح: يجب رميه في الدكة    في الثالثة صباحًا.. الجيش السوداني يعلن إحباط محاولة تسلّل    مدير شرطة اقليم الأزرق يثمن جهود إدارة المباحث الجنائية المركزية بالاقليم في كشف غموض العديد من الجرائم    رسميًأ..شركة طيران تعلن استئناف رحلاتها من مطار الخرطوم    مصرع أمير قبلي بغارة جويّة في السودان    ترامب: وقف إطلاق النار في غزة ما زال قائما    المباحث الجنائية المركزية بولاية نهر النيل تنهي مغامرات شبكة إجرامية متخصصة في تزوير الأختام والمستندات الرسمية    بعضهم يعتقد أن الجيش يقصف بالمنجنيق    الرؤية الاستثمارية الاستراتيجية: تحول الاتحاد إلى مؤسسة رياضية اقتصادية متكاملة    شرطة ولاية نهر النيل تضبط عدد( 74) جوال نحاس بعطبرة وتوقف المتورطين    أسعار الذهب إلى أين؟    بعد 6 أسابيع.. ديمبلي يخفف أزمة إنريكي    الشمالية تدشن قافلة لإعمار الخرطوم    مباحث ولاية نهر النيل تنهي مغامرات شبكة إجرامية متخصصة في تزوير الأختام والمستندات الرسمية    مباحث ولاية نهر النيل تنهي مغامرات شبكة إجرامية متخصصة في تزوير الأختام والمستندات الرسمية    بعد أدائه القسم في «الشيوخ».. ياسر جلال يستعين ب مشهد كوميدي ل «مرجان أحمد مرجان»    حسين خوجلي يكتب: التنقيب عن المدهشات في أزمنة الرتابة    عرض قدمه بوتين لترامب.. "إنهاء حرب أوكرانيا مقابل هذا الطلب"    ميسي يسجل هاتريك ويتوج ب"الحذاء الذهبي"    جواز السفر لم يعد حلما.. أميركيون يتخلون عن جنسيتهم    وزير الخارجية المصري: ننسق مع السعودية لإنهاء الحرب في السودان بسرعة    حكومة الجزيرة تدعم مركز القلب بمدني بمولد كهربائي 550 KV    الرئيس التركي: الصراع في السودان"يؤلمنا بشدّة"    القبض على الفنانة عشة الجبل    الذهب السوداني.. لوبيات تتحكم وسلطة خانعة    محافظ بنك السودان المركزي تلتقي مديري عموم المصارف وتؤكد على الإصلاح المؤسسي واستقرار النظام المصرفي    تطوّرات مثيرة في جوبا بشأن"رياك مشار"    إيقاف جميع التعاملات النقدية في ولاية سودانية    هل يصل الذهب إلى 100 ألف دولار؟    شريف الفحيل: تهديد جمال فرفور سبب مغادرتي السودان وتقديمي اللجوء في كندا    رحيل علي «كايرو».. نهاية حكاية فنان أثار الجدل وكسب القلوب    محل اتهام!!    بنك الخرطوم يعيد تشغيل فرع الكلاكلة: إيذانًا بعودة الحياة الاقتصادية    وفاة صحفي سوداني    هكذا جرت أكاذيب رئيس الوزراء!    جريمة اغتصاب "طفلة" تهز "الأبيض"    دراسة تربط مياه العبوات البلاستيكية بزيادة خطر السرطان    والي البحر الأحمر ووزير الصحة يتفقدان مستشفى إيلا لعلاج أمراض القلب والقسطرة    شكوك حول استخدام مواد كيميائية في هجوم بمسيّرات على مناطق مدنية بالفاشر    وزير الصحة يشارك في تدشين الإطار الإقليمي للقضاء على التهاب السحايا بحلول عام 2030    عملية أمنية محكمة في السودان تسفر عن ضبطية خطيرة    السجائر الإلكترونية قد تزيد خطر الإصابة بالسكري    الاقصاء: آفة العقل السياسي السوداني    ضياء الدين بلال يكتب: (معليش.. اكتشاف متأخر)!    وصية النبي عند خسوف القمر.. اتبع سنة سيدنا المصطفى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كيف ينظرُ أطرافُ النِزَاع فى دارفور لمَأسَاةِ النازِحِينَ واللآجِئيِّن (5)
نشر في الراكوبة يوم 29 - 07 - 2017

نقصدُ بأطرافِ النزاع فى دارفور، حكومة السودان والحركات المُسلحة. وسنتطرَّقُ أيضاً لنَظرةِ المجتمع الدولى وخاصَّة الغربى للأزمةِ الإنسانية فى دارفور.
. حكومة السودان تنظرُ لمِحنَةِ النازحين دآخِلياً بإهتمام، وفى حَالةِ توَجُّسٍ دَآئمٍ منها. تنظر الحكومة إلى النازحين نظرَة المُجرِم لآثارِ جريمتهِ التى إرتكبها، ورغبة فى إخفَاءِها، ولذلك تسعى جاهِدةً للتخلُّصِ منها بكُلِّ السُبُلِ. ولكنَّها تتعامَلُ معها بلا رغبة جادَّة، تتعامل معها بسياسَةِ رِزق اليوم باليومِ، لأنَّها تنظرُ إلى هذا وآقِع الخطير والتحدِّى الكبير"بسُوءِ نِيَّة" بمعناَها القانونى بقصدِ تحقيقِ كسب غير مشروع للنفسِ، أو تسبِيب خسارة غير مشروعة للغير، النازحين أنفسهم أو أطراف النِزَاع، وهو منهجٌ ثبتَ عدم جدْوَاه.
. وبالمقابل، ينظرُ قادَةُ الحركات المُسلَّحة الطرف الآخر للحربِ فى دارفور إلى مأساةِ النازحينَ فى دارفور على أنَّها دليل إدَانة ضدّ حُكومَةِ السودان فى الإنتهاكات التى إرتكبتها وأدَّت إلى إتهَامِها بالتطهيرِ العِرقِى والإبادَةِ الجمَاعِيَّةِ أمام المحكمة الجنائية الدولية. والحركات لا تُحَمِّلُ نفسها أدْنَى مسؤولية تجاه النزوح الدَآخِلى واللجُوء!. وقد ثبتَ عدم جدْوَى نظرة الحركات المُسلَّحة لوآقِع النزوح الدآخِلى فى دارفور، وإنَّهم يقترِحُونَ حلُول، ولا يسعَونَ لإنهَاءِ النزُوحِ بالجِدِّيةِ فى وقفِ الحرب. ولا يتحدَّثون أبداً لوضعِ حَدٍّ لكارثةِ النزُوح إلَّا كجُزء من عمليةِ وقْفِ الحرب والدخول فى سلامٍ شَامِل. وربَّما قال قائِلٌ أنَّ الحركات المسلحة تتاجِرُ بمَأسَاةِ النازحين فى دارفور، وتضغطُ بها على الحكومة للوُصُولِ معها إلى سَلامٍ لمصلحَتِها وليس لمصلحَةِ النازِحين.
لذلك، من ضِمنِ نِقاطِ ضعْفِ الحركات المسلحة ربطِها مأساةِ النازحين وهى قضِيَّة إنسانِيَّة وعَاجِلة، بقضِيَّتِها السياسية مع حكومة السودان رغم أنَّ مأساةَ النزُوحِ قد تطاوَلَ أمدُهُا فوقَ تصوُّر الجميع. وكلّما إستمَرَّ النازحُون فى معسكراتِ الذُلِّ هذه كلما تفاقمت مأسَاتهم وصعُبَ تدَارُك آثارها، والمسؤولية جمَاعِيَّة بين كُلَّ الأطراف.
. تهْتَمُّ حكومة السودان بوَضعِ حدٍّ لمعسكراتِ النازحين فى دارفور، وتُريدُ إنْهَاءِها بأىِّ شكلٍ لأنَّها سُبَّةٌ فى وَجْهِها، وسببَاً لإتِهَامِها لدى محمكة الجنايات الدولية، لكِنَّها تعجَزُ عن الوُصولِ مُنفرِدَةً إلى حُلُول، وذلك للآتى:
1. الحكومة تُرِيدُ إخلاء وإختِفَاء مُعسكرات النازحين وليس حَلّ مشَاكِلِهم حَلَّاً عادِلاً. كما أنَّها تعملُ لوحْدِها دون إشرَاكِ أطراف الحرب والسلام الآخرين. والنازحون لا يثِقُونَ بالحكومةِ، أليسَتِ الحكومة من ضرَبتهم وقذَفت بِهم إلى هُنَا؟. والحكومة لا تُريدُ إشراك الآخرين من أطرافِ الحرْبِ وشُركاء سلام دارفور، وتُريدُ الحَلَّ بفهْمِها الخَاص رغم فشلِهِ. وهذا النوع من الإصرَارِ على الحَلِّ المُنفرد لن يقنِع النازحِين للتفاعُلِ معها. فلا بُدَّ من إشرَاكِ أطراف الحرب وشُركاء السلام فى حَلِّ أزمَةِ النازحين، يجِبُ إشراك الحركات المسلحة ومجتمع النازحين والمجتمع الدولى بشِقِيِّه الإقليمى والدولى. ولن تنجَح الجهودُ الفرْدِيَّةِ Unilateral efforts.
2. إستمْرَأت حكومة السودان الذهابُ إلى منصَّاتِ العدالة بأيدِى غير نظِيفَة، فكان حصادُها الفشل فى أىِّ عملية تفاوضية مع أىِّ طرفٍ سودانى، لأنَّها تأتى دومَاً مُلوَّثة بسُمُومِ الإمْلِاءِ والرِشَا، والترغِيب والترْهِيب. وظلَّت تطلبُ من النازحين العودة (الطوْعِيَّة) وهى فى الحقيقَةِ تطرَحُهَا (جَبْرِيَّة)، وهى تعلمُ إستِحَالة ذلك لأسبابٍ كثيرة. منها أنَّ النزوحَ ليس سِياحة، بل كارِثة نتجَت عن قتلِ وتهْجِيرِ هؤلاء النازحين من قُرَاهم ومناطِقِهم بوَآسِطة قوات الحكومة، وأنَّ الذين فعلوا بهم ذلك ما زَالُوا هُنَاك يحتَلُّونَ الأرض والمُمْتلكات، مدَجَّجُونَ بسلاحِ الحكومة ويعْمَلُونَ تحت إمْرَتِها. فكيف تطلبُ الحكومة من النازحين العودَة، مَرَّة أخرَى، إلى نفسِ الجَحِيمِ الذى هرَبُوا منها، وهى بعدُ مُشتَعِلَة وتقولُ هل من مَزِيد؟!. فعلى الحكومة أن تكُونَ جَادَّة فى تعَامُلِها مع الأشياء، وأن تزِيلَ عن أعيُنِها غَشَاوةِ الكِبرِ والإفتِرِاء، وإنْكَارِ ضَوءِ الشَمسِ من رَمَدٍ. على الحكومةِ أنْ تأتْ إلى العدَالةِ بأيدٍ نظِيفَة وأنْ تلتزمَ بتوفيرِ ظروفٍ موضُوعِيَّة لآزِمَة لعوْدَةِ النازحين واللاجئين إلى منَاطقِهم. ولن تستطع فعلُ ذلك لوحدِها مهْمَا بذلت من جَهْدٍ.
3. تمْهِيدَاً لحَلِّ مأساةِ النزوح، يجِبُ على الحكومَةِ أنْ تنهى فوراً الظروف التى تولَّدت من الحرب. نقصُدُ مسألة (إحتلالِ) أرضِ دارفور. فأرضُ دارفور يملِكُها مُوَآطِنُوها منذُ أن خلقَ اللهُ الأرضَ، وأرض دارفور أرض ممَالك وسَلطَنات قديمة قِدَمِ كوكب الأرض نفسها وليست مملُوكة للحركَاتِ المُسلَّحة. وليس لكَائِنِ من كان الحَقَّ فى إحداثِ أىِّ تغيير فى صُكوكِ مِلْكِيَّةِ الأرض فى دارفور، ولا فى إحداثِ أىِّ تغيِّير أو تبدِيل "ديمُوغُرافِى" فى تركِيبَةِ سُكَّانِ أرض (سلطنة) دارفور.
هذا، وتعلَمُ حكومة السودان أنَّها لم تدخُل الحرب فى دارفور مع دولة أجنبِيَّة لتحْتَلَّ أرضَها وتأتِ بسُكَّانٍ جُدَد من خارجِ السودان لتوْطِينِهم فيها كما فعلت. الذى حدَثَ فى دارفور حربٌ دَآخِلية بين الحكومة وحركات مُسلَّحة لها مطَالِب مشرُوعة فى قضايا أساسية إعترفت بها الحكومة وظلَّت تُفاوِضُهم فيها سنينَ عدداً. فليس من أسبابِ وأهدافِ الأطراف فى حربِ دارفور إحتِلَالِ أرضِ دارفور البتَّة، أو نزْعِها من سُكَّانِها وجلْبِ سُكَّان أجَانِب (جنجويد) لتوطِينِهم فيها، هذا جُنونٌ مُطْبِق.
لذلك، يجبُ على حكومةِ السودان، وهى الطرفُ الذى خلقَ هذه الظرُوف، إزَالَتِها فورَاً، وتمْهِيدُ الطريق لتسْوِيةِ سِلمِيَّة، لأنَّ نزعَ أرَآضِى دارفور من سُكَّانِها الأصليين وتوطين أجَانِب فيها هى أفعال غير مُتعَلّقَة بموضُوعِ الحَربِ والسِلمِ فى دارفور Not in issue.
ولو أنَّ لحُكومَةِ السودان أجندَة خفِيَّة مع حُلفَاءِها (الجنجويد) وعَدَتهم بتملِيكِهم أرآضِى سُكَّان دارفور الأصلِيِّين بعد الحرب فهى مُخطِئَة لدرجةِ الجنونِ، لأنَّ ذلكَ وَعْدُ من لا يملِك لمن لا يستحِقُّ. ولأنَّ فاقِدُ الشئِّ لا يُعْطِيهِ، ولأنَّ ذلك ممنُوع ومُخالِف لكُلِّ القيم والأعراف والقوانين الدولية. ونقولُ أنَّ الصوابَ لم ولن يُحَالِفْ الذين يعتقِدُونَ بإمكانِيَّةِ أن ينَالُوا شِبْراً من أرضِ دارفور غصْبَاً عن أهلِها، وعليهم الكفَّ فوراً عن هذهِ المُغَامَرَة.
وحكومة السودان لم تدخُل الحرب فى دارفور لنزعِ الأرضِ من سُكَّانِها كما فعَلَ اليهودُ بفلسطين فكوَّنُوا دولة إسرائل. وأهلُ دارفور ليسوا فلسطينيِّن فرَّطُوا فى أرضِهم بالبيعِ لليهود (بنى إسرائيل). ولا الجنجويد قادِمُونَ إلى دارفور من محَارِقِ (هولوكوست) بألمَانيا النَازِيَّة يبحثُونَ عن أرضِ المِيعَادِ وحَائِطِ المَبْكَى فى دارفور، وأورشليم/ القُدس ليس فى دارفور. ودارفور لم ينزِلُ بها دِينٌ من السَمَاءِ، ولم يرسِل اللهُ إليه رُسُل ولا أنبِيَاء. وليس ضمن أوْدِيَة دارفور الوَآدِى المُقدَّسُ طُوَى.
لذلك على حُكومَةِ السودان الكَفَّ عن كُلِّ ذلك، وتمهيدُ الطريق للحَلِّ بعِيدَاً عن سياساتٍ رعْنَاء تعجِّلُ بفناءِها وقيامِ السَاعَة. ولو كانت الحكومة تُريدُ التوبَة فِعْلَاً عن آثامِها والعودَة للإعتِدَالِ والسَوِيَّةِ، ولأجلِ ذلك باعَت حُلفَاءَهَا الإرهابيِّن الإسلاميِّن لأمريكا والغرب مَهْرَاً لتوْبَتِها عن إيوَاءِ ومُمارسَةِ الإرهاب لترفَع عنها أمريكا العقوبات وتحذِفُها من قوَآئِمِ الإرهاب فيجبُ أن تعلمَ حُكومةِ السودان أنَّ لإظهَارِ التوبَةِ وحُسنَ النيَّةِ شِقُّ دآخلى لا يقِلُّ أهمِّية عن الخارجى المُتمَثِّلِ فى تسليمِ الرِفاقِ الإرهابيِّين وملفَاتِهم لأمريكا والغرب، والمُساهمةِ فى مكافَحَةِ (تجارة البشر) بتهرِيبِ الأحْبَاش إلى أوربا عبر السودان والصحراء الكبرى إلى ليبيا ليقطعوا البحر الأبيض المتوسط إلى أوربا. وأن تتذكَّرَ الحكومة أنَّ أهمَّ شروط إلغاءِ العقوباتِ الإقتصادية وحذفِ إسم السودان من قائمةِ الدولِ الرآعيةِ للإرهاب، هى وقف حروب التطهير العرقى الدَآخِليَّة فى دارفور وبقية هوامشِ السودان، واتاحة مناخ دآخلى صآلِح لمُمارَسَةِ عمَلٍ سياسى وإجتماعى وثقافى يلِيقُ بالشعبِ السودانى الحُرِّ، وحَقِّهِ فى حيَاةٍ ديمقراطية وكريمة، بلا إمْلَاء أو قيُود.
ويجِبُ ان يسبُقَ ذلك إنهاء مأساة النزوح واللجوء فى دارفور لإثباتِ حُسنِ النِيَّة وتمْهِيدَاً للسلامِ والتطبِيع. والحكومة كذلك مأمُورَة بوَقفِ القتلِ والدَمَارِ والتشريد فى جبالِ النُوبة والنيلِ الأزرق، والكَفِّ عن التورُّطِ فى الأعمَالِ الهَدَّامة فى دُولِ الجِوار خاصَّة جنوب السودان وليبيا. فمتى تكُفُّ حكومةُ السودان عن الشرِّ؟.
. والحركات المسلحة لم تطرح حَلَّاً مُنفَصِلاً لمأسَاةِ النازحين، بل تطرحُه كملف إنسانِى ضمن حِزمَة شَامِلة لقضَاياها السياسية والإقتصادية والعسكرية. ويُعابُ عليها إستخدام مأساة النازحين فى سِيَاقِ الغيظِ السياسى للحكومة. كأنَّ الذين يعانونَ فى تلكِ المعسكرات ليسُوا أهلهم. يجبُ أن يُساهِمَ الجميع فى حَلِّ مأساة النازِحين كقضيَّة إنسانية طارِئة وعَاجِلة، ومُنفَصِلة.
. وعلى النازحين التعامل مع حَلِّ مِحنَتِهم هذه بعيداً عن أجِندَةِ ومصَالِحِ أطراف الحرب. وأن يُأكِّدُوا على أهْلِيَّتِهم Capability وأحَقْيَّتِهم وَحْدَهم فى تحقيقِ الحَلِّ، وتبليغِ أطرافِ الحرب بحِيَادِهم التَامِّ. وحقيقَة الأمر أنَّ القِتالَ فى حربِ دارفور قد خَفَّ وَتِيْرَتهُ وبقِيت آثارُه السَالِبة، وأهمَّها: الأمن وإحتلال الأرض والنازحين.
. لأجلِ (تفكِيكِ) مُعسكراتِ النازحين قامت حكومة السودان بمسَاعِى لجمْعِ مَوَآرِدَ مالية من جامعةِ الدُوَلِ العربية عبر دولة (قَطَر) لإقامةِ مشروعات تنمِية لجِهَةِ عودة النازحين إلى مناطِقِهم فى عمليةٍ عُرفت بمشرُوعِ (العودَةِ الطوْعِيَّةِ)، وباءَت بالفشَلِ لأنَّها تأتى ضمن حُلول الطرف الوآحِد الذى يخشَاهُ النازِحونَ، فهم يعرِفُون عدُوِّهم جَيِّدَاً كما يعرِفونَ مأسَاتهم اليومِيَّة، والتحدِّيات التى تُوَآجِهُهم.
. اللاجِئين: ونقصدُ هُنَا ضحايا حرب دارفور الذين تمكَّنُوا من عُبورِ الحُدود إلى مَلآذاتٍ آمنة فى دُوَلِ الجوار. والشبابُ الذين نجَحُوا فى عُبُورِ المحيطاتِ إلى قارَّاتٍ أخرَى وبِدَأوا فيها صفحة جديدة من حَيَاتِهم، ويُوآصِلونَ فيها التعبيرَ عن قضِيَّةِ الحربِ والسلامِ فى دارفور. ويتظَاهَرُونَ لإظْهَارِها، ويكتِبُونَ المقَالات فى الأسافير لتحليل الأجندةِ السياسية والإنسانية والدولية لأطرآفِها والشركاء. وبإعتبارِهم نَاجِين من حربِ تطهير عِرِقِى Genocide survivors سَاهمُوا فى كشفِ خبايا حربِ الإبادة والتطهيرِ العِرقى فى دارفور، وكيفَ كانَ قرار طرد منظمات الإغاثة الأنسانية من دارفور مارس 2009م سببَاً فى خَنْقِ النازحين فى معسكراتِ موتٍ جمَاعى.
والحركات المُسلحة تستفيدُ من لآجِئى دارفور Diasporaفى مكاتبِها الخارجية ويقومُونَ بعملٍ كبير لمصلَحةِ قضية دارفور وعمومِ الهَامِش. ولكن ثمَّة غموضٍ يكتنِفُ العلاقة بين اللاجئيِّن والنازحين دآخِليَّاً فى إقليمِ دارفور، وهل إختلاف المعاناة والإهتمامات والظروف المُحِيطَة سَاهَمَت فى تبايُنِ رُؤاهُم؟.
. كيف ينظرُ المجتمعُ الدَوْلِى لمأساةِ النزوح فى دارفور؟
بالنسبةِ للآجِئِىِّ دارفور، كان دورُ المجتمع الدولى وآضحاً فى إيواءِهم ومنْحِهِم الإيواءَ والأمن، وحقوق مدنية تكْفُلُ لهم العيشُ الكريم فى دولِ اللُجُوءِ.
وبالنسبة لمأساةِ النازِحِين دَآخِليَاً فى دارفور، ينظرُ المُجتمعُ الدولى لهذه الأزمة من الناحِيةِ الإنسانية البَحْتَة بصرفِ النظر عن أسبابِ الحربِ بين أطرافه. لذلك كانَ مدخلَه كشريك فى العملِيَّةِ السلمية لحلِّ مُشكِلةِ دارفور إنسَانِى يهتَمُّ بتحسينِ ظروفِ الحياة فى مُعسكراتِ النازحين. شرَاكته فى رِعايةِ العملِيَّةِ السِلمية تهدفُ، فى المقامِ الأولِ، إلى إنهَاءِ الوضعِ الإنسانى البائِس.
وتأثَّر فاعلية دورُ المجتمع الدول فى قضِيّةِ دارفور بموَآقِف أطراف الحرب من المأساةِ الإنسانية، وخاصَّة سلبِيَّةِ حكومة السودان فى التعَامُلِ مع الوَآقِعِ العصِيب للنازِحين وطرْدِها لمُنظَّمَاتِ الإغاثة الدولية فى مارس2009م وما ترتَّبَ على تلكِ الحَمَاقة.
والحركات المُسلَّحة لا تُحرِّكُ ساكِنا فى معانَاةِ أهلِهم النازحين فى معسكرَاتِ الموْتِ الجمَاعى وهى تتفَاقمُ سُوُءً كُلّ لحظَة. ولا تحفلُ بمنَاظر(بالُونَاتِ)الموتِ البلاستيكية وهى تُغرِقُ شباب دارفور فى البحرِ المتوسِّطِ. وإزاء ذلك لا يجِدُ قادَة الحركات المسلحة غير القول؛ لو أنَّهم إلتحَقُوا بالقتالِ فى صفُوفِ الحركات المُسلحة كانَ خيرَاً لهم من الذهابِ والمَوتِ فى بِيِدِ الصَحَارِى وغَيَابَاتِ البِحَارِ. فيرُدُّ عليهم اللاجئونَ بقَولِهم؛ أنَّ قادَة الحركات المسلحة الذين لا يُقدِّمُونَ حُلُولاً للأزمَةِ الأنسانية لضحايا الحرب هُمْ أنفسهم غادَرُوا دارفور بَاكِرَاً ومعَهم أسَرهم وأهلِهم وتخَيَّرُوا العيش فى مَلاذاتٍ آمِنة فى أوربا وأمريكا وكندا، فلا تنهُوا عن خُلُقٍ وتأتوا بمثله!.
هكذا ينظرُ أطرَافُ الحرب فى دارفور إلى مِحَنِ ضحايا الحرب، نازِحين ولآجِئين.
(وإلى جُزءٍ سادسٍ وأخير، نقدِّمُ فيه أفكَارَاً، ونقتَرِحُ حُلُول).
عبد العزيز عثمان سام


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.