إسماعيل البشارى زين العابدين حسين مع تطور العلم قد يصل الطبيب لموضع الداء ويحدد الدواء ولكن لابد من مساعده يقوم بها المريض لطبيبه بتقبل الدواء والحفاظ على جرعاته وإفادة الطبيب بما يحس به من تحسن أو تغيير حتى يصل لمرحلة الشفاء !! وكل الشعوب فى الأرض أو جلها تتعامل مع تاريخها بذات الأسلوب حتى تستفيد من أخطاء ماضيها !! وللأسف إلا نحن فى السودان فقد نكون ورثنا من العروبه حب الفخر والإعتزاز بالأجداد مهما كانت مكانتهم !! ففى دوله من دول أوربا يقول رئيس وزراء سابق أن جده كان قاطع طريق وأن جدته كانت سارقة ملابس وحوكموا بذلك !! وشعبه لم يحاكمه بتلك التى إقترفها أجداده بل أكبر فيه الصراحة والوضوح !! ولكنا عكس ذلك نجعل من الجرذ فيلا ونضخم أجدادنا مهما كانوا !! وتلك مصيبه جرتنا لتزييف تاريخنا وطمس معالمه . ففينا من يكابر ويدعى بطولات زائفه لأجداده ومن يبرر أعمال كان يجب ألا يقوموا بها وهكذا !! فكل الذين يكتبون ولو القليل عن تاريخ السودان يتناولونه من وجهة نظر الأجداد أو يجعلون من بعض المؤرخين الأجانب (كسلاطين) باشا مثلا مراجع (كالكتاب والسنه) لايأتيهما الباطل .وينسون عن عمد مايحمله هذا المستعمر من أحقاد ومرارات كسلاطين هذا مثلا !!ولدينا إسماعيل عبد القادر الكردفانى لم يأت على ذكره إلا القليل !!وغيره من من يمكن الرجوع إليهم للمقارنه مثلا . ولم يكلف البعض نفسه عناء البحث ووضع جده فى موضع المتهم والعكس حتى يتبين له الحق !! وتاريخ السودان منذ التركيه وحتى اليوم لايمكن لباحث أن يتخطى تاريخ المهديه !! فقد أصبحت المهديه رقما لايمكن تجاوزه وقد يقول قائل من المهديه يبدأ تاريخ السودان الحالى .وهنا أود التذكير بأن كاتب هذه السطور لم يكن أجداده من أنصار الثوره المهديه . ولنبدأ بالتركيه حيث تقدم جيش محمد على باشا نحو السودان طلبا للمال والعبيد , فقد تصدى له الشايقيه وقاوموا تقدمه ولكن كان النصر حليف المستعمر ولم يجد الشايقيه أى دعم أو مسانده من تلك القبائل التى كانت تجاورهم , مما يعنى أن الحياه كانت تسودها روح القبيله فلا وطنيه ولا قوميه !! لهذا كان لبعض الشايقيه المشاركه كمرشدين للفاتح ولكنهم كانوا أفرادا وليس قرار جماعه , أو قبيله . ويظن البعض أن عملية حرق إسماعيل باشا بن الخديوى تمت بعد هزيمة الشايقيه مباشره كخطه خطها المك نمر . ولكن الحقيقه تقول أن المك بعد هزيمة الشايقيه قام بإستقبال الفاتحين إستقبالا إحتفاليا وقدم لهم الولاء والطاعه وأجاب كل طلباتهم .ولكن المحرقه حدثت بعد ذلك بسنين عندما حضر مندوب الخديوى لأخذ الجزيه وتجديد المعاهده !! وفى الإستقبال قام أحد أتباع المك بإطلاق عيار نارى مرحبا بالباشا وقد حدث خدش لأحد جنده أو روع الباشا والمهم فى الأمر أن الأسلوب أغضب الباشا وكانت ثورة غضبه تلك وقذف الغليون فى وجه المك كانت سببا فى تدبير المكيده وهنالك العديد من الروايات ونتمنى ألا يتسرع أصحاب الأفق الضيق فى التبرير فدار الوثائق البريطانيه والمصريه تحوى العديد مما نخبئه !!حدثت المحرقه , ولكن المك بدلا من تنظيم قوته وتجميع من حوله من القبائل قرر قرارا خاطئا وهو الهرب !! ونحن لانلومه فقد يكون ذلك هو الخيار الصائب فى ذلك الوقت ولكنا نلوم من قاموا بإلباس المك ثوب القوميه السودانيه وكأنه كان يدافع عن كل السودان !! فقد صار له شارع وكبرى والعديد من المواقع تم إطلاق إسمه عليها !! مع أن هنالك العديد من قادة الثوره المهديه طواهم النسيان وكأن المك كان أكبر قامة منهم !! تناول عصمت حسن زلفو معركة شيكان وكررى بتحليل عسكرى بارع وقام بكشف النقاب عن العديد من الوثائق بل تم له مقابلة بعض القاده أو الأفراد الذين عاصروا فتح الخرطوم بواسطة قوات الثوره المهديه وسقوطها فى يد كتشنر !!لايمكن أن نلوم قبائل الشمال بعد خضوعها قسرا لحكم المستعمر ولايمكن أن نجزم أن كل المكون السكانى كان راضيا بالمستعمر ولكن يجب أن نقر ونعترف بأن قيام الثوره المهديه تسبب فى ضياع مصالح البعض أفرادا أو جماعه ومن هنا كانت (المعارضه) بمفهوم اليوم للثوره المهديه !! ولهذا نرى البعض يمم( شطر السافل )مقدما خدماته للمخابرات البريطانيه منذ أول إنتصار للثوار ونرى مايسمى بالشيوخ قاموا بتدبيج الفتاوى التى تدعوا الناس لعدم الإعتراف بالمهدى أو مناصرته !! علما بأن المهدى من مواليد الولايه الشماليه !! ولكن بعد إنتصار الثوره وتكوين الدوله نرى ذات الشيوخ أو الدعاه يطالبون (بالمخصصات ) التى كانت تجريها على يديهم حكومة المستعمر !! ومع أن الخليفه عبدالله تورشين قام بتكوين مجلس شورى ولكن هذا المجلس لايخلوا من (المندسين) والعملاء وبحسب زلفوا فإن تعيين قائد معركة القلابات والتى تم فيها قتل ملك الحبشه منليك أوصى فيها مجلس الشورى بغير القائد الذى قام بقيادة المعركه ولكن الخليفه ولأول مره بحسب زلفو أرسل فى أثر الرسول من يخبره بتغيير القائد وكان القرار قد إتخذه الخليفه منفردا وقام بإلغاء أمر التعيين الذى وافق عليه مجلس الشورى !!عصمت زلفو (كررى) !!أما فيما يختص بمعركة كررى فذات المرجع يقول بأن (البطاريه) أى المدفعيه الخاصه بجيش المهديه كانت عباره عن 11 مدفع وأظنها أقل من الهاون ولكن قادة 9 من تلك البطاريات كانوا من المصريين الذين إسروا فى فتح الخرطوم !!! ويلومون الخليفه بتعيين أخيه وإبنه على قيادة الجيش ويتجاهلون أن الجيش كانت راياته تعقد بالجهات بل والقبائل وجيش كررى الذى أبرق قائده الخليفه بأن مقدمته فى أم روابه وميمنته فى الرهد وميسرته فى بارا كان من غرب السودان !!والقياده فى علومها تقول بأن منها قياده إقناعيه وأخرى إرغاميه !!فهل مقاتل ذلك الزمان كان من الفهم مايمكن من قيادته بغير الإرغام أو الطمع فى المغنم ومنهم من يرغب فى مغنم عند الخالق وهم قله !! هل ينقاد أولئك للأمير عثمان دقنه ؟؟ ولماذا لم يشارك أبناء الشرق بأعداد هائله ؟؟وكم أعداد الكتائب التى ذهبت لمصر من الشمال وتم تجنيدها وتقدمت لفتح بلدها وتسليمها للمستعمر ؟؟ وهل نحاكم أولئك بمنظور اليوم ؟؟ كلا . لماذا ؟ لأن مفهوم القوميه والوطنيه لم يكن معروفا بل كانت القبيله هى سيدة الموقف ولهذا كان حريا بالخليفه إسناد القياده للذين إختارهم من القاده !! فشقيق عبد الله ود سعد عندما تم القبض عليه وهو يقوم بواجب الإستطلاع بمفهوم اليوم لقوات العدو تم إعدامه !!هل نلوم الخليفه ؟؟ كلا . وهل كان يعلم شقيق عبد الله ود سعد أنه كان يقوم بدور العميل أو الخائن بمفهوم اليوم ؟ كلا . هو كان يرى بأن له ثأرا لدى الخليفه عبدالله وكان ينظر إليه كشخص جاء من الغرب وهذا الغرب فى مفهومه ليس غرب السودان بل هو إتجاه جغرافى فقط !!! وهل كان حكم السودان تحت إمرة الخليفه يخلو من الأخطاء ؟ كلا وهل يحق للخليفه أن يأتمن جانب من كانوا ضد الثوره التى آمن بها والذين وقفوا ضد رغبة قائد الثوره فى تعيينه خليفة له كيف يأمن جانبهم ويقربهم دون أهله ؟؟ وهو يعلم معارضتهم للثوره ومطامعهم بعد الثوره ؟؟ وهل حكامنا اليوم تخلصوا من تلك النظره الضيقه ؟؟ كيف نلوم أولئك الرجال وقد كان جل ماتلقوه من علم لم يتعدى (حفظ) القرآن حفظا فقط وأغلبهم لايفك الخط !! نلومهم على أخطاء نظل نرددها ليل نهار ونحن نسير فى طريقهم خطوه خطوه !! حتى أحقاد أجدادنا لم نكلف أنفسنا بمراجعة مواقفهم مع الحق كانت أم غير ذلك ؟ ؟ حتى ميولنا السياسيه نجدها تتأثر بمواقف الأجداد !! إذا جردنا الثوره المهديه من كل لبوس الدين وقيمناها كنظام حكم نجدها إرتكبت العديد من الأخطاء وهذا حال البشر , ولكنا لايمكن بأى حال من الأحوال أن ننكر أنها حددت معالم السودان الذى نعيش فيه الأمس واليوم جنوبه الذى ذهب وشماله المتآكل !! ورغم أنف القبيله والجهويه أسست المهديه دوله يتم فيها تداول السلطه بعيدا عن العنصريه البغيضه !! ولكن المستعمر عندما عاد كانت خطته جاهزه لشق الصف وللأسف الشديد كانت القلوب والأنفس قابله لتلقى تلك الجرعه المميته وكان واجبنا أن نقوم بتشخيص وتحليل. تشخيص علمى وتحليل منطقى ونتصالح مع تاريخنا وأنفسنا ولكن الجرعه التى صبها المستعمر فى رؤوس الأجداد كانت قابله للوراثه فتناقلتها الأجيال !! والمؤسف أن يقوم البعض بالتبرير لتلك الأخطاء من كل جانب !! واليوم نحن نرى العديد من المواقع والشوارع فى العاصمه والأقاليم تمت تسميتها بإسماء بعض سدنة النظام الحالى فى السودان !!وكأن السودان أصبح ملكا للنظام الحالى !! وكأن سدنته ممن ماتوا كانوا رموزا قوميه بحق وحقيقه ؟!؟!؟! هذه هى العقليه التى أوردتنا الردى !! بمنظور اليوم يمكن أن نطلق كلمة عميل على العديد من الأشخاص كما جعلنا من بعضهم أبطالا !! وهنالك العديد من الجواسيس والخونه والمندسين !! ولكن يخطئ من يحاكم شخصا بقانون لم يكن موجودا عند إرتكاب (المتهم) لذلك الفعل !! ولاتوجد محاكمة بقانون تم وضعه اليوم لنحاكم به متهما بجريمة أرتكبت قبل مائة عام !!! لنأخذ من التاريخ العبر وعلينا أن لا نهرب منه كعار يلاحقنا أو جريمه تم إرتكابها بواسطة أجدادنا كلا علينا أن نتصالح مع أنفسنا ونقف مع الحق نصحح نبرر نعلل ولكن لانجزم بمكمن الخطأ والصواب فتلك تخضع للعديد من العوامل والمؤثرات ماضيا وحاضرا وفى المستقبل تتغير بتغير الزمان والمكان ..فهلا بدأنا خطوه فى الإتجاه الصحيح؟؟؟ فهلا أخذنا العبر من تاريخنا وشهدنا بأعيننا كيف يعيش من إستعمرونا بعيدا عن القبيله والجهه ؟؟ ونحن على صفحات الراكوبه نجد تعليقات تقول بأن عقول مثقفينا مازالت تعيش فى عصر المهديه !! توفرت لنا كل سبل ووسائل الإتصال وإدارة النقاش والحوار ولكنا نشتم بعضنا بعضا ونسبه سبا لماذا لا نتناول قضايانا بهدؤ ورويه ونرى مكمن الخطأ فنقوم بتصحيحه ؟؟ والكل يعلم بأن القبيله لو كانت ذات فائده فقد كان أولى بها عمى الرسول صلى الله عليه وسلم –أبى جهل وأبى لهب – فلا فائده من قبيله ترجى ولا من جهة ..أرجو صادقا أن نتناول قضايا هذا السودان وماتبقى منه بروح النقاش المثمر وليس بأسلوب الإثاره المدمر والله المستعان ... إسماعيل البشارى زين العابدين حسين