السمة التي غلبت على الجهاز التنفيذي في مستوياته العليا خلال الفترة الاخيرة، هو انه كان مثقلا بالنزاعات الصغيرة والكبيرة، لا يجادل اي احد في انها استهلكت جزءا من وقت وجهد القيادة في احتوائها والتعامل معها، وافرزت اسئلة كثيرة عن الدوافع وراء هذه الصراعات. لا يحتاج المرء الى الرجوع الى الارشيف ليستقصى، فمن الذاكرة يمكن ان استدعاء الازمة الحادة بين وزير الخارجية ووالي جنوب دارفور على خلفية طرد منظمة فرنسية، ولم يجد الوالي اي حرج في ان يرفد الصحف السياسية بعنوان جذاب ومثير فحواه انه ليس موظفا لدى وزير الخارجية، وعلى حواشي العنوان نقلت الصحف عن كاشا انه سيطرد أية منظمة يثبت تورطها في اعمال تنافي رسالتها الانسانية. لم تخمد أزمة كرتي- كاشا حتى تفاجأت الاوساط السياسية بخلافات ملتهبة داخل وزارة الصحة دارت رحاها حامية بين وزير الدولة ووكيل الوزارة على خلفيات قال البعض انها مهنية بحتة، ورأى آخرون انها برائحة السياسة عندما اتهموا وكيل الوزارة بأنه عمل على اقصاء العناصر الاسلامية من الوزارة وهي تهمة رد عليها السيد الوكيل في حوار مع الزميلة اماني اسماعيل بالقول: - هناك قلة من الإسلاميين يرون أن ذهابهم الى الجهاد يؤهلهم لأن يكونوا مديرين أو أن يتولوا المناصب، ولكن من أولوني هذا المنصب أوصوني بأن اختار الأشخاص الأكفاء ولم يحدثوني عن توظيف الإسلاميين فقط. غبار الازمة في وزارة الصحة انتهى باعفاء وزير الدولة ووكيل الوزارة، والراجح ان القرار هدف الى تنقية الاجواء داخل وزارة الصحة من غبار الخلاف المعرّش في سمائها منذ زمن محاليل كور ودواء مرضى الكلى الهندي. في ثنايا هذه المعارك كانت الاخبار شحيحة حول تحديد الطرف الآخر الذي دفع البروفيسور الزبير بشير طه والي الجزيرة الى تقديم استقالته والطلب من القيادة باعفائه كما اوردت بعض الصحف. حتى جامعة الخرطوم لم يعصمها تاريخها بكل مجده وعظمته من ازمة الصراع، اذ حارب مديرها السابق في أكثر من جبهة كانت اشدها مع صندوق رعاية الطلاب فخسرها المدير وخسر منصبه، وبقيت البركس(موضوع الصراع) مجرد شاهد وربما ضحية. ولولا ان التلفزيون طوى جراحات الخلاف بسرعة بين مديره العام ومسؤول الاخبار والشؤون السياسية وتعافى بسرعة لكان هو الآخر ضمن قائمة المؤسسات(الملتهبة). مالك طه