بوينس ايريس - كلاوديا ريجينا مارتينث - في الوقت الحالي تحيض 25% من النساء كل شهر معظمهم لا يذكرون ذلك وهو ما يجعلهم يشعرون بالذنب بل وبالتذبذب أكثر من أي وقت آخر ،ومن المعروف أن جسد المرأة يستعد مرة واحدة كل شهر للحمل ولكن إذا لم يتم تخصيب البويضة فإنها تموت ويبدأ الحيض الذي هو أكثر العمليات طبيعية في الحياة ومع هذا فهو عملية مؤلمة، بدنيا وأحيانا نفسيا أيضا، أحاطت بها الخرافات طوال قرون وقامت عليها الكثير من الأعمال التجارية ي كثير من الثقافات البدائية وشعوب السكان الأصليين يحتفلون مع بداية الدورة الشهرية وظهور الحيض حيث يعتبرون أن ذلك له احترامه الخاص وواجب تبجيله لأنه يتبع دورة القمر الشهرية ويرون أن هذا وقت مخصص للتفكير وتجديد الطاقة واستعادة الأنثى لقدرتها على العطاء. أما في المجتمعات الغربية، فعلى العكس من ذلك، فإن هذه الفترة بالنسبة لكثير من النساء هي فترة سلبية يجب أن تحاط بالسرية والغموض وهو ماله تأثير سيء مباشر على الصحة. وهنا يأتي السؤال لماذا نعتقد أن دم الحيض سلبي وقذر دم فاسد إذا كان قد وجد ليحاط بالجنين ومن هو المسئول عن هذه المحرمات أو التابوهات التي نعيش عليها. في الإعلانات نادرا ما نستخدم لفظ حيض أو الدورة الشهرية وإنما تذكر هذه الفترة بتلك الأيام ويتحدث عن المنتج وقدرته الفائقة على الامتصاص والسائل والرسالة التي يقدمها الإعلان أن المنتج سوف يجعل هذه الفترة غير مزعجة قدر الإمكان. وطبقا لإحصائيات شبكة (WOMEN,S ENVIROMENTAL NETWORK) أو المعروفة اختصارا ب(WEN) لعام 2001، فإن 24 مليون جنيه إسترليني تخصص سنويا للدعاية للفوط الصحية النسائية وهو ما يعني بركانا متفجرا من الصور والعبارات الدعائية التي تساهم وتزيد من التصورات السلبية الاجتماعية والثقافية حول الحيض ناهيك عن التلوث البيئي الناتج عن استخدام الفوط الصحية حيث تقدر شبكة (WEN ) أن معدل استهلاك المملكة المتحدة وحدها من الفوط الصحية يصل إلي 3000 مليون فوطة صحية كل عام. ويتناول الفيلم الوثائقي(القمر بداخلك)عام 2009 وهو إنتاج أسباني سلوفاكي مشترك هذه القضايا من خلال معالجة مرهفة الحس وخفة ظل فريدة من جانب مخرجة الفيلم ديانا فابيانوفا، حيث حاولت من خلال العمل تسليط الضوء على مختلف التفاصيل وأدقها حول ظاهرة الحيض حتى الوصول إلى الطبيعة المزدوجة من كونها تجربه حميمة وفي الوقت نفسه هي عملية لها دورها في البناء الاجتماعي . ترتبط فترة الدورة الشهرية بالكثير من الأمور السلبية بالنسبة للرجال حيث يبدأ التابو وتبدأ الخرافات في الظهور ولا تزال بيننا إلى يومنا هذا وعلى رأس هذه القائمة أن النساء لا تصنع المايونيز، الذي يدخل البيض كمكون أساسي فيه، أثناء فترة حيضهن. ولطالما سمعنا العديد من الطرائف والخرافات عن الدورة الشهرية والنساء وما تفعله بهن والتي ساهمت في نقلها عبر التاريخ نساء أيضأ، ومن أبرزها أنه من الممكن أن تسقط حشوة الاسنان إذا تمت خلال فترة الحيض. ولا يعرف إذا كان طبيب أسنان (مختل) أو مريضة (جبانة) هي التي اختلقت هذه الرواية السخيفة، ولكن حقا ما دخل الدورة الشهرية بحشوات الأسنان. الأمر لا يعدو أن يكون مجرد خرافة ليس لها أساس من الصحة. ومن العادات الخرافية المرتبطة بفترة الحيض في الثقافة الشرقية وخاصة بين الأوساط الشعبية في مصر، أن المرأة الحائض لا تزور امرأة قد وضعت مولودها حديثا حتى لا يجف اللبن في صدرها وكذلك لا تزور الحائض عروسا في بيتها حتى لا تصيبها بلعنة عدم الإنجاب، هذا بخلاف المحاذير الدينية عن عدم تمكن المرأة من أداء فريضتي الصلاة أو الصوم أثناء فترة الحيض، وهو ما استغله بعض من أساؤوا تفسير الدين في وسم المرأة بالنقص، أو لاعتبارها كائنا أدنى وهو الأفكار التي تحاول المجتمعات الشرقية الآن في سعيها للحرية، للتخلص منها. وفي الفيلم الوثائقي نجد الاستفسارات والاستجوابات حول آلام الحيض والتي عانت منها كثيرا فابيانوفا نفسها وقدمت العديد من الحلول لتجنب هذه الآلام ومنها ممارسة الرقص الشرقي وعمل المساج أو التدليك الخفيف لمنطقة المبيضين وهناك اختصاصي قدم حلا أبسط من ذلك ألا وهو (الاستمناء). وتعارض مخرجة الفيلم نظرية طبيب برازيلي ببيع نوع من العقاقير تمنع الحيض وترى أنها فكرة يجب ألا تتبعها السيدات وفي واقع الأمر فإنه يوجد حبوب منع الحمل التي تجعل المرأة تحيض كل أربعة أشهر ولكن يجب أن نضع نصب أعييننا العواقب الوخيمة للتلاعب في مستويات الهرمون الطبيعي. وهناك موقف من وحشية رجال الأعمال الذين ينتجون الفوط الصحية حيث يطالب المستهلكون من الجنسين أن تكون الفوط الصحية أرخص. والطريف في الأمر أن الاستغلال التجاري لهذا الأمر، لم يتوقف عند حد، فقد بدأ في السنوات الأخيرة تصنيع ما يعرف ب"كأس الدورة الشهرية" وتقوم بتصنيعها اثنان من كبرى الشركات المنتجة لأدوات الحيض وهو عبارة عن كأس صغير من السيليكون الطبي يبلغ طوله 5 سنتيمترات تدخله المرأة في المهبل لتجميع دم الحيض. ومع هذه الكؤوس فلا حاجة لمزيل العرق ولا المواد الهلامية والماصة ولا الصدمات النفسية الناتجة عن التخلص من هذه الفوط الصحية وطبقا للإحصائيات فإن المرأة تستخدم حوالي 10000 فوطة صحية في عمرها في حين أن الكأس الشهرية يمكن استخدامها لسنوات كل ما يجب عمله هو غليها قبل الاستخدام ثم غسلها بالماء وهذا المنتج لا يعرفه الكثير فهو ليس مربحا مثل الفوط الصحية فتكلفته 30 يورو أو ما يعادل 5ر41 دولار ويمكن استخدامه على مدار 10 سنوات . وحول مدى سعادة المرأة خلال فترة حيضها ظهرت العديد من الكتب الحديثة التي تعاملت مع هذه القضية ومنها كتاب(القمر الأحمر) للكاتبة ميراندا جراي والتي تهدف إلى التعمق فيما يحدث للمرأة أثناء الدورة الشهرية فعلى سبيل المثال فإن هذا الجسد الذي تجعله الطبيعة يقوم بعملية دفع قويه يكون أكثر عرضة للخطر وأن هذا الانفعال والهياج الذي يظهر في التعاملات مع الناس في مثل هذه الأوقات هو أمر طبيعي جدا وليس عليها أن تشعر بأنها سيئة أو أن توجه اللوم لنفسها على ذلك