حرية الاعلام تواجه قيودا اكثر من اي وقت مضى اضافة لضغوط متعددة ورقابة من جهاز الامن والمخابرات. ميدل ايست أونلاين مصادرة الصحف بشكل عشوائي الخرطوم - يؤكد رئيس تحرير صحيفة "الايام" السودانية محجوب محمد صالح الذي بدأ عمله الصحافي قبل ستة عقود ان الصحافة في السودان لم تشهد مثل هذه القيود والضغوط معتبرا ان الفترة الحالية هي الاصعب. وقال الصحافي المخضرم البالغ من العمر 88 عاما والذي بدأ عمله الصحافي عام 1949، "انها الفترة الاصعب للعمل كصحافي". ويضيف ان الصحافة السودانية تواجه قيودا اكثر من اي وقت مضى اضافة لضغوط متعددة ورقابة من جهاز الامن والمخابرات. وكان جهاز الامن والمخابرات قام باكبر عملية ضد الصحافة المطبوعة عندما صادر نسخ اربعة عشر صحيفة ليوم واحد في شباط/فبراير الماضي وعاد وصادر نسخ عشر صحف في ايار/مايو الماضي. وقالت منظمة "مراسلون بلا حدود" التي تراقب الحريات الصحافية ان عمليات مصادرة الصحف "بشكل عشوائي وواسع النطاق تشكل عمل رقابة غير مقبول". وربط بعض المراقبين مصادرة الصحف بانتخابات نيسان/ابريل التي ادت الى فوز الرئيس عمر البشير بولاية جديدة من خمس سنوات. لكن في ايار/مايو صادر عناصر امن نسخا من عشر صحف لنشرها تقريرا حول "التحرش الجنسي ضد الاطفال "مع ان جهاز الامن والمخابرات من النادر ان يقدم مبررات لمصادرته الصحف. واضاف صالح "انها عقوبة اقتصادية بافتراض ان الصحيفة ارتكبت جريمة ولكن لا احد يعرف ماهية هذه الجريمة ". ومنذ ان اسس صالح صحيفة الايام المستقلة في عام 1953 قام بتغطية عدة احداث، من استقلال السودان من الاستعمار الانكليزي المصري وحتى انتخابات نيسان/ ابريل الماضي التي اعطت الرئيس السوداني فترة خمس سنوات جديدة لرئاسة السودان. وخلال عمله على مدى 66 عاما اعتقلته الاجهزة الامنية عدة مرات حتى انه لا يتذكر عددها كما حظرت صحيفته من الصدور في الخمسينات وتم تاميمها لمدة ستة عشرة عاما بدءا من عام 1970. لكنه يشدد على ان الوضع الحالي يواجه تحديات اكثر من اي وقت مضى. واضاف "امل الا اصحو صباح الغد واتلقى اتصالا يخبرني بان صحيفتي لم تصل لقرائها". وبالرغم من ان صحيفته صودرت مرات اقل من بعض الصحف الاخرى، لكن التخوف من الخسائر الاقتصادية جعله يقلل عدد النسخ المطبوعة يوميا حتى انه وصل الى ثلاثة الف نسخة يوميا . وقدر خسائر الصحيفة التي تطبع عشرين الف نسخة بثلاثين الف جنيه سوداني عادلت (خمسة الف دولار اميركي ) عند مصادرتها . ويعمل الصحافيون السودانيون في ظل قيود يفرضها جهاز الامن والمخابرات منذ ان وصل البشير للسلطة بانقلاب عسكري مدعوم من الاسلاميين في عام 1989 . وفي حال نشرهم لقصص محددة حول النزاع في اقليم دارفور غرب البلاد او في منطقتي جنوب كردفان والنيل الازرق او بعض المواضيع السياسية او تناول بعض قضايا الفساد فانهم قد يعتقلون او يتم التحقيق معهم او يتعرضون للضرب. ومع صدور قانون الصحافة في العام 2009 والذي رفع الرقابة ما قبل النشر، لم يتغير شيء كثير فالسودان ما زال يحتل المرتبة 174 من بين 180 دولة وفقا لمؤشر "مراسلون بلا حدود" لحريات الصحافة للعام 2015 . وتواجه الصحف قائمة غير مكتوبة او محددة من محظورات النشر . وقال صالح "كل اللوحة مطلية باللون الاحمر، ليس هناك خطوط حمراء". واكد ان وزارة الاعلام ومجلس الصحافة، الجهاز الحكومي المسؤول عن ادارة شأن الصحافة، من المفترض ان ينظرا في الامر ويطبقا قوانين الاعلام السودانية. لكن في الحقيقة جهاز الامن هو من يقوم بالمصادرات عندما يعتقد بان الصحافة خرقت القوانين . واضاف صالح "كل شؤون الصحافة الان يتولاها جهاز الامن". ونجت صحيفة صالح من المصادرة في شباط/فبراير وايار/مايو الماضيين ولكن صحيفة "الانتباهة" القريبة من الحكومة صودرت في المرتين وعلق صدورها لمدة اسبوعين في ايار/مايو على خلفية المقال الذي اشار الى "التحرش الجنسي ضد الاطفال". وقال الصادق الرزيقي رئيس تحرير الانتباهة والذي يشغل في الوقت نفسه منصب رئيس الاتحاد العام للصحافيين السودانيين "في السابق كان جهاز الامن لديه خطوط حمراء متصلة بالمواضيع السياسية والامنية لكن المصادرة الاخيرة لعشر صحف كانت بسبب موضوع اجتماعي". ويقول صالح انه لا يتم تقديم تبرير رسمي بعد اي مصادرة. وقال "علينا ان نعمل في ظل حالة من الغموض ووضع غير واضح". والان يعد البرلمان السوداني لاصدار قانون جديد للصحافة هو السادس منذ ان وصل البشير للسلطة في عام 1989 . ويشدد محجوب محمد صالح على ان الفرصة الوحيدة لتطوير حرية الاعلام في السودان تكمن في الحوار الوطني الذي دعا اليه البشير رغم قناعته بان فرص الحوار قد تراجعت. وقال "مازال لدينا امل بان الحوار الموعود سينهض على الرغم من انه ليس هناك مؤشرات على ذلك ولكننا نأمل".