منذ أن ظهر وباء الكوليرا في النيل الأزرق وإنتشر مثل النار وعم ولايات السودان، في ظل تجاهل وزارة الصحة الإتحادية وتراخي موقف الوزير (الزير) ابو قردة حيال إعلان كارثة وباء الكوليرا والتصدي لها او السماح للمنظمات بتولي ما عجز عنه الوزير ووزارته، دفعنا برأي يطالب الوزير بتقديم إستقالته وترك الوزارة لمن يجدر به إدارتها، لكن الوزير ومن حوله (سدوا آذانهم بأصبعهم العشرة) ورفضوا الإستجابة لكل نداءات الإستغاثة، سوا كانت من المواطنيين او النشطاء او المجموعات المهتمة بشؤن حياة الإنسان وحقوقه السياسية والمدنية والإقتصادية. وتوالت الأحداث منذ ذاك الوقت القريب، وتواصل الحراك الثوري في البلاد، كما تواصل فشل وزارة ابو قردة الإنقاذية، ونتيجة لتراكم السياسات الفاشلة تجاه الصحة وإهمال حياة المواطن السوداني، وصرف اموال الدولة في شراء الأسلحة الكيميائية الفتاكة والمحرمة دوليا لقهر شعبنا في السودان. تفجر إضراب الأطباء السودانيين يوم الخميس السادس من اكتوبر، ليعطي شكل جديد لأوجه الصراع الدائر في بلادنا بين النظام الفاسد والشعب بكل مكوناته. ويعتبر هذا الإضراب من اقوى الإضرابات التي تم تنفيذها في السودان، وتجمع حولها عدد كبير من دعاة التغيير والتحرر، ورغم خطاب النظام الذي جاء علي لسان الوزير الصغير (مامون حميدة) والذي وصف الإضراب ب(السياسي) رافضا إستجابة حكومته لمطالب الأطباء المشروعة اخلاقيا وانسانيا، إلا أن الثورة التي تغلي في نفوس الشعب السوداني لم تهزها او تهزمها مثل هذه الخطابات الضعيفة التي تعبر عن عجز وشلل النظام الحاكم، بل كانت دافع لتوسع مساحة الأعمال المناهضة للظلم والدكتاتورية في البلاد. ويدخل الإضراب يومه الثاني علي التوالي وسط ترحيب وتضامن داخلي وخارجي، وحسب بيانات وتقارير لجنة الأطباء التي نتابعها عن كثب، فان الإضراب لن يتوقف حتي تعود حقوق الإنسان السوداني، والتي يكفلها القانون الدولي لكل الشعوب، وترفض حكومة الخرطوم تنفيذها حتي يعيش المواطن في حالة صحية صحيحة. فلا شك في أن النظام الذي ارسل قواته لمحاصرة مستشفيين (ام درمان - سنار) لفض اجتماعات الأطباء وكسر احتجاجهم، سيواصل النظام في مثل هذا المسلك الخطير الذي تعود عليه علي مدار تاريخ حكم الإنقاذيين، لكن الأطباء يديرون حراكهم بوعي ومهارة عالية، ولن يجد النظام ضالته، وما يفكرون فيه من مضايقات أمنية للأطباء السودانيين لن يقطع حبال الثورة السودانية. اعتقد أن الوقت قد اقترب لربط العصيان المدني الشامل بالإنتفاضة القائمة في المدن والقرى لتكتسح كل الأراضي السودانية وتعلن ميلاد فجر جديد لشعبنا، والوقت قد اقترب لتوجيه الضربة الأخيرة لنظام افسد حياة السودانيين وتسبب في الحروب والمجاعات والإبادات الجماعية، وعليه نتقدم بالتحايا لكل الأطباء الشرفاء ونؤيد اضرابهم وندعوا كل العاملين في القطاع المدني لإعلان رفض انتهاك حقوق الإنسان، كما ندعوا كل الشعب للنزول الي ميادين النضال من أجل تقرير مصير السودان. فما قام به هؤلاء الأطباء يعبر عن إنسانيتهم ووطنيتهم وجدارتهم لقيادة وزارة الصحة وإدارة حياة المواطن السوداني، لأنهم ترجموا ذلك من خلال مواقفهم الثابة ومطالبهم الموضوعية. وعلي الوزير ابو قردة تذكر وصيتنا (الإستقالة) التي فوتها بصمته وتجاهله، والآن نطالب برحيله الي غياهب التاريخ بعد محاكمته، لا بد من اسقاط وزير الصحة واعادة هيكلة الوزارة بشكل جديد حتي تكون الواجهة الإنسانية المشرقة وتشرف تاريخ السودان والسودانيين. وينطبق ذات الوضع علي كل مؤسسات الدولة الرسمية التي تعاني من وباء البيروقراطية الإنقاذيوية وافرازات المشروع الحضاري الذي اسقط حقوق الإنسان وارجع الشعب السوداني الوراء عاكسا مفهوم الحضارة بالتخلف ثم الخسارة. علينا أن نسرع في دفع عجلة التغيير، لأننا في سباق حقيقي مع الزمن والتاريخ، وعلينا أن نفتح صفحات تاريخنا لنأخذ دروس الكفاح الثوري لشعبنا خاصة مع توسطنا شهر اكتوبر الذي اسقط فيه شعبنا نظام مايو النميروي بانتفاضته الباقية في وجدان شعبنا. فهل نستطيع الدخول الي عمائق الكتب لأخذ الدروس والعبر والخروج الي الساحة الثورية بانتفاضة اكتوبر الثانية لجز جزور الإنقاذ وكسر سجون طغاتها وطي حقبة الظلم والفساد والإبادة، من أجل اعادة بناء دولة سودانية متقدمة ومتطورة في كافة المجالات، هل نستطيع تكوير ذلك التاريخ وتطويعه ليكتب لبلادنا فصل اكتوبري سعيد بقلمه الذهبي. اعتقد اننا قادرين علي تحقيق ذلك بكل صمود وثبات، وستخرج بلادنا الي بر الأمان، والذين وضعوا شعب بلادنا في هذا المنعطف الظلامي لا بد من معاقبتهم بمثل ما صنعوا بنا بموجب القانون العادل. وسنغني غدا لسوداننا الحر ولشعبنا الأبي باسمك الأخضر يا اكتوبر الأرض تغني سعد محمد عبدالله [email protected]