"المدخن الشره الذي يقرأ الكثير عن أخطار التدخين لا بد ان يقلع يوماً عن القراءة" .. ونستون تشرشل ..! أرسلت إحدى صديقات "هناك فرق" رسالة عن تجربة زوجها مع الإقلاع عن التدخين .. تقول صاحبة الرسالة: "منذ أول لقاء لاحظت أن زوجي يدخن كقطار الفحم فعزمت على أن أكون السبب في إقلاعه عن التدخين.. واتبعت سياسة المضايقة والتذمر من دخان السجائر، وعندما لم أفلح انتقلت إلى سياسة التهكم عله يصاب بعقدة ما فيقلع عن هذه العادة .. فكنت على سبيل المثال أردد على مسامعه كلما ضحك أن ضحكته مزعجة وتشبه صهيل عشرات الخيول المريضة، فكان يزداد عناداً و(تطنيشاً)..! انتقلت بعدها إلى التظاهر بأنني قد تحولت إلى (مدخنة سلبية) كما يحدث مع الذين يجالسون المدخنين طوال الوقت وعليه فقد قررت أن أقلع عن هذا التدخين السلبي لأني أخاف من أن أصاب بالسرطان الذي هو مصير معظم المدخنين.. وعليه فلا تدخين داخل المنزل .! لكنه أصبح يقف على عتبة المنزل كالمتسولين ويدخن بشراهة أكبر، أي أن سياسة تضييق الخناق لم تجد معه نفعاً، عندها أدركت أن المدخن (مدمن حقيقي) يتحول إلى شخص آخر غير الذي نعرفه ويتعامل مع كل من يحاول أن يحرمه من السجائر بكثير من الأنانية والسماجة والعناد ..! وذات يوم استيقظ زوجي من النوم على نحو مفاجئ وقال بأنه (سوف يترك التدخين)، هكذا بلا مقدمات أو أسباب ملحة ظاهرة، ومنذ تلك اللحظة لم يعد ينتمي إلى عالم المدخنين.. وكلما جاءت سيرة التدخين في أي محفل يخاطب الجميع قائلاً: (الله هداني).. (والله بس هداية من الله).. أي أنه قد ترك التدخين بمزاجه وليس من أجل سواد عيني ..! لصديقتي القارئة أقول: لعلك لا تعلمين أن أن سياسة تضييق الخناق على الشخص المدخن بهدف تقنين أوقات تدخينه حتى ترتبط عادة التدخين لديه بالأماكن والأوقات غير المناسبة – تلك السياسة التي فشلت أنت في تطبيقها ذات يوم- هي سياسة مطبقة عالمياً، تتبناها حكومات الدول المتقدمة بكثير من الأمل والتفاؤل وتراهن على نتائجها بحماسة كبيرة ..! قبل سنوات فقد المدخنون في فرنسا آخر الأماكن العامة التي كان في وسعهم إشعال سجائرهم فيها مع دخول قرار (حظر التدخين في المقاهي والمطاعم) حيز التطبيق .. وأي تجاوز أصبح خروجاً على القانون يعرض صاحبه لغرامة مالية، كما يعرض صاحب المقهى أو المطعم الذي يتغاضى عن هذا السلوك لغرامة مالية أخرى ..! تطبيق مثل هذه القرارات في بلادنا قد تثير حيرة المدخنين وارتباكهم، خصوصاً أولئك الذين تشكل جلسة المقهى جزءاً أساسياً من حياتهم اليومية.. مؤكد أن بعضهم سيقفون على أبواب المطاعم بمذلة كالمتسولين لتدخين سيجارة قبل العودة لتناول الطعام.. وقد يتواطأ معهم أصحاب المطاعم الخائفين من تراجع مواردهم بسبب هجران المدخنين لمحلاتهم .. وقد تواجه مثل هذه الحملة انتقادات قاسية من أصحاب المقاهي والمطاعم ..! لكن يبقى قرار حظر التدخين في المقاهي والمطاعم وصالات الإحتفالات وسائر الأماكن العامة فكرة سديدة لحماية مئات المواطنين الذين يصتبون بأزمات التنفس في الاماكن العامة بسبب التدخين .! أما صحفنا المحلية فقد ينطبق عليها المثل القائل " طعام زيد سم لعمرو" بعد أن تغزوها الإعلانات التي تروج لمستحضرات متنوعة تحتوي على مادة (النيكوتين) التي يمكن مضغها أو ابتلاعها في شكل أقراص والتي تساعد المدخن في التعويض عن حاجته للتدخين ..! من جهتي أعتقد بأن سياسة تضييق الخناق هي الحل الأمثل مع أولئك الذين يعتقدون أن قرار الإقلاع عن التدخين لا يحدث إلا بعد اقتناع حقيقي، لا يحدث أبداً في الغالب .. ولنا في تجربة الصحابة مع سياسة التدرج في تحريم الخمر، أسوة حسنة .. فهل من مُذَّكِر ..؟! أخر لحظة