منذ بداية التفاوض مع المجلس العسكري كان هنالك اختلاف حول مدى إتساق العملية التفاوضية مع الثورة وتحقيق اهدافها ، لم يكن هذا الصوت غالباً ولكنه ظل صوت موجود ، وبعد حدوث الاتفاق الاول ، ووضوح ان هنالك اختلاف حول مجلس السيادة بدأت الاصوات الضاغطة علي الحرية والتغيير تتزايد مطالبة اياها بعدم تقديم تنازلات مخلة تتناقض مع فكرة وجود غالبية مدنية مطلقة في مجلس السيادة ورئاسة مدنية ، بينما كانت هنالك اصوات تنادي بالمرونة حتي لو ادي الامر الموافقة علي مجلس سيادة بغالبية ورئاسة عسكرية . قوي الحرية والتغيير قد تعتبر اكبر تحالف مقاوم نشأ في تاريخنا السياسي في السودان ، وقد ساهم وجوده اي التحالف بما يحتويه من تنوع في توحيد السودانيين/ات ، ويحتوي الجسم علي خليط من التنظيمات السياسية بالاضافة للمكونات المهنية والمدنية ، توحدت مكونات قوي الحرية والتغيير وتوحد معها كل الشعب السوداني بشعار اسقاط البشير ؛ بعد سقوط البشير وخلفه بن عوف تحولنا الي خيارات التفاوض مع المجلس العسكري ؛ نفس الجسم الذي كان موحداً تحت شعار واضح هو اسفاط البشير لم يكون بذات الانسجام عندما تحولنا الي مرحلة الخيارات التفاوضية ؛ ليست قوي الحرية والتغيير لوحدها بل كل قطاعات الشعب السوداني ظهر فيها هذا الاختلاف ، قوي الحرية والتغيير اي مكوناتها تتراوح فكرياً ما بين قوي تنادي بالتغيير الجذري واخري اكثر محافظة تتبني التغيير الممرحل واحري وسطية بين ذلك كله ؛ لذلك فان الخيارات التفاوضية في حال هذا النمط من التحالفات يصعب ان تعبر عن اتجاهات في أقصي المحافظة او الثورية . المحافظة علي وحدة قوي ابحرية والتغيير في هذه المرحلة وحتي تضنج مؤسسات الفترة الانتقالية فرض عين سياسي ، واي أضعاف او نشكيك في جدواه حالياً يضعفه امام خصومة ويقلل من جدواه ؛ ومهما ً كانت خياراته في الانتقال للسلطة المدنية فهي تفسح المجال مستقبلاً للمشككين من جدواه ؛والمقللين من قدراته علي قيادة الثورة في انتاج قيادات جديدة تعبر عن تطلعات الثورة والثوار ؛ النقد المستمر لقوي الحرية والتغيير مطلوب ولكن من المهم ان ندرك انه خيار وحدتها ووحدتنا جميعاً هو شرط العبور لسلطة انتقالية مدنية . خيارات التفاوض التي تطرح لا تعبر بالضرورة عن تفاوت اخلاقي ؛ فكل المواقف التي يتم تبنيها لديها سندها الاخلاقي والعملي ، فلا يمتلك موقف حظاً اخلاقيا اكثر من الاخر ، وبوضوح لا اظن ان مشكلتنا في قوي الحرية والتغيير مرتبطة بالموقف التكتيكي الذي نتبناه ؛ بل في قدرتنا وشفافيتنا في طرح مواقفنا للجماهير سندنا والجهة التي نفاوض باسمها ؛ تنقلنا بين مواقف التفاوض ثم رفض التفاوض وتسقط ثالث عقب المذبحة ؛ثم عودتنا للتفاوض الغير مباشر ثم الانخراط في التفاوض المباشر ليس خطا في حد ذاته بل الخطأ في ضعف التواصل مع الجماهير وشرح تنقلاتنا التكتيكية للناس بما يضمن شراكتهم ودعمهم او تصويبهم لما تقوم به ، العصر القادم وما أثبتته الثورة ان السيادة للجماهير و يقتضي ذلك عناية افضل بتوفير مساحات لمشاركتها بل وقيادتها للفضاء العام . ختاما : نحن علي اعتاب ختام مرحلة من مراحل الثورة التي نقلتنا من واقع الاحباط و المسغبة الي حال التطلع الي سودان المستقبل سودان جديد ننعم فيه بالحرية والعدالة والمساواة والتنمية ؛ علينا ان نتمسك بوحدة الحراك الجماهيري ووحدة قوي التغيير فلا زالت معركتنا مستمرة ولا زالت دواعي الوحدة ملحة ؛ وعلينا في فوي الحرية والتغيير التعاطي بشكل شفاف واكثر تشاركية فذلك حق للجماهير وهو الضامن لالتفافها حتي اكمال اهداف الثورة .