وضح بما لا يدع مجالا للشك أن السيد حمدوك يسير في الاتجاه الصحيح لتكوين حكومته، طالما لم يتنازل عن المعايير الصارمة التي حددها لاختيار الوزراء. ومن جانب آخر، وضح بما لا يدع مجالا للشك أيضا، أن اللجنة المكلفة من الحرية والتغيير لترشيح الوزراء، لم تعمل بمعايير صارمة لترشيح الوزراء، والأدلة على ذلك تتمثل في: 1. السيد حمدوك أرجع مجموعة كبيرة من الاسماء لضعف خبراتها العلمية والعملية 2. الفحص الأمني أرجع اسماء متورطين في عمليات فساد 3. أحزاب مشاركة في الثورة أشارت إلى أن الحرية والتغيير تركت ما تم الاتفاق حوله من معايير ولجأت لممارسة المحاصصات الحزبية أو ترشيح من تدثروا بثياب الثورية دون مؤهلات لمناصب الوزراء. 4. اللقاءات الصحفية مع بعض المرشحين بغرض تلميعهم للمناصب الوزارية، أفرزت ضعف إمكانياتهم بل بعيدين كل البعد من المنافسة على وظائف مدراء المصالح والإدرات المختلفة. ومن أمثلة ذلك مرشحة لوزارة اجتماعية تنحصر خبرتها العملية في العمل كمترجمة في برلمان النظام المحلول، لكنها روجت لنفسها صحفيا لتعزيز ترشيحها كمناضلة تم سجنها اثناء المظاهرات، اختارت خطاب عاطفي لكسب ود الحمقى. لكل ذلك، يتضح أن لجنة الحرية والتغيير لم تول هذا الملف استحقاقاته المطلوبة وهذا إنما يدل على أنها لم تستعن بخبراء لترشيح الوزراء، وإن كان الأمر خلاف ذلك فلتعلن عن نفسها وعن مؤهلاتها للقيام بهذه المهمة وعن اسماء من استعانت بهم من خبراء. الآن، وبعد أن بذلت الحرية والتغيير جهدا مقدرا أسفر عن ترشيح أكثر من ستين مرشحا، اختار منهم حمدوك عددا لا يتجاوز أصابع اليد، اعتقد أن آن الأوان كيما تكون للثوار كلمتهم في هذا المنعطف الخطير في مسار الثورة. فالثوار ابتداءا فوضوا أمرهم لتجمع المهنيين، وبمرور الزمن تلاشى تجمع المهنيين في أحزاب قوى الحرية والتغيير. بارك الثوار تولي الأحزاب لمهام المفاوضات ولم يختلفوا معها حول نتائج المفوضات، لكن الأحزاب تنصلت عن الشعارات المرفوعة ومن أهمها تكوين حكومة من كفاءات مستقلة. مهما يكن من أمر، رفض الترشيحات من السيد حمدوك يعني أنه من الصعب جدا على قوى الحرية والتغيير اختيار بدلاء وبالضرورة أن أؤلئك البدلاء (إن وُجِدوا)، فلا شك أنهم أقل تأهيلا من سابقيهم وإلا لماذا لم يتم ترشيحهم في بادئ الأمر. لأجل كل ذلك، أرى أن يمارس الثوار دورهم كحاضنة أساسية للثورة، وأن يفوضوا السيد حمدوك لإكمال المتبقي من الوزراء في الحكومة والسيد حمدوك من يعلمونه. فعلى الثوار، إن رأوا هذا الطرح مناسبا، فليعملوا على تحويله لواقع ملموس اليوم قبل الغد ومن ثم يكونوا قد شاركوا مشاركة فاعلة تضمن لهم تعيين الحكومة المؤهلة لانجاز شعارات الثورة … شعار المرحلة (كلنا حمدوك) هاشم الخليفة عثمان